الخطيب: اجراء الانتخابات ضرورة ملحة وكفى السياسيين تأجيج الفتن

وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب رسالة الجمعة التي قال فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله فاطر السموات والارض جاعل الملائكة رسلا، الحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌ مِنَ الذُّلِ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً. الحَمْدُ للهِ بِجَمِيِعِ مَحامِدِهِ كُلِّها عَلى جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّها.

الحَمْدُ للهِ الَّذِي لا مُضادَّ لَهُ فِي مُلْكِهِ وَلامُنازِعَ لَهُ فِي أَمْرِهِ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي لا شَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ وَلاشَبِيهَ لَهُ فِي عَظَمَتِهِ، الحَمْدُ للهِ الفاشِي فِي الخَلْقِ أَمْرُهُ وَحَمْدُهُ، الظاهِرِ بالكَرَمِ مَجْدُهُ، الباسِطِ بالجُودِ يَدَهُ، الَّذِي لا تَنْقُصُ خَزائِنُهُ، وَلايَزِيدُهُ كَثرَةُ العَطاءِ إِلاّ جُوداً وَكَرَما، إِنَّهُ هُوَ العَزِيزُ الوَهَّابُ.

أيها الأخوة والاخوات المؤمنون والمؤمنات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته “.

اضاف:”نحن في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، نسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون ممن استجاب لأمره ولبى دعوته للضيافة فيه ، هذه الضيافة التي هي بعضٌ من وجوه لطفه بخلقه ، وبعضٌ من وجوه الرحمة والكرم الإلهيين لاتنفصم من غير استحقاق للخلق عليه وان كنا دائما مظللين بها ونعيش في كنفها ونتبوأُ نعيمها، ولكن لضيافة شهر رمضان خصوصية خاصة وميزة متفردة فهي كما ورد في خطبة رسول الل j في استقبال شهر رمضان المبارك، قد دعينا إليها حيث قال: ( شهر قد دعيتم فيه إلى ضيافة الله ) ونفس الدعوة للضيافة إكرام من الداعي للمدعو أيا كان الداعي وايا كان المدعو والضيافة إنما تكون بما يليق بالداعي فكيف إذا كان الداعي هو الله من تعالى شأنه ، وجل كرمه الذي لا محدودية له ولا إمكان لتصوره. إذاً كيف يمكن لنا أن نعرف وان نطلع على ما يُقدَم لنا في هذه الضيافة والداعي عادة لا يقول للمدعو ولا ينتظر المدعو أن يقال له ماهي الضيافة وما هو نوع التكريم الذي يقدم له، غير أنه يعلم ذلك إجمالا من طبيعة الداعي، ومع ذلك فإن الله تعالى دعانا للضيافة وبيّن لنا في نفس الوقت ما سيقدمه لنا وما سيكرمنا به وما سيقدمه لنا ويضع أمامنا على مائدة شهر رمضان فلماذا كان هذا البيان وهذا الايضاح منه تعالى لنا؟ والجواب هو إنه تعالى عرف محدوديتنا وضيق الافق لدينا وان طلباتنا ستكون بهذا القدر من المحدودية وانها ستقتصر على تحقيق بعض الحاجات المادية التافهة التي لا تساوي شيئا أمام ما اعده من ضيافة للصائمين فلعلهم سيقتصرون في الطلب على ما يزول ولا يبقى، والله تعالى يريد لهم إلا يقصروا في الطلب على بعض العاجل من أمر دنياهم إلى الآجل أيضا من أمر آخرتهم، وإنما ليتزودوا للآتي الدائم الباقي ، وتشويقا لهم للاهتمام به وهو العالم بهم ( بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة) وهذا غاية الرحمة وغاية الجود والكرم (انك تدعونا إليك فنولي عنك وتتحبب إلينا فنتبغض إليك) وهو غاية اللؤم أن يقابل الإحسان بالاساءة والكرم بالرفض.

(فلم أر مولى كريما اصبر منك علي يارب، مع حاجة بي إليه وغناك عنه)، فهو يدعوني وهو غني عني وانا الفقير المحتاج إليه، ومع ذلك لا أقبل منه كأن لي التطاول عليه وكأنني المتفضل عليه حين اجيبه وهو غاية الجهل والحرمان، فهو يدعونا ليخرجنا من عالم الشقاء إلى عالم السعادة، من العالم المادي المحدود الزائل إلى عالم القيم والرحمة الإلهية الواسعة الباقية الازلية من عالم الرذائل إلى عالم التخلق بأخلاق الله تعالى، ويسر لنا السبيل إليه فأزاح المعوقات بعد ان قيّد قدرة الشياطين على الغواية والاضلال فلا قدرة لهم على التلاعب بالمفاهيم ولم يُبقِ لنا مجالا للتعذر بالضعف امام اغراءاتها وكأن الامتحان توقف في هذا الشهر الشريف فرصة للعودة الجادة إلى الله والاعتراف بالحقائق التي ربما غيبتها الشياطين عن أعيننا فتعاملنا معها تعامل الجاهل بها ولذلك فلا معذرة للانسان يقدمها بين يدي ربه يوم يلقاه( يوم لا تنفع الظالمين معذرتهم ولهم سوء الدار ) ولذلك ف ( الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر ) ، وبما أن هناك بقية في هذا الشهر وان كانت أيامها قليلة فإن الفرصة ما زالت باقية ويمكننا التعويض بما أمكن ولو بالتوبة لا أقل، و بالاقلاع عن المحرمات والندم على التقصير في أداء ما اوجبه الله تعالى علينا من أداء الحقوق والواجبات سواء حقوقه الخاصة من العبادات وغيرها او ما تعلق بحقوق الناس الاقربين منهم او الابعدين، والمسارعة إلى إصلاح ما فسد من أخلاقنا

وأعمالها وتفقد ارحامنا واولادنا، فإن المؤمنين بعضهم أولياء بعض وخصوصا ذوي الحاجة من الفقراء والمحتاجين وما أكثرهم في هذه الأيام ولنقتدي بسير أئمتنا الذين امتدحهم الله تعالى في كتابه العزيز قائلا: (الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) حتى نستحق رحمة الله تعالى بالخروج من هذا الامتحان او العذاب الذي استحقيناه ولو بالسكوت عن المفسدين الذين كانوا يفسدون في الأرض ولا يصلحون” .

 

وقال:” من المؤسف حقا بينما الشعب اللبناني يعاني من هذه المشاكل والازمات المعيشية الخطيرة أن نرى السياسيين يزيدون الوضع سوءا بتأجيج الفتن بخطابات تغذي نار الحقد والضغينة وتؤدي إلى الاحتقان الداخلي ووقوع المشاكل بين المواطنين وفي مناطق مختلفة، وكأن المقصود هو صرف انظارهم عن محاسبة المتسببين الحقيقيين لهذا الواقع الخطير الذي آلت إليه الأمور ومحاولة الحصول على تأييدهم للوصول إلى الندوة البرلمانية او الحؤول دون حصولها إذا وجدوا أن اجواءها ليست لصالحهم وهو في الحالتين يعبّر عن عدم المسؤولية الوطنية والاخلاقية الذي يرقى إلى مستوى الخيانة الوطنية”.

 

ولفت الى ان ” إجراء الانتخابات النيابية محطة ضرورية لانطلاقة وطنية جديدة يؤمل معها بداية الطريق للخروج من الواقع الحالي، ولذلك فإن اي محاولة لعرقلة إجراء الانتخابات النيابية يسهم في زيادة الأخطار على بقاء لبنان كدولة ووطن ويتحمل مسؤوليته كل من يعمل على ذلك، وقد لاحظنا في الأسابيع الماضية زيادة في نشاط بعض السفارات في هذه الظروف مما يعطي انطباعا لدى فريق وازن من اللبنانيين وجود تدخلات في الشؤون الداخلية اللبنانية ومخالفة دستورية ما يتنافى ووظيفتها الدبلوماسية، وقد نصحنا بالتعاطي البناء وعدم مناصرة فريق سياسي على آخر وان يقتصر تقديم المساعدات عبر الوزارات المعنية وعدم التذرع بالفساد لان الإصلاح لا يكون عبر تحطيم ماتبقى من مؤسسات وهيكل الدولة وعبر إيجاد دويلات داخل الدولة تنتمي كل منها إلى السفارة التي تقف خلفها، وهو ما يجب على جميع القوى السياسية تجنبه والتمسك بمؤسسات الدولة وان تثبت بعض هذه القوى انها كذلك فيما نرى العكس في الممارسة واستعادة للخارج لممارسة الضغوط على الداخل والتحضير لها بمؤتمرات محمية من أجهزة مخابرات معروفة، تحضيرات لإيجاد أجواء مناسبة لاحداث تغيرات ما يشبه ماحدث قبل استشهاد الرئيس رفيق الحريري، لذلك فإننا نحذر من مخططات يجري الاعداد لها في الخارج وندعو اللبنانيين إلى عدم الأنسياق وراء اشتعال أحداث فتنوية تنتقل من منطقة إلى منطقة أخرى والإصرار على إجراء الانتخابات النيابية في وقتها الدستوري وعدم التذرع باي سبب لتأجيلها، ولذلك ففي الوقت الذي نكرر فيه الأسف للحادث الجلل الذي اصاب لبنان وسبّب غرق الزورق في مدينة طرابلس الحبيبة فإننا ندعو إلى الحفاظ على المؤسسة العسكرية التي هي حرز الوحدة الوطنية مع الدعوة إلى التحقيق الشفاف كما يقتضي الحق والقانون ووظيفة القضاء ومسؤولية الدولة عن مواطنيها”.

 

وختم: “نسأل الله تعالى أن يعبر اللبنانيون هذه المرحلة بسلام في الحفاظ على وحدتهم الوطنية وعلى المؤسسات الدستورية وفي القمة منها الحفاظ على المؤسسة التشريعية التي هي أم المؤسسات الدستورية التي من دونها لن يتبقى مؤسسات ولا دولة، بل ستعم الفوضى كما نرى بعض ماة جري من اعتداءات طالت بعض الوزراء ومصالح المواطنين كتكسير محتويات بعض المطاعم في بيروت ، فهل هذا هو المشهد الذي نريد رؤيته في مستقبل لبنان ؟”