ت شماعة “كورونا” تسعى الدولة اللبنانية الى تمرير العديد من الملفات الأساسية والمهمة، التي قد تكون واحدة من أبرزها على الاطلاق وقف التعقبات عن العميل عامر الفاخوري واخراجه من لبنان عبر طوافة أميركية، إضافة الى مرسوم التجنيس الذي تم التوقيع عليه، وتثبيت سعر صفيحة البنزين وسط تراجع في سعر برميل النفط عالمياً. وفي حين تعمل الحكومة على تمرير ما تبقى من ملفات في هذا الظرف العصيب، وأبرزها الكابيتال كونترول التي تعمل الحكومة على اقرارها قريباً، يكثر الحديث عن اعادة التجديد لشركتي الخلوي ما يعدّ مخالفاً للقوانين، لا سيّما وان العقد انتهى منذ فترة وعلى الدولة ان تستعيد هذا القطاع.
في الـ31 من كانون الأول الماضي، انتهى عقد الشركتين المشغّلتين لقطاع الخلوي، “أوراسكوم” و”زين”، المشغلتين لـ”ألفا” و”تاتش”، ما طرح العديد من علامات الاستفهام حول القرار الذي ستتخده الحكومة في هذا الاطار. الاّ ان الثورة وما تبعها من استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري وتشكيل حكومة برئاسة حسان دياب، ترك هذا الملف جانباً، على الرغم من ان “الثورة” كانت مصرة دوماً على عدم التمديد لهاتين الشركتين واستراداد الدولة لهذا القطاع.
وتحت وطأة عدم القدرة على اجراء مناقصة جديدة لشركتي الخلوي، تسعى الحكومة، الى التمديد للشركتين، خصوصاً وانهما تخطتا مهلة الستين يوماً التي يمنحها البند الموقع بينهما وبين الدولة لتسليم القطاع للدولة.
وفي هذا الاطار، أشار عضو لجنة الاتصالات والاعلام النيابية النائب عماد واكيم لموقع “لبنان 24” الى وجود اتجاه لدى الحكومة لتمديد عقدي شركتي “الفا” و”تاتش” مرة جديدة، لافتاً الى ان القرار كان يبحث من على عهد الوزير محمد شقير ويستتبع اليوم مع الوزير الحالي، ضارباً عرض الحائط توصيات لجنة الاتصالات التي قدمت توصية بعدم التجديد لهاتين الشركتين والاتجاه الى عقد مناقصة جديدة من دون مشاركة هاتين الشركتين، اذا ما قررت الدولة عدم استرداد القطاع بأكمله، لا سيّما وان العديد من علامات الاستفهام تطرح حول عمل هاتين الشركتين ونسبة الهدر الكبير الموجود في هذا القطاع والذي يقدّر بحوالي 30 مليون دولار أميركي. وأكد واكيم ان الأرباح في هذا القطاع الى تراجع مستمر خصوصاً وان الاتصالات تتجه نحو المعلوماتية وبالتالي فان الاعتماد على التكنولوجيا، والتطبيقات تؤدي الى تراجع الاستهلاك لهذا القطاع.
منسق المرصد اللبناني للفساد شارل سابا لفت من جهته في حديث لموقعنا الى انه من حيث المبدأ والقانون من الضروري أن تعمل الحكومة على استعادة هذا القطاع، خصوصاً وان لا مسوغ قانونيا يسمح لهاتين الشركتين بتسيير “ميك 1″ و”ميك 2” وبالتالي فان استمرارية المرفق العام لا تبرر هذا الموضوع، بحسب القانون اللبناني، ان لناحية أولاً الأموال التي تدفع من الخزينة من حساب وزارة الاتصالات تحديداً، وثانياً لناحية الموظفين الذين يعتبرون موظفين في القطاع العام.
وفي حين تتجه الأنظار الى ما ستقدم عليه الحكومة في الاسابيع المقبلة، لا سيّما وان الرئيس ميشال عون رفض التوقيع على عقد التجديد لهاتين الشركتين والاستراتيجية التي ستضعها الحكومة لادارة هذا القطاع واتخاذ الاجراءات اللازمة، يطرح السؤال حول امكانية الاتجاه الى خصخصة هذا القطاع، وتحديداً وان تجربة الدولة في ادارة قطاع الكهرباء باءت بالفشل، وفي هذا الاطار، لفت واكيم الى ضرورة ان يكون هناك تشركة ما بين القطاعين العام والخاص في ادارة قطاع الاتصالات، اي ما نسبته 30% للقطاع العام و70% للقطاع الخاص، لكي تحافظ الدولة على رسومها وأموالها، مشيراً في هذا الاطار، الى تجربة مجموعة من دول الخليج والدول الغربية لا سيما لناحية الاعتماد على الشركات القابضة لادارة الملفات والقطاعات المربحة للدولة وتحديداً المرفأ والاتصالات وكازينو لبنان والمطار. وبحسب واكيم، فان الشركات القابضة عبر نظام B.O.T، من خلال اللجوء إلى مناقصات عالمية، لا تشترك فيها شركات لبنانية، يمكن ان تأخذ عن لبنان كاهل سوء الادارة، وستعطي حتماً المزيد من الارباح للدولة.
في المقابل، يذكّر سابا بأن الدولة اللبنانية تمكنت في وقت سابق من ادارة هذا القطاع، عندما استردت الدولة هذا القطاع من شركة “سيليس” و”ليبان سيل” على عهد الوزير جان لوي قرداحي في العام 2001، وبالتالي فان المطلوب من الدولة اليوم استعادة هذا القطاع بشكل كامل لعملية التشغيل، على ان تعين هيئة ناظمة جديدة تعمل على وضع دفتر شروط جديد للشراكة في القطاعين العام والخاص وفق قانون الشراكة المقر في العام 2018 وهي تحدد اذا كانت نوعية العقد ودفتر الشروط الجديد هو عقد تشغيلي أم خصخصة كاملة أم شركة مساهمة أم “ليبانتليكوم”.
وحول ما يمكن أن تقوم به المعارضة في حال تم تمرير التمديد، أكد واكيم ان كتلة “الجمهورية القوية” ستقف سداً منيعاً في وجه هذا التمديد وسيكون هناك موقف قوي رافض لها خصوصاً وانه يأتي مخالفاً للقوانين وللمهل الدستورية.
المصدر: خاص لبنان 24