جاء على صفحة جريدة “النهار” الذي خصص للعدد الانتخابي التالي:
دورنا هو نعمل كل شي لنخلّي صوت الناس يوصل والانتخابات تصير بوقتها. اليوم ما طبعنا العدد، ورح نقدّم ورق وحبر الجريدة لطباعة جزء من مستلزمات انتخابات 2022.
ولأن انتخابات 2022 استحقاق مفصلي في تاريخ لبنان الحديث في خضم الازمات التي يتخبط فيها البلد والانهيارات التي تعصف به وتهدد بنيته ومستقبله، بعدما فقدت السلطة الحالية شرعيتها او خسرت كثيرا من صدقيتها ومن رصيد تمثيلها، اثر انتفاضة 17 تشرين الاول 2019 وما بعدها.
ولان الانتخابات استحقاق ضروري لافساح المجال امام اللبنانيين للتعبير عن ارائهم وتوجهاتهم في اجواء من الحرية والديموقراطية في ظل قانون اعرج لم يقم مراكز كبيرة في المدن (ميغاسنتر) لتحرير الناخبين من سلطة الاحزاب والميليشيات والقوى الضاغطة، سواء بقوة الامر الواقع او بسلطة المال.
ولأن ارجاءها او الغاءها أمر مرفوض تحت كل الذرائع المفترضة وتلك التي يمكن ان تنبت عمداً، من فرقاء يخافون صناديق الاقتراع، ويعملون باستمرار على كبت حرية الناس ومصادرة قرارهم، وحرمانهم حرية التعبير.
ولأن التأجيل والتمديد للمجلس، وعدم اجراء الانتخابات البلدية، ولاحقا الرئاسية، وان حصلت مرات عدة وفي اوقات سابقة، فهي ليست دليل عافية، بل انتكاسة للنظام ولانتظام عمل الدولة ومؤسساتها.
ولأن رسالة الصحافة ودورها يتجاوزان نقل الاخبار وتزويد الناس التحليلات والقراءات ونشر المقالات والدراسات، اذ هي احدى مؤسسات توجيه الرأي العام، والتأثير به ايجاباً، وهي صوته والمعبر عنه.
ولأن “النهار” اعتادت ان تقوم بمبادرات سباقة في مجالات مختلفة، وهي المؤتمنة، مع غيرها من مؤسسات الاعلام ومنظمات المجتمع الفاعلة، على المحافظة على لبنان الميثاق والصيغة والعيش الواحد، لبنان حرية المعتقد والتعبير، لبنان الحرية، والرسالة التي تحدث عنها البابا (الراحل) القديس يوحنا بولس الثاني.
ولأن الرأي العام اللبناني يرفض تأجيل الانتخابات، ويترافق ذلك مع حملة ضغط دولية لاجراء الاستحقاقات في مواعيدها، وذلك حماية لما تبقى من مؤسسات الدولة، ومن المواقع والمجالس التي تخسر رصيدها مع كل تمديد وتجديد.
ولأن وزارة الداخلية تعاني الأمرين خلال الاستعداد للاستحقاقات المقبلة، من خلال النقص اولا في الجهاز البشري القادر على المتابعة الدقيقة، ومن خلال النقص ثانيا في الاعتمادات المالية لتوفير المستلزمات المادية من ورق وحبر واقلام وغيرها ليوم الاستحقاق.
لذا قررت “النهار” وبمبادرة جديدة ان تكمل مسيرتها للاعوام الاخيرة في المبادرات الابداعية ومنها الاعداد الخاصة لبناء مستقبل لبنان، ودعماً للمرأة اللبنانية عبر رمزية ادخال كلمة “نساء” في النشيد الوطني اللبناني، وعبر الجريدة البيضاء “الاعتراضية”، واخيرا عبر حملتها “اعطوا لبنان فرصة”.
لذا قررت “النهار” ان لا تصدر طبعتها الورقية اليوم، لتوفير ثمن الحبر والورق، وتقديم هذه الكلفة الى وزارة الداخلية، مساهمة رمزية في تغطية تكاليف الانتخابات.
قد تكون المبادرة زهيدة الثمن، لكنها تبقى افضل من اللامبادرة، وهي تشكل دفعاً لمقتدرين من افراد ومؤسسات ومنظمات، محلية ودولية، وايضاً الاحزاب، على القيام بمبادرات مماثلة، او ربما متقدمة اكثر، للمساهمة في تغطية اكلاف الانتخابات، فلا يشكل النقص في الورق والحبر ذريعة من ضمن ذرائع اخرى لضرب الاستحقاق.
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين، طلبت قبل ايام من الديبلوماسيين العاملين في سفارات لبنان في العالم، الطلب الى المقتدرين في الجاليات المساهمة في تغطية اكلاف السفارات والقنصليات منعاً لاقفالها، بعد اعتماد الوزارة سياسة تقشف ستحول دون امكان الابقاء على العدد الحالي للمراكز الديبلوماسية. وهذا ايضا طلب يستحق المتابعة والاهتمام، لا، كما يعتبر البعض، لتوفير حياة رغيدة للديبلوماسيين وعائلاتهم، بل لضمان اقتراع المغتربين في الخارج، مضافا على الخدمات القنصلية التي تتوافر في السفارات.
اليوم، “النهار” الورقية تغيب، وتصدر الكترونياً فقط، ومجانية، عبر النصوص، وبصيغة PDF، مشاركة منها في التصدي لمحاولات تأجيل الاستحقاق، والتزاماً بالنداء الذي رفعته اليوم “رح نعمل كل شي لنخلّي صوت الناس يوصل والانتخابات تصير بوقتا”.
ويمكن الوصول إلى الجريدة من خلال الرابط الآتي:
جريدة العدد الانتخابي:
https://t.co/5htBgJEEN3