حتى الساعة لم تقدّم الحكومة بعد خطة التعافي التي تتسرب منها يومياً بنود غامضة جعلت الشارع يغلي على وقع الذعر الشعبي من ضياع المليارات من ودائع اللبنانيين، وذلك في مجزرة مالية غير مسبوقة في أي بلد من العالم.
وإذا كانت خطة التعافي تسير بشكلٍ موازٍ لقانون الكابيتال كونترول الذي هو تفصيلٌ فيها، فإن ما لحظته من حذفٍ للخسائر المالية التي تتجاوز الـ 60 مليار دولار من أموال اللبنانيين في المصارف، كفيلٌ بتفجير الشارع والتهديد بالإطاحة بكل المعادلات السياسية والمالية والإقتصادية.
وهذه المليارات هي ديون على الدولة وليست إستثمارات خاسرة في البورصة، كي تُحذف وتُشطب، وفق ما يكشف الخبير الإقتصادي نسيب غبريل لـ “ليبانون ديبايت”، حيث أن المنطق يضع هذه الفجوة المالية والمقدرة بـ 70 مليار دولار، في سياق الدين على الدولة وليس خسائر مالية تكبّدتها، وبالتالي فإن مسؤولية الدولة اللبنانية تقتضي أن تلتزم بتسديد ديونها والتزاماتها.
لكن الدولة في المقابل، وفي إطار خطة التعافي المطروحة، تقرّ بهذه الديون ولكنها تريد أن تقتل صاحب الأموال الذي اقترضت منه، وذلك تحت ذريعة أن صندوق النقد الدولي، هو الذي يشترط اعتبار هذه الفجوة خسائر وليست ديوناً على الدولة، وفق ما يوضح غبريل، والذي بدوره يشير إلى أن وفد الصندوق كان قد أبلغ الوفد اللبناني المفاوض، أن الخروج من الأزمة يفترض إلغاء كل ديون الدولة، في مقاربة حسابية غيرعادلة. وعليه فإن مشروع التعافي الإقتصادي الذي جرى توزيعه على مجلس الوزراء واضح جداً، ونصّ على شطب 60 مليار دولار من ميزانية مصرف لبنان وبالمقابل حذف 60 مليار دولار من الودائع المصرفية.
ورداً على سؤال حول ما جرى الحديث عنه عن أن الودائع التي لا تتجاوز الـ 100 ألف دولار فقط، هي التي ستُحفظ لأصحابها، يؤكد الخبير غبريل، أن هذا الأمر يعني أن أصحاب الودائع التي تفوق هذا الرقم، هم مواطنون درجة ثانية ولم يجمعوا هذه الأموال بعرق جبينهم ويجب محاربتهم وإلحاق القصاص بهم.
ويسأل بدوره: “هل تحوّل لبنان إلى بلدٍ شيوعي؟”.
ويضيف غبريل، إن “خطة التعافي لم تُنجز بالكامل بعد وإن تسرّبت بعض بنودها إلى الإعلام”، لافتاً إلى أن “قانون الكابيتال كونترول منفصل عن موضوع تحديد مصير الودائع وهناك لغط وخلط في هذا الأمر، كما أن الفريق المفاوض مع صندوق النقد، لم يقدّم الخطة للوزراء الذين سيقرّونها، فيما المجلس النيابي سيعمل فقط على إقرار التشريعات التي تتضمّنها هذه الخطة ولكن ليس الخطة بحدّ ذاتها، والتي تبقى اتفاقاً بين الحكومة والصندوق. وبالتالي فإن الكابيتال كونترول هو جزء من الخطة، التي ستُعرض على كل المعنيين ومجلس النواب لإبداء الرأي ولكن ليس لإقرارها لأنها ليست قانوناً”.
وعن التشابه ما بين بنود خطة التعافي الحالية وخطة حكومة الرئيس حسان دياب، يشدد غبريل على أنه “وبمعزلٍ عن كل المزايدات، فإن الحكومة الحالية حريصة على إستمرارية القطاع المصرفي فيما حكومة دياب، كان الهدف الوحيد لديها، وضع اليد على القطاع المصرفي اللبناني وإلغائه”.