كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
تأمين الكهرباء هو أكثر ما يقضّ مضاجع الناس في عكار هذه الأيام. فحضور التيار الكهربائي لساعة او ساعتين غير كاف بالطبع، هذا في حال تأمّن الفيول، أما إذا لم يتأمّن فإن المنطقة ستكون بلا كهرباء لأسابيع متتالية كما حصل اخيراً قبيل وصول باخرة الفيول التركية.
لا يصدّق الناس وعود الدولة ووزارة الطاقة في كل الأحوال، لأن الدولة لم تَصدق معهم يوماً في ملف الكهرباء. كل الوعود السابقة لحكومة ميقاتي باستجرار الكهرباء من مصر والأردن وتحسّن ساعات التغذية ذهبت أدراج الرياح، وهذا صيفٌ جديد يطل والناس بلا كهرباء ولا ماء ولا مقومات للحياة.
خلال سهرة ليلية ومن دون كهرباء بالطبع في قرية عكارية، دار حديث بين “سهّيرة” الصيف والموضوع كان الكهرباء بلا أدنى شك. انقسم الحاضرون بين رأيين: الأول يعتبر أن عقدة الكهرباء ستحل قريباً في النهاية، والثاني يرى أن الأزمة ستطول لسنوات ولا بدّ من حل. يسأل عمر “ماذا لو ركّبنا الطاقة الشمسية وتحسّن وضع كهرباء الدولة عبر الأردن؟ ماذا سنفعل بالطاقة الشمسية حينها”؟ فيردّ عليه خالد “الطاقة من الأردن بمعدل 4 ساعات في اليوم وماذا ستفعل بالساعات الباقية؟” وهنا يتدخّل نور سائلا:”هل تصدقون بالفعل وعود هذا الوزير المهرج؟ مع وزير كهذا وحكومة كهذه لن نرى الكهرباء كل العمر”. وبعد موجة من الأخذ والرد والجدل وصل الجميع إلى قناعة راسخة بأن لا حلول سريعة للكهرباء، أقله في المدى المنظور، ولا بد من خيارات أخرى للناس حتى لا تبقى بلا حياة، فالكهرباء هي الحياة وفق ما أشار أحمد. هنا يخلص عمر إلى القول “إذًا، لا حل إلا بتركيب طاقة شمسية. ولكن من أين سنأتي بالدولارات؟” ثم دار الحديث عن سبل تأمين الدولار لشراء معدات الطاقة الشمسية المسعّرة بالعملة الخضراء، إذ إن تأمين الطاقة الشمسية لمنزل واحد أو لمحل تجاري أو لبئر ارتوازية بمعدل 10 أمبير يحتاج إلى ما يزيد عن الـ 3 آلاف دولار أميركي. تداول الحاضرون بالأخبار عن تقديم قروض طاقة شمسية تصل إلى 500 مليون ليرة لبنانية، وعرّجوا في حديثهم على أحداث الإنتخابات وما تخللها من قيام بعض المرشّحين بتركيب طاقة شمسية لبعض المفاتيح الإنتخابية أو لبعض الأحياء من أجل ضمان أصواتهم.
وأمام حالة “لا بدّ” من خيار آخر؛ تكتسح أسطح المنازل والمحال ومحطات الوقود في عكار ألواح الطاقة الشمسية. وهي في ازدياد يومي لا سيما مع اقتراب دخول فصل الصيف وحاجة الناس إلى تشغيل البرادات. فلا بد من تركيبها، لأن لا أمل لديهم بعودة الكهرباء إلى سابق عهدها. إلا أن الناس وفي معرض سعيهم وراء الكهرباء عليهم البحث في تأمين المبالغ المطلوبة لها بالدولار. يمكن تصنيف الناس هنا إلى 3 فئات. فئة استطاعت تأمين المبلغ من عملها في الماكينات الإنتخابية، وفئة كانت تدّخر مبلغا بالدولار (بضعة آلاف) من بداية زمن الإنهيار وأزمة المصارف وقد حان صرفها. وفئة تبيع مجوهرات ومصاغ نسائها أو حتى سلاحاً لديها، أو تلجأ إلى الإستدانة لأن الكهرباء صارت ألزم.
كلٌ بموضوع الطاقة يجود من الموجود ويركّب ألواحا وبطاريات على قدر ما يملك من الدولار، فيمدّ رجليه على قدر ما يسمح له بساطه المادي. بالتوازي أصبحت الطاقة الشمسية مهنة الجميع وانتشرت محال بيع أدواتها على نحو كبير، علماً أن أسعارها في ارتفاع وتباع بالفريش دولار. ومع أن الناس تعي أن لا شيء يعوّض عن كهرباء الدولة، إلا أن تأمين الطاقة لتشغيل البرادات والإنارة وبعض المستلزمات ولو بالحد الأدنى أصبح أمراً ملحاً ولا يمكن تجاوزه في هذا الظرف الصعب.