كتب نادر حجاز في موقع mtv:
في العام ١٩٨٢ وبعدما ضربت لبنان عاصفة ثلجية قوية عزلت القرى في الكثير من المناطق، ورغم الحرب الأهلية التي كانت تسيطر على البلاد، الا أنها لم تمنع الدولة من التفكير بشعبها والوقوف الى جانبه في الوقت الصعب وفي مواجهة البرد القارس والعزلة.
ويروي أحد المواطنين في احدى قرى جرد عاليه انه في تلك السنة قامت الدولة بارسال مواد غذائية ولحوم ودجاج وقامت برميها في القرى المحاصرة بالثلوج مستخدمة الطائرات.
الرجل نفسه يقضي ليلته مع عائلته اليوم، في العام ٢٠٢٢، على ضوء الشمعة وقد انقطعت الكهرباء مع وصول العاصفة، التي لا تقل قسوة عن عاصفتي ١٩٨٢ و١٩٩٢، والتي أعاقت وصول حتى ساعتي التغذية في النهار، والتي كانت تساعد العائلات على تشريج بطارية او جهاز ups لتتمكن من الانارة، خصوصاً بعدما قرر صاحب المولد في هذه القرية، كما قرى أخرى مجاورة، أن يطفئ مولده منذ ٣ أشهر.
شبه انقطاع عن العالم الخارجي وقد عجز جميع افراد العائلة عن تشريج هواتفهم، واما تلك التي لا زالت صامدة فهي من دون ارسال ولا انترنت، وبالكاد ان يتم انجاز رسالة نصية او مكالمة طارئة.
لم يحصل أن تصل الدولة الى هذا الفشل الذي وصلت اليه اليوم حتى في عز الحرب، يضيف هذا المواطن، وهو ابن جيل يعلّم أولاده الا يدعس على الدولة حتى ولو كانت رماداُ. ولكن اين هي الدولة؟ يسأل بحسرة عن هيبتها وما نفع سلطاتها اذا لم يشعر المواطن بوجودها.
لا مازوت في الأسواق، هذا الجواب الذي تسمعه من غالبية أصحاب المحطات. فهل يُعقل في ظل واحدة من أقسى العواصف الثلجية والقطبية التي شهدها لبنان منذ سنوات، ان تكون الاسواق تفتقد للمادة الأساسية للتدفئة؟
أيعقل فعلاً ان تكون دولة الحرب أكثر هيبة من دولة السلم؟ أيعقل ان ترمي الدولة للناس المواد الغذائية من الطائرات في زمن الحرب بينما يعجز الشعب عن شرائها في زمن السلم وهي متوفرة أمامهم على رفوف السوبرماركت؟
همّ هذا المواطن وحسرته ليست يتيمة، فهي تستوطن في كل منزل وفي كل قرية لبنانية. يسألون عن البطاقة التمويلية التي كانوا بأمسّ الحاجة لها في هذا الطقس العاصف لمواجهة البرد والجليد، يسألون عن قيمة رواتبهم التي لا تكفي لشراء برميل مازوت واحد ولا طعام يكفي لشهر.
“ياسمين” جميلة، وجميلة جدا، لكن الوجوه لا تلقاها ببسمة ولا بفرح، انما بوجع وقهر وجوع.. وبدولة تخلّت عن أهلها.. كان الله بعون الناس.