في اليوم الأول للتعبئة العامة، وحالة الطوارئ الصحية التي أعلنها لبنان لمواجهة فيروس «كورونا»، سُجّل التزام شبه تام، فيما بدا كأنّه منع تجوّل غير معلن.
الشوارع خالية إلا من السيارات القليلة التي تمر من وقت لآخر، والعناصر الأمنية منتشرة على بعض الطرقات، ودوريات شرطة البلدية التي تتولى مهمة مراقبة منع التجمعات، وإقفال المحلات التجارية، باستثناء الصيدليات والأفران ومحال بيع المواد الغذائية التي بقيت أبوابها مفتوحة.
هذا الالتزام عكسته تقارير اليوم الأول التي تسلّمها رئيس الجمهورية ميشال عون من الوزارات والأجهزة الأمنية المعنية، وتضمّنت مراحل تنفيذ الإجراءات التي اتخذها مجلس الوزراء بعد إعلان التعبئة العامة في البلاد لمواجهة وباء «كورونا».
وأكّدت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» أن تقارير أمس أظهرت التزاماً لافتاً في كل المناطق، على عكس ما كان عليه الوضع يوم الأحد، مشيرة إلى أن كل إدارة معنية بتطبيق ما يعنيها من القرارات، على أن تبقى مهمة المتابعة والمراقبة للبلديات بمؤازرة القوى الأمنية، وتحديداً ما يتعلق بإقفال المحلات ومنع التجمعات. ولفتت كذلك إلى أنه منذ أيام، يسجل التزام شبه كامل بإقفال المطاعم والمقاهي، وهو ما ساهم أيضاً في عدم خروج المواطنين من منازلهم.
وتوضح مصادر مطلعة على القرار لـ«الشرق الأوسط» أن ما اتخذ هو قرار «التعبئة العامة» وليس حالة الطوارئ، لأن الأخيرة تتطلب أن يتسلم الجيش المهام، وينتج عنها منع تجول وقمع حريات وما إلى ذلك، وهو الأمر الذي لا ينطبق على الوضع في لبنان حيث لا يوجد في القوانين اللبنانية ما يمكن تسميته بحالة الطوارئ الصحية، وهو ما جاء بناء على اقتراح في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، بحيث يكون الهدف الأساس منها هو التعاون بين كل الأجهزة بالدولة وإشراك المواطن بالمسؤولية، من دون أن يفرض حظر تجول، والإبقاء على بعض مؤسسات عاملة على غرار المصارف.
من جهتها، تشير مصادر عسكرية إلى أن مسؤولية القوى الأمنية والجيش في هذه المرحلة، انطلاقاً من هذا القرار الذي نتج عنه تكليف رسمي للأجهزة، تكون عبر مؤازرة الوزارات في تنفيذ المهام الموكلة إليها. وذكرت المصادر أن الجيش اللبناني انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتقه، كان بدأ بهذه المهام قبل «قرار التعبئة العامة»، وعمد إلى حملة توعية لمواجهة «كورونا» والطلب من اللبنانيين البقاء في منازلهم لمنع تفشي الوباء.
وبدا لافتاً العمل الذي بدأته البلديات بمختلف المناطق لتنفيذ القرارات. وقد أصدر أمس محافظ بيروت، زياد شبيب، تعميماً في هذا الإطار، طلب من المواطنين التزام منازلهم وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، ومنع التجمعات، كما الطلب من المؤسسات الخاصة والمحال التجارية التوقف عن العمل، مع مراعاة حالات الضرورة القصوى. واستثنى من ذلك المطاحن والأفران وكل ما يرتبط بتصنيع وتخزين وبيع المواد الغذائية وغيرها من المواد الاستهلاكية الأساسية والمنتجات الزراعية والمواد الأولية اللازمة لها، وقد كلف شرطة بيروت مراقبة تنفيذ مضمون القرار واتخاذ الإجراءات اللازمة في حق المخالفين.
ومع طرح أسئلة كثيرة حول النقل المشترك في لبنان وما يتعلق بالحافلات الصغيرة الخاصة التي تنقل ركاباً بين المناطق، لفتت المصادر المطلعة إلى أن قرار منع التجمعات ينطبق أيضاً على هذه الحافلات، وهي ستكون موضع متابعة أيضاً من الجهات المعنية.
أما على الحدود البرية وفي المطار، فالوضع لم يكن مختلفاً، فقد أقفل الأمن العام الحدود مع سوريا عند نقطة المصنع بالكامل أمام السوريين وغير السوريين ومن الجنسيات كافة للوافدين من سوريا إلى لبنان، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، فيما أبقيت الحدود أمام السوريين مفتوحة للراغبين بالمغادرة، وذلك بعد انقضاء مهلة الأربعة الأيام التي كانت قد حددتها الحكومة ضمن إجراءات منع تفشي «كورونا».
وفي مطار بيروت الذي بدت قاعاته أمس شبه فارغة من المسافرين، لا يزال يُسجّل وصول آخر الرحلات إليه، وذلك قبل إقفاله يوم الأربعاء، بحسب قرار الحكومة ضمن إجراءات «التعبئة العامة».
الصدر ك الشرق الأوسط .