قبل ازمة كورونا، كانت الاحاديث فيي الاروقة السياسية التابعة لقوى الثامن من آذار تسوق لما كانت تسميه العودة الى دمشق، معتبرة أن الحكومة الحالية ستكون الحكومة التي تطّبع مع سوريا، وأن الزيارات التي بدأها وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية تأتي في سياق سيترجمه في اقل تقدير وزير الخارجية اللبناني الذي سيزور دمشق.
الحديث عندها كان يدور حول الخطة الاقتصادية التي تتطلب تطبيع العلاقات مع سوريا لفتح الاسواق العربية على المنتوجات اللبنانية ولتخفيف الاعباء المترتبة عن النازحين السوريين عبر اعادة جزء منهم، لكن كل ذلك سقط اليوم مع الاستنفار العالمي واغلاق الحدود بسبب وباء كورونا، والذي بدأ يصيب سوريا بعدما اصاب لبنان.
عند تأليف الحكومة كانت القوى السياسية داخلها وخارجها مرتابة من اعادة تفعيل الحراك الشعبي، وكانت قوى الثامن من آذار تضع خلافاتها جانباً للقيام بإنجاز ما، لاضعاف الحراك الشعبي ومحاصرته بإنجازات حكومي، لكن اليوم كل شيء تغير.
لم يعد الحراك الشعبي فاعلاً، ولن يعود في المدى المنظور، حتى بعد انتهاء ازمة كورونا، قد تأخذ الاحتجاجات طابعاً مختلفاً، طبقياً ربما، وربما سياسيا، اذ تتجه بعض القوى لتفعيل تحركاتها الشعبية ضد المصارف حصراً، الامر الذي قد يبعد احتمال انفجار شعبي جديد، كذلك لم تعد القوى السياسية موحدة داخل الحكومة بل على العكس باتت الحكومة مهددة من داخلها.
تتحدث اوساط سياسية مطلعة أن كل ما يحكى عن أن دمشق هي التي تريد اسقاط الحكومة غير صحيح، فرعاة هذه الحكومة هم في الاصل الاقرب الى دمشق، وأن الخلاف بين بعض القوى داخلها ليس مرتبطا “بتعليمة” سورية.
وتكرر الاوساط الحديث عن أن دمشق لا ترغب بالتدخل بوجود “حزب الله”، وهي تترك الساحة اللبنانية لقرار الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، لكن الحزب محرج امام حلفائه ولا يرغب في أن يلعب الدور السوري السابق في الوصاية الكاملة على القوى السياسية القريبة منه، لذلك فالخلافات لا تجد لها حلاً داخل بيت 8 آذار.
وتعتبر الاوساط أن الحكومة التي اعادت سوريا الى مجلس الوزراء بعدد كبير من الوزراء لاول مرة منذ العام 2005 لا يجب أن تسقط قبل التسوية، لذلك فإن تغريدات النائب جميل السيد، ان كانت نابعة من ايحاء سوري أو من فهم سياسي شخصي، توحي بإنزعاج واضح من تضييع بعض القوى لهذا التقدم التكتيكي لفريق سوريا بسبب تفاصيل “لبنانية”.
وتسأل الأوساط: هل ستتدخل سوريا عند حلفائها لحل الاشكاليات العالقة؟ وهل يعود الدور السوري الجدي للمرة الاولى الى الساحة اللبنانية من باب حكومة حسان دياب؟ لا يرفض “حزب الله” التدخل السوري ولعب دور “المايسترو” بين حلفائه لحل هذه الخلافات ومنع الحكومة من السقوط، بل يجدأان لعب هذا الدور يزيل عن كاهله الكثير من الاعباء، لكن هل تملك دمشق هذا الترف حاليا؟ ام أنها قد تستغل التقارب مع دول الخليج لاستعادة بعض ما خسرته في لبنان؟
المصدر:ليبانون 24