على رغم الهمّ الكوروني، الذي يقلق الجميع ويجعلهم يعيشون على أعصابهم فإن”القوات اللبنانية” تبدو مرتاحة سياسيًا، وهي التي إختارت ألاّ تحرق أصابعها في حكومة غير معروفة الأصل والفصل، وإن كانت تعرف جيدًا أنها مدموغة بخاتم لا تضيع ملامحه، وهي بارزة للعيان، مع العلم أن صاحب هذا الخاتم قد خرج من عقدة تبنّيه لحكومة حسّان دياب، وأصبح دعمه لها من فوق السطوح، بينما كانت المجاهرة بهذا الدعم من الممنوعات.
تشكر “القوات” ربّها ألف مرّة لأنها قررت عدم المشاركة في أي حكومة بعد 17 أكتوبر، وهي كانت إنسحبت من حكومة الرئيس الحريري قبل أن يقدّم إستقالته، وذلك ليس تهرّبًا من تحمّل المسؤولية، كما تقول مصادر مقرّبة من معراب، بل لأنها تعتقد أن الحلول للأزمات المتراكمة والمكدّسة لن تأتي في زمن العهد الحالي لأسباب عدّة، وقد يكون من بينها تعقيدات الأزمة الإقليمية، التي ربط لبنان نفسه فيها غصبًا عنه، يوم أصبح “حزب الله” جزءًا من هذه الأزمة، وذلك قررت أنها لا تريد أن تحرق اصابعها في هذه الفترة الحرجة، وفضلّت الإنتظار في الصفوف الخلفية، من دون أن يعني ذلك أنها أنسحبت من الحياة السياسية، خصوصًا أنها ترى أن الأزمة الإقتصادية ستشهد، بعد إنحسار جائحة الـ”كورونا“، مزيدًا من التأزم، وقد زادت تداعيات الـ”كورونا” من مضاعفاتها وإنعكاساتها السلبية على كل مفاصل الدولة، وهذا الأمر سينعكس بسلبياته على عمل الحكومة التي ستجد نفسها مكبّلة، وعندها لن يعود الدعم الذي يقدّمه “حزب الله” له يجدي نفعًا، لأن الآثار السلبية لـ”كورونا” ستطاول الجميع، وبالأخص الأحزاب التي تُعتبر جماهيرية، والتي تُخصص لها موازنات يُحسب لها حساب.
ووفق نظرة “القوات” إلى الأمور فإن خسائر جائحة كورونا ستكون كبيرة جدًا، ليس فقط على الوضع الإقتصادي اللبناني، بل على الصعيد العالمي، حيث يتوقع كثيرون أن تكون النتائج كارثية، وبالأخص على الدول التي تعتمد في إقتصادها على المساعدات الخارجية، التي ستتوقف حتمًا، إذ أن كل بلد سيدير شؤونه بما تيسرّ، ولن يكون في مقدور الدول المقتدرة نسبيًا مساعدة الدول غير المقتدرة والمتعثرة، ومن بينها لبنان، الذي كانت أحواله كارثية قبل الـ”كورونا” فكيف ستكون عليه أحواله بعدها.
وحيال الخلافات داخل الحكومة على التحاصص في التعيينات، فإن “القوات” تعتقد أن “دود الخلّ منو وفيه”، وأن الحجة التي كان يلجأ إليها البعض لتبرير فشله بأن “القوات اللبنانية” هي التي تعرقل عمل الحكومات، التي كانت مشاركة فيها قد سقط عند أول تجربة داخل البيت الواحد، وهذا يعني أن المشكلة لم تكن عند الفئة، التي كانت مشاكسة، وتُتهم بأنها تريد إفشال الحكم، ليتبين بالممارسة أن المشكلة في مكان آخر، وإلاّ لكان من المفروض أن تقرّ التعيينات من دون أي عراقيل تُذكر وأن تسير التشكيلات القضائية من دون اي إعتراض.
وفي الإعتقاد أن الوزير جبران باسيل يريد الإستئثار بكل التعيينات المسيحية، وحتى محاولته مدّ يده على الخرج السنّي، وهذا ما دفع بالوزير سليمان فرنجية إلى القول بأن باسيل لن يتغيّر.
وعليه، فإن كل الأمور في الزمن الكوروني مجمّدة حتى تنقشع هذه الغيمة السوداء ليبان الخيط البيض من الخيط الأسود.
المصدر:لبنان 24