ماذا تعني كسروان “عرين الموارنة”؟

كتبت نادين فارس:

ماذا يمكن أن تعني كسروان “عرين الموارنة”، محلّياً ووطنيّاً، لأهلها وقاطنيها من جهة، وللّبنانيين عامة من جهة أخرى، في الاستحقاق الانتخابي المقبل؟

أهي معركة كسر عظم؟ ألإثبات الوجود في المعادلة وحصد العدد الأكبر من الأصوات أو المقاعد؟ أتختصر بخلاصة ما يمكن أن تنتجه العمليّة الانتخابيّة من موقع متجدّد ومتقدّم للمستقلّ النائب المستقيل نعمة افرام والمتحالفين معه في دائرته وعلى امتداد الخريطة الوطنيّة، أو كيف تتوزّع مقاعد الأحزاب والتيارات والشخصيّات العامّة الأخرى في الندوة البرلمانيّة؟ 

مع هذا الجوّ الملبَّد بالخيبة والوجع، وتعاظم ألم الشعب أمام رؤية المصالح الخاصّة والفئويّة والإقليميّة تطغى على الصالح العام، ومع انعدام احترام الكرامة البشريّة، من البديهيّ القول إنّ الوقت قد حان للنظر، الأصحّ لإعادة النظر، في مفهوم كسروان “عرين الموارنة”.

هل يمكن للأمر أن يتمّ فحسب عن طريق الأشخاص والقوى وقلب الموازين، أو من خلال تكريس حقيقيّ، فعليّ وقيميّ، ومن خلال مشروع، للوجدان المارونيّ في هذه المنطقة من لبنان، كما في غيرها من المناطق؟

ليست مقاربتي هذه دينيّة أبداً ومطلقاً. إنّها مطالعة مدنيّة عمليّة لمسار مبكر وسابق، بدأه نعمة افرام من منطلق واقعيّ علميّ وقيميّ في تحديد عناوين هذا الوجدان بالمباشر منذ إطلالته الأولى على الشأن العام من خلال ترؤّسه مجلس إدارة “جمعيّة الصناعيين اللبنانيين” العام 2010. تتابع من ثمّ بعد إطلاقه مبادرة “لبنان الأفضل” العام 2013، متّبعاً نهجاً وطنيّاً شاملاً ورؤيويّاً لتحديد آفاق الإصلاح الاقتصاديّ والاجتماعيّ والحكميّ والسياديّ للبنان. واستكمل خلال قيادته “المؤسّسة المارونيّة للانتشار” العام 2016، فانتخابه في أيار 2018 نائباً عن دائرة كسروان – جبيل بعد رفع حملته لواء برنامج ” الإنسان أوّلاً”، وشغله منصب رئيس اللجنة البرلمانيّة للاقتصاد الوطنيّ والتجارة والصناعة والتخطيط. ليعود ويستقيل احتجاجاً على الفساد وعدم إنتاجيّة المنظومة السياسيّة التي أدت إلى الانهيار الماليّ، وانحناء أمام الدماء التي سالت في بيروت بعد انفجار مرفئها العام 2020. تتوّج هذه المسار أخيراً وصولاً إلى العام 2021 مع “مشروع وطن الإنسان”، وهو منصّة سياسيّة وطنيّة تهدف إلى تحقيق سعادة وكرامة الشعب اللبناني وتشييد جمهوريّة الإنسان والحرّية والرسالة والسيادة في لبنان.

ماذا عنت كسروان “عرين الموارنة” لنعمة افرام ضمن هذا المسار، وماذا يعني له اليوم هذا الوجدان الماروني ّمحلّياً ووطنيّاً؟ 

إنّ كلّ عمل سياسيّ واجتماعيّ واقتصاديّ قائم من خارج صفاء الكرم الروحيّ للموارنة الذي كان يشبه كَرَم الرسل، وبعيداً عن الزهد في زمن الرضوخ للحسابات والمصالح والدنيويّات، سيبقى دون الأمال والطموحات والتوقّعات. ولن يكون هذا العمل السياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ ناقصاً وهو حتماً كذلك، لا بل مساهماً مباشراً في الإبقاء على هذا الليل المارونيّ الكسرواني واللّبناني الموجع الذي كان قد أوصَل الوطن إلى قعر معيب، خانع راضخ وذليل، مع تضافر لعشرات لا بل مئات من الأسباب والمسبّبات الأخرى. 

يعني مشروع افرام لكسروان “عرين الموارنة” كما للبنان، النموذج لوطن في جمهوريّة الإنسان، وهدفه تحقيق سعادة المواطن من خلال دولة المؤسّسات المنتجة والرائدة ودولة الخدمات المتفوّقة. تحمل هذه الدولة للإنسان قيم الحرّية والكرامة والحقوق كما الواجبات، وتتحلّى بمبادئ الحداثة والإنتاجيّة والازدهار والفرص المتساوية. معها وبعدها، لا يجوز التحدّث عن “عرين الموارنة” مغيبين المسؤوليّات العظام التي أودت بكسروان ولبنان إلى الحال المعروفة أوّلاً، أو إهمال المبادرات التي تطمح إلى تغيير واقع العمل السياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ في هذه المنطقة كما في كلّ لبنان، وجَعله في خدمة الإنسان أوّلاً. 

إنّ السياسة هي فنّ شريف شفاف وصادق يلتزم النشاط الوطنيّ السياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ والتشريعيّ والإداريّ والثقافيّ والإبداعيّ وغيره، المتعدّد الأشكال، من أجل تعزيز الخير العام في حاضِنة الوطن، حيث تتضافر مُجمل أوضاع الحياة التي يجب أن تقوم لتمكّن الأشخاص والجماعات فيه من تحقيق ذواتهم تحقيقاً أفضل.

إنّها كذلك لارتباطها بالشخص البشريّ وقيمته العظمى وحقوقه الأساسيّة المرتكزة على الشريعة الطبيعيّة المكتوبة في قلب الأوطان من خلال الإنسان، والحاضرة في مختلف الثقافات والحضارات.
وهي كذلك لأنّ هذه هي وظيفة أصحاب السلطة السياسيّة، فإذا فرّطت بما هو مرسوم لها، وقعت الفوضى الوطنيّة والقيميّة والسياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، وهذا ما حصل في كسروان  عرين الموارنة” وفي كلّ لبنان.

خارج هذا الوجدان، لا سياسة ولا سياسيين، ولا “عرين موارنة” ولا موارنة ولا لبنان. لقد آن الوقت لنعود ونبني لبنان وطناً للإنسان، نحرّره من خاطفيه فنستعيد كرامته، ونؤمّن سعادته، ونصون حقوقه، ونحمي حرّيته، بعيداً عن حيلة العاجز، واستسلام القاعد، وأسلوب المستنكف، وطريق الخامل، وسبيل المستكين، ونهج باعة القيم، حيث يقترن الفعل والعمل والخطط والبرامج بالروح التي تؤيّدها حركة التاريخ.

إنّها روح الإنسان التي تفتح الستارة على الحياة والبلاد، وعلى احتمالات الضوء والقيامة، وهذا ما تعنيه كسروان “عرين الموارنة” لنعمة افرام من خلال مسار ثابت ما عرف يوماً تبديلاً، وخلاصة “مشروع وطن الإنسان”.