وادي الحجير.. فيه كلّ الحكاية، فهو الذي إحتضن بين جنباته إطلاق مفهوم المقاومة عام ألفٍ وتسعمئةٍ وعشرين، بعيداً عن عيون الإحتلال الفرنسي آنذاك،
في مؤتمر تاريخي عُرف بمؤتمر “وادي الحجير” ضمّ عدداً كبيراً من علماء الدين والزعامات السياسية وقيادات المقاومة الشعبية ووجهاء وفعاليات من كل لبنان، وكان الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين المرشد الأول للمؤتمر وصدح صوته من ذاك الوادي بكلماتٍ ذكّر بها سماحة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في أكثر من مناسبة، نظراً للحاجة الماسة إليها اليومن وفيها :
“ألا أدلكم على أمر إن فعلتموه انتصرتم ، فوتوا على الدخيل الغاصب برباطة الجأش فرصته، واخمدوا بالصبر الجميل الفتنة فإنه والله ما استعدى فريق على فريق إلا ليثير الفتنة الطائفية ويشعل الحرب الأهلية حتى إذا صدق زعمه وتحقق حلمه، استقر في البلاد بعلّة حماية الأقليات.. ألا وإن النصارى إخوانكم في الله وفي الوطن وفي المصير. فأحبوا لهم ما تحبون لأنفسكم وحافظوا على أرواحهم وأموالهم كما تحافظون على أرواحكم وأموالكم ، وبذلك تحبطون المؤامرة، وتخمدون الفتنة وتطبقون تعاليم دينكم وسنة نبيكم
الخطاب الوحدوي هذا، جاء في وقتٍ كان الإحتلال الفرنسي يعمل على إثارة الفتن بين المسلمين والمسيحين، ما إستدعى عقد مؤتمرٍ إستنهاضي بحضور مقاومين كأدهم خنجر وصادق حمزة يضع الأمور في نصابها، ويرسّخ مفهوم مقاومة المحتلّ بالتلازم مع رفض مشاريعه التقسيميّة، وعن المؤتمر يقول السيد نصر الله:
“تعلمنا هنا أن واجبنا أن نرفض كل احتلال، هذه مدرسة وادي الحجير، وأن نقاومه بكل الوسائل المتاحة، وهذه المقاومة متواصلة بأشكالها المختلفة منذ ذلك المؤتمر إلى اليوم، صنعت الانتصارات وحققت الإنجازات وبدّلت المعادلات وأسقطت مشاريع الاحتلال والهيمنة في لبنان وفي المنطقة وفرضت نفسها في الموقع المتقدم من أحداث المنطقة. في مؤتمر الحجير كان الموقف التاريخي رفض تقسيم المنطقة، وقُسِّمت المنطقة، ولكن كان لهم في الوادي شرف الموقف. يجب أن نرفض تقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ”
لاءات إثنان، ونعم، أرادها المجتمعون في وادي الحجير أن تُشكّل طريقاً لخلاص الأوطان، “لا” للإحتلال، و”لا” لمشاريع التقسيم، و”نعم” لترسيخ مفهوم الوحدة الوطنيّة، ليبقى معها الوادي شاهداً على إنتصاراتٍ أرستها معادلات مقاومةٍ رفضت الذل والهوان، ولن يكون آخرها مجزرة الميركافا عام ألفين وستّة