اقتصاد الكاش يُضيّق الخناق على رقاب اللبنانيين

انشغل اللبنانيون بـ «ترند» جديد أضيف إلى يومياتهم، ضمن سياسة الاقتصاد النقدي او «الكاش» التي يعيشونها منذ تداعيات الانهيار الاقتصادي والمالي في البلاد.

 

الجديد ان نقابة أصحاب السوبر ماركت والمتاجر الغذائية الكبرى فرضت قيودا على استخدام بطاقات الائتمان المصرفية لديها، وحصرها بنسبة 50% من قيمة الفاتورة الشرائية.

 

 

قرار دخل حيز التنفيذ في الأيام الماضية، لدى المتاجر الكبرى التي كانت تقبل استيفاء فواتيرها بالبطاقات المصرفية، علما ان الغالبية منها كانت تفرض تعرفة إضافية على الفواتير المسددة بالبطاقات الممغنطة.

 

همّ إضافي دخل في يوميات اللبناني، المقيد أساسا في سحب العملة الوطنية، الليرة اللبنانية، من مصرفه، إذ حددت المصارف سقوفات للسحب النقدي لا تتعدى الخمسة ملايين ليرة شهريا.

 

كل الإجراءات تستهدف تعزيز الاقتصاد النقدي، والغاية منها سحب الدولارات النقدية التي خزنها الناس في منازلهم، تلك الدولارات التي أفلتت من عمليات القضم المصرفية، أو بالأحرى التي ابتلعتها المصارف بعد احتجاجات 17 أكتوبر 2019 غير المسبوقة في تاريخ البلاد، والتي مهدت للاعلان عن الانهيار النقدي والاقتصادي وما تلاها من ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية بأرقام قياسية. الكلام لشربل، وهو متعهد صمد رغم التداعيات، وتمكن من استئناف حياته بالوتيرة عينها قبل الانهيار.

 

في تداعيات قرار نقابة أصحاب السوبر ماركت، تعطيل ما ندر من استعمال البطاقات المصرفية داخل البلاد، فباتت كالشيكات «وسائل غير مرحب بها في سوق النقد».

 

وتستذكر فدوى كيف رفضت غاليري مفروشات ذائعة الصيت في 2016 تقاضي بدل مشترياتها لفرش منزلها في بيروت نقدا، بحجة عدم الوقوع في قانون مكافحة تبييض الأموال. وقد طلب منا الدفع عبر بطاقات ائتمان او شيكات. الآن تبدل كل شيء، وبات التداول يقتصر على الأوراق النقدية، فيفتي فيفتي في السوبر ماركت، وكذلك في المدارس التي باتت تشترط تقاضي الأقساط الفصلية عبر صناديقها المالية وليس في المصارف، بغية الحصول على أموال نقدية تسدد عبر رواتب المعلمين والاداريين والمصاريف التشغيلية.

 

في جديد السوبر ماركت ما يتصل بالحرب في أوكرانيا، ذلك ان تجار المواد الغذائية يجهدون لاستيراد بضائع من الخارج، وتعويض ما كان يتم استيراده من حبوب وقمح من أوكرانيا وروسيا بنسبة 90%. وللغاية، يحتاجون إلى أموال نقدية يحولونها إلى الخارج لتأمين الحصول على بضائع، وتجنيب البلاد أزمة غذاء عالمية، بحسب نقيب أصحاب السوبر ماركت نبيل فهد.

 

حاليا لا تفتقد الرفوف والمنصات في المتاجر للبضائع، الا ان الأخيرة تكفي حاجة الاستهلاك المحلي لفترة غير طويلة ولا تتعدى الشهرين. لذا، كان لابد من رفع الجهوزية والبحث عن أسواق بديلة للاستيراد، وتلك تستلزم جهوزية في الدفع، وإجراءات تختلف عن تلك المعمول بها سابقا، لجهة الدفع المتأخر للفواتير الخارجية.

 

يستنكر فهد الحملة التي يتعرض لها التجار، ويتحدث عن قلقهم بشأن الوضع التمويني الغذائي في البلاد، وقال انه ورفاقه التجار يعولون «على ضمير المواطنين في عدم شراء السلع أكثر من حاجاتهم والقيام بتخزينها».

 

وبين الحرب في أوكرانيا والأزمة المالية الاقتصادية في لبنان وشح العملة النقدية يسهب فهد وغيره من كبار المستوردين في عرض الصعوبات التي يواجهونها، ويعرض لاجتماعات عدة مع مسؤولين في مصرف لبنان، لم تثمر ليونة في رفع سقف السحوبات للتجار.

 

باختصار، وجد المواطن اللبناني نفسه مسؤولا عن حل أزمة ترزح تحتها البلاد، وهو الذي خسر قسما كبيرا من مدخراته المصرفية، فضلا عن انهيار قيمة راتبه وتراجع التقديمات التي كان يحصل عليها، وفقدان الرعاية الطبية بعدم تغطية المؤسسة الضامنة من رسمية وشركات خاصة للفاتورة الاستشفائية وفاتورة الدواء، وقصرها على الضامنين الذين يدفعون بالدولار النقدي.

 

المواطن اللبناني مدعو لمواجهة ما تحاول دول متقدمة معالجة طلائع أزمة غذاء عالمية، فضلا عن تصديه لواقع لم تعرفه البلاد في تاريخها الحديث.

الخلاصة: اقتصاد الكاش يخنق المواطن ويدفع من استطاع وضع مدخرات جانبا لاستعمالها في أيام سوداء تبدو انها ستخيم طويلا على البلاد.

 

الأنباء