انتقل وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى الموجود في إيران في زيارة رسمية إلى محافظة كرمان وأجرى لقاءات مع فاعلياتها الرسمية وعلى رأسهم المحافظ الدكتور حسين فداكار كما زار ضريح الشهيد قاسم سليماني وأجرت السلطات هناك استقبالا رسميا للوزير الذي ألقى للمناسبة كلمة تضمنت الاتي:
ها أنا آت من لبنان، من الجنوب المطل على فلسطين… من الأرضِ التي انغرست فيها خطا الشهيد قاسم سليماني، لأقف أمام ضريحه وأتلو الفاتحةَ على روحه الطاهرة، وأنقل شوقَ ترابنا إلى ترابه، وحنين نسماتنا الجنوبية إلى نسمة روحه التي ستبقى حيَّةً في جسد التاريخ المقاوم.
ها أنا آت من لبنان، حاملا في حنجرتي الكثير الكثير من أصوات الوفاء، لمن كان دائما في الصفوف الأولى في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنانَ وشعبِه وسيادته، الذي أثمر جهاده مع رفقاء الجهاد، وفي مقدمهم الشهيد عماد مغنية، تحريرا عام 2000، ونصرا إلهيا عام 2006، ثم ثباتا في وجه الصهاينة مستمرا إلى الآن، ترافقه عزيمة لا مرد لها على استكمال التحرير حتى استعادة فلسطين كلِّها.
ويقابل هذا كلَّه خوف ينهش قلوب المحتلين من سوء المصير الماثل أمامهم كل يوم بلا انقطاع، يدل عليه اختباؤهم عن أنظار الشعب الجنوبي داخل الدشم والمدرعات، كما يدل عليه تنامي هجرة الصهاينة إلى خارج فلسطين، طلبا للأمان الذي أفقدتهم إياه أعمال المقاومة في أرض وعدوا بأنها ستكون لهم أرض اللبن والعسل، فإذا هي أرض الرعب والدمِ والقلق والموت.
على أن النسخة اللبنانية من سيرة جهاد الشهيد قاسم سليماني لا تكتمل فصولها بالاستقلال عن سائر فصول جهاده في العراق وسوريا وفلسطين، بوجه الصهاينة والدواعش على السواء، ذلك أنه لم يكن يدافع عن أرض بعينها بل عن قيم الحق وفضائل الإيمان، وهو لذلك منتم بالضرورة إلى كل بلاد اغتصبت وكل شعب ظلم، وكل عدالة انتهكت… ومن ينظر إلى نضاله من منظار الجنسية دون القيم يكن مجافيا للعدل، لأن الحق لا يتجنس.
وتحضرني إثباتا لذلك خطبة الجهاد للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، فإنه وبخ أهل الكوفة على تقاعسهم، بعدما رأوا ما وقع أيام ذاك في الأنبار فقال: “لقد بلغني أن الواحد منهم (أي من المعتدين) كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعاثها، فما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام”. فلقد ساوى سيدنا في أمر الجهاد بين الدفاع عن المرأة المسلمة والدفاع عن المرأة المعاهدة، معلنًا أن الظلم عندما يقع يجب علينا التصدي له من دون تفرقة بين المظلومين على أي أساس كان. لذلك لا عجب إذًا أن تصبح القدس عنوانًا أول في نضال الشهيد قاسم سليماني لأنها العنوان الأول لأعظم ظلم عرفه التاريخ الحديث.
تذبل الكلمات أمام نضارة دمك المهراق في سبيل الله والمقدسات. لم يغتالوك من على متن السماء لأن اسمك قاسم سليماني، بل لأن فعلك المقاوم قاصم لظهور المعتدين على امتداد مساحة الحق في هذا الشرق. وإن كانوا قد حسبوا أنهم باغتيالك أطفأوا شعلة المقاومة فإنهم واهمون. ذلك أن الدم زيتها، كلما أريق توهجت وسطعت وأنارت السبيل إلى المستقبل المضيء الذي فيه نستعيد أرضنا ومقدساتنا وسيادتنا على ترابنا ومائنا وفضائنا، وعلى ثرواتنا الكامنة في طبقات الأرض والتاريخ.
سلام عليك أيها الشهيد الباقي حيا في قلوب جميع المؤمنين المرابطين على ثغورالجهاد، سلام عليك أيها القائد الذي التصقت حياته بأطهر قضية، والتصقت شهادته بأنبل وفاء.
سلام عليك من زيتون الجنوب وتبغ جبل عامل، من شط صور وجبل الريحان وتلال بنت جبيل، من جرود عرسال الأبية وبقاع الخير كروما وسنابل وشهداء، ومن كل لبنان الذي يحفظ أحراره لك فضلك وحبك وعظيم تضحياتك”.