قال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إن “البلاد اليوم من كارثة إلى كارثة، ومن أزمة إلى أزمة، وموقعنا الأخلاقي والديني والوطني والإنساني يحتم علينا أن نكون وطنيين في حق، وأن نوظفَ إمكاناتنا لحماية هذا البلد، بعيدا عن اللغة الطائفية والمناطقية، لأن الإنسان بما هو إنسان هو كائن مقدس محترم عند الله سبحانه وتعالى، والتعددية الثقافية والدينية تعني شراكة مصالح، وعدالة عامة، تعني قضايا وطنية أكبر من الصيغة الطائفية بحيث تستوعب الجميع”.
ولفت الشيخ قبلان في خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة،إلى أن “سوق الطاقة والغذاء يعاني من ضغط لوبي عالمي قوي، وقصة نقص بالمعروض النفطي والغذائي كذبة هذا اللوبي الذي ما زال يستغل حاجة العالم والبشرية، وفقا للعبة العرض والطلب، وتكبيرالأزمات وتجفيف الأسواق بهدف جني الأرباح، أما قصة بشر وناس وضمير لا قيمة لها في مطابخ طغاة السياسة والتجارة العالمية، وما أزمة “فايروس كورونا” عنا ببعيدة”.
وأضاف: “ولأننا نعيش ضمن إطار عالم تتناهشه الحروب الناعمة والساخنة بكافة أشكالها، ما يفترض بالقرار السياسي تأمين خطط استباقية ضرورية، إلا أنه للأسف هذا البلد ليس أكثر من دكان مصالح وتنفيعات، حولت خدمات الدولة وبرامجها إلى سوق ارتزاق وقطاع صفقات، وهنا تكمن الأزمة الكارثية”، مشيرا إلى أن “بلدنا اليوم منهار، وحكومة تصريف الأعمال لا محل لها من الإعراب، والدولار الأسود يبتلع الجميع، وللأسف الأسواق كارتيلات، والناس – مسيحي ومسلم – ما زالت تعطي الفرصة تلو الفرصة، لانها تريد هذا البلد وطنا لها، ورغم هول المصيبة ما زالت تصر على إنقاذ بلدها ومشروع دولتها”.
واعتبر أن “الكرة اليوم في ملعب النواب والقوى السياسية، والاستشارات النيابية على الأبواب. ولذلك، فإن المطلوب التعامل مع كارثة لبنان على أنها كارثة وطنية غير مسبوقة حتى يتم الاتفاق على حكومة تسوية وطنية إنقاذية”.
وقال: “ولأن التاريخ السياسي مر لهذا البلد، المليء بالكوارث، لا بد من تشكيل حكومة سياسية بالمعنى الأعم، وليس بالضرورة حكومة تكنوقراط، لأن الرمادية في هذا المجال ستكون بمثابة أزمة جديدة للبنان”.
وتوجه الشيخ قبلان للقوى السياسية بالنصيحة :”الاشتباك والقطيعة السياسية في الواقع اللبناني أمر خطير للغاية، لأن البلد قريب من الثقب الأسود، والمسافة الزمنية للكارثة الكبرى مخيفة للغاية، والحل لا يمكن إلا أن يكون بتسوية سياسية سريعة لإنقاذ البلد من أسوأ ارتطام، فالحكومة ضرورة وطنية لا فرار منها أبدا. لذا، المطلوب مواقف بيضاء لا مواقف سوداء ولا مواقف رمادية، لأن البلد في مرحلة العناية الفائقة، فالأوكسجين ينفد، وجسم الدولة يتحلل، والشعب مأزوم، والرغيف أسود والبؤس قد يكون بركانا نائما”.
واعتبر أن “البنك المركزي يدخل مرحلة الشلل، والمصارف أشبه بمغارة لا يحكمها قانون، والأغلبية مهما كان حجمها وشكلها في لبنان لا يمكنها أخذ قرارات مصيرية، فلا إنقاذ دون تسوية سياسية وطنية سريعة تراعي التنوع السياسي والطائفي في لبنان. وغير ذلك، ترقيع ومزيد من استنزاف البلد، ودفعه نحو المجهول، وما أخطر المجهول في هذه الأيام”.
وأشار المفتي قبلان الى أن “الصريخ لا يمنع السقوط، ونحن لا نريد أن يصبح لبنان مجرد تاريخ. لذلك، بادروا سريعا لتشكيل حكومة وفاق وطني، وهي الحل الممكن، لأن الفراغ حرب لا يربح فيها إلا الموت والجوع والفوضى والضياع والفلتان”.
أما بخصوص ترسيم الحدود البحرية فأشار المفتي قبلان إلى أن “لبنان يهوي، وسكاكين واشنطن تتسابق إليه، بالمباشر أو عبر حلفائها، والحل باستخراج النفط من بحرنا ومياهنا، ولا نقبل بأي تفريط من أيٍ كانفي بموضوع الترسيم البحري، والمعركة في هذا المجال سيادية وإنقاذية بامتياز، وتبدأ بنوع شركات التنقيب، ومن غير المسموح أن تتنعم تل أبيب باستخراج النفط، فيما نحن ممنوعون منه”.