كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
ازدادت دعاوى الطلاق في المحاكم الروحيّة والشرعيّة في الأشهر الأخيرة الماضية في ظاهرة لافتة تُشير الى تفكّك العديد من الأسر وانفصال عددٍ كبيرٍ من الأزواج الذين قالوا في الماضي القريب “نعم” ظنّوا أنها ستكون أبديّة…
تتعدّد الأسباب التي قد تدفع بشخص ما الى اتخاذ قرار الطلاق الذي يُعرف بأنّه مسيرة جلجلة طويلة وصعبة في لبنان، خصوصاً في حال وجود أطفال ما قد يتسبَّب بخضّة كبيرة في العائلة، وذلك في ظل توارث بعض المعتقدات اللبنانيّة القديمة التي ترفض الانفصال لو مهما كانت الأسباب الموجبة. ولكن، ومع تغيُّر الزمن وطريقة تفكير البعض، تحلّى العديد من المتزوّجين غير السعيدين بالشجاعة لقول “لا” لقصص زواجهم في الآونة الأخيرة… فكم بات يكلّف هذان الحرفان في ظلّ انهيار اللّيرة اللبنانيّة؟
يتحدّث الدكتور في الأحوال الشخصيّة والقانون العام والمُستشار لدى المحاكم الدينيّة أنطونيو فرح لموقع mtv عن واقع الطلاق في لبنان في الفترة الأخيرة: “ازدادت دعاوى الطلاق لدى مُختلف الطوائف بشكلٍ غير مسبوق خصوصاً مع انحسار فيروس “كورونا”، لأسباب متعدّدة وتختلف بحسب كلّ زواج، وقد جاءت الضائقة الماديّة لتُشكِّل “الحجّة” أو القطرة التي تفيض الكأس لدى البعض للإقدام على خطوة الطلاق الذي يُسمّى بــ”البطلان” لدى الطوائف الكاثوليكيّة و”الفسخ” لدى الأرثوذكس”.
وردّاً على سؤالٍ حول تكاليف الطلاق في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة، يُجيب فرح: “المحاكم الروحيّة في لبنان هي مؤسّسات مُستقلة تابعة للكنيسة وتُموِّل نفسها لذلك يعتبر البعض أنّ تكاليف الطلاق لدى المسيحيّين مرتفعة، بينما المحاكم الشرعيّة لدى المُسلمين هي ضمن ملاك الدّولة اللبنانيّة ويتقاضى العاملون فيها رواتبهم من الدّولة مقابل رسوم بسيطة من المواطنين”، مُضيفاً: “أمام هذا الواقع، فإنّ الرسوم قد زادت لدى الطوائف المسيحيّة أكثر من الضّعف بسبب انهيار الليرة وارتفاع التّكاليف، وباتت دعوى الطلاق تُكلّف حوالي 8 ملايين ليرة لبنانيّة من دون المبلغ الذي يتقاضاه المحامي الذي يستلم القضيّة”، مردفاً: “ولكن ما لا يعرفُه البعض هو أنّه هناك ما يسمّى بـ”المعونة القضائيّة” لدى الطوائف الكاثوليكيّة، أي تخفيض الرّسوم وصولا الى إعفاء من يكون وضعه المعيشي صعباً من دفعها، كما أنّ أوضاع كلّ شخص، فضلاً عن الغلاء، يؤخذان بعين الإعتبار عند تحديد النفقات الشهريّة المُتوجِّبة”.
وماذا عن بدل أتعاب المحامي؟ سألنا فرح، فقال: “عقد الأتعاب هو عقدٌ حرٌّ لدى المحامين يُخوّلهم تحديد بدل أتعابهم كما يرغبون مع الأخذ بعين الإعتبار عوامل عديدة كتخصّصهم وخبرتهم وغيرها من الأمور، كما أنّ المحامي هو مواطنٌ لبنانيٌّ يُعاني ما يعيشه أيّ شخص آخر من أوضاع معيشيّة واقتصاديّة صعبة، لذا فمن الطبيعي أن يزيد البعض في المبالغ التي يتقاضونها، ولكن ما يُميّزنا في لبنان هو التكاتف الإجتماعي، وهناك العديد من المحامين الذين يُراعون الظروف الصّعبة لدى البعض، مع الإشارة الى أنّ ما يتقاضاه المحامي في لبنان يبقى أقل بكثير ممّا يطلبه المحامون في الخارج”، لافتاً في الختام الى أنّ “العديد من الأشخاص باتوا يواجهون صعوبة في الدّفع، وهناك فئة كبيرة أيضاً من المتزوّجين الذين يعيشون طلاقاً تحت سقفٍ واحدٍ”.
من “نعم” أبديّة الى “لا” نهائيّة، كثرٌ باتوا يختارون تغيير حبكة قصصهم العاطفيّة والزوجيّة وكتابة نهاية مُختلفة قد تكون سعيدة بالفعل هذه المرّة، ولكنّ الطلاق “باللّيرة”، وفي ظلّ الأزمة، بات يُكلِّف الكثير، لذا، ومقابل شجاعة البعض، هناك أيضاً من يُعيد حساباته ألف مرّة، يتريّث، فيبقى سجين القفص “غير الذهبي” الى الأبد…