“التعامل بخفّة” مع القطاع المصرفي يُشكّل الفصل الاشدّ خطورة في زمن الانهيار الذي يعيشه لبنان مع كل ما يعانيه على مختلف الصعد.
فعقب صدور قرار عن القاضية غادة عون بتجميد أصول خمسة بنوك كبرى وأعضاء مجالس إدارتها بينما تجري تحقيقا في معاملات أجرتها مع مصرف لبنان المركزي، جرى توقيف رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتهمة ”التواطؤ بجرم الإثراء غير المشروع”.
ورداً على هذا القرار إتخّذت جمعية المصارف قراراً بتنفيذ إضراب يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين احتجاجاً على ما اعتبرته “تدابير قضائية شعبوية”.
وفي تصريح لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي إعتبر أنّ “مسار الأمور لدى بعض القضاة يدفع بإتجاه افتعال توترات في البلاد”، محذّراً من أن ذلك يعد “أمرًا خطيرًا”.
وعن مغزى هذه القرارات وخطورتها وخلفيّاتها، لفت المحلّل السياسي جوني منيّر إلى أن “الثلاثي الذي له علاقة بالفساد وبضرب وأموال الناس واحتجازها هم بالدرجة الثالثة المصارف وبالدرجة الثانية حاكم مصرف لبنان، لكن بالدرجة الأولى الطبقة السياسية التي صرفت الأموال وتضع الآن اللوم على المصارف”.
وقال منيّر لـ “ليبانون ديبايت”: “هم بالحقيقة صرفوا أموال االناس على الموازنات والمشاريع المليئة بالسرقات والسمسرات والصفقات في الوزارات هذا كله معروف”.
أضاف: “لا يمكن محاكمة طرف واحد فقط، وإذا كانت الطبقة السياسية تريد محاسبة فريق منهم يصبح الأمر تصفية وكيدية سياسية وليس إصلاح سياسي أو قضائي. وبغض النظر التوقيت هو الأساسي فالبعض يضعه في إطار “شعار للمعركة الانتخابية” أو أنه يؤدي الى تفاقم الوضع وإضراب المصارف وبالتالي لا الناس يمكنها الحصول على أموالها ولا الموظفين على رواتبهم ولا حتى موظفي المصارف يمكنهم قبض الأموال”.
وأشار منيّر إلى أنه “بهذه الحالة يرتفع سعر الدولار كثيراً دفعة واحدة لأن ما يحول دون ارتفاعه هو منصة صيرفة، لذا رأينا إقفال محطات البنزين (أمس)”، محذّرا من أنه “قد يرتفع سعر صرف الدولار في ليلةٍ واحدة الى الـ 50 الف مرة واحدة وهذا الأمر قد يؤدّي إلى نزول الناس إلى الشارع عندها تحصل فوضى شاملة ونستنتج حينها أن المقصود الذهاب إلى الفوضى الشاملة وأن يكون الهدف منها تأجيل الانتخابات”.
وتابع: “قد يكون البعض يطمح لهذا الموضوع لأن تأجيل الانتخابات يعني التمديد لأركان الحكم (رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة)، أي التمديد لكل الوضع القائم، وربما يؤدي أيضاً في الوقت عينه الى فكفكة وضرب ما تبقّى من مؤسسات بهدف الذهاب الى إعادة تركيب الدولة اللبنانية، يعني الذهاب باتجاه المؤتمر التأسيسي لأن كل شيئ تهدّم. ومعروف من يريد المؤتمر التأسيسي في البلد”.
ومضى منيّر قائلا: “لذلك دخل الرئيس ميقاتي على الخط بطلب داخلي وخارجي لـ”ضبضبة الموضوع”، كما تم الطلب من المصارف عدم الذهاب نحو الاضراب الشامل”.
وشرح منيّر أن “المصارف اللبنانية تنتمي الى النظام المالي العالمي أي أنها مقرّبة من الأميركيين، ومنذ أيام سمعنا محمد رعد يقول “من بعد 17 تشرين ظنوا أنه سيتم ضرب مؤسسات حزب لله لكن إنهارت المؤسسات الأميركية في لبنان”… هنا نسأل عن علاقة ما يحصل بهذا التصريح والتوقيت لافت”.
وشدّد على أن “إسترجاع الأموال المنهوبة لا يتم هكذا إنما بتغيير ذهنية الطبقة الحاكمة واستئصال الفساد، وكأن هناك تفاهماً بين التيار الوطني الحر وحزب الله للذهاب باتجاه الانتخابات ومن بعدها الى المؤتمر التأسيسي وبالتالي الذهاب الى المثالثة التي لمّح إليها جبران باسيل عدة مرات وتحدّث عن المداورة بالرئاسات، فهل هذه النقطة توصل الى هذا المكان”؟.
منيّر أعرب عن تخوّفه من التطورات الحالية، وقال: “عنوان ما يحصل ما يحصل بريء لكنه يوصل الى مكان آخر، وما يجري يهدف لضرب المصرف المركزي أيضاً فلا يمكن تعيين بديل عن حاكم مصرف لبنان، وبالتالي ضرب القطاع والذهاب الى الفوضى الكاملة ليعاد لاحقاً بناء النظام المصرفي في لبنان لكن على أسس جديدة”.
“ليبانون ديبايت”