الإنتخابات البلدية في طرابلس… “لا حسّ ولا خبر”

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”: 

لا حس ولا خبر عن الإنتخابات البلدية في طرابلس، تراجع الحديث بالكامل عن إمكانية إجرائها، ولا حديث عنها يذكر. حتى الحراك البسيط الذي برز في الأشهر الماضية في هذا الإتجاه سرعان ما تلاشى مع تأزم الأوضاع على المستويات الإقتصادية والإجتماعية وشبه القناعة التي سادت باستحالة إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية والبلدية معاً؛ وعليه ستدفع الإنتخابات البلدية ثمن التأجيل.

أحدثت طرابلس في انتخابات البلدية الأخيرة 2016 إنقلاباً كاملاً في موازين القوى، في مدينة لطالما كانت الإنتخابات البلدية فيها انعكاساً للجو السياسي السائد فيها. في المقابل لم يفلح المجلس البلدي الطرابلسي الجديد بعدما وصل على رافعة اللواء أشرف ريفي السياسية في مقابل لائحة تحالف “الحريري – ميقاتي” التي مُنيت بالهزيمة. جاء المجلس تجسيداً لحالة تململ شعبي من السياسيين وأدائهم؛ وينعكس بطبيعة الحال على المجلس التابع للقوى السياسية التي تتحكم بمفاصل المدينة. تململ الناس من أداء الحريري وميقاتي جعلهم يصوّتون بكثافة لصالح لائحة ريفي، التي اكتسحت أغلبية المقاعد في المجلس البلدي الطرابلسي، وشكّلت المجلس الحالي الذي تحرر من سلطة ريفي السياسية في ما بعد ليصبح يتيم الأب والأم حالياً.

على أن الخلافات في المجلس الجديد لم تتوقف، لتبقى هي الصفة العامة على معظم المجالس البلدية بعد العام 2004. هذه الخلافات لا تزال مستمرة اليوم وتتخذ كل فترة وأخرى أشكالاً مختلفة، لا سيما بين رئيس البلدية رياض يمق وعدد من الأعضاء المعترضين على سياسته.

وفيما انتظر الطرابلسيون طويلاً هذه الإنتخابات للتغيير، علّ الظروف تأتي بمجلس بلدي جديد مؤلف من 24 عضوا يحسّن الأداء الإجتماعي في المدينة فإن الوقت الضائع ما بين الإنتخابات ونهاية ولاية المجلس الحالي في أيار، ستشغلها الإنتخابات النيابية بلا شك. وبحسب العُرف السائد في المدينة، “فإن رحى الإنتخابات ومعاركها لا تدور إلا قبل 6 أشهر من موعدها، لكن للإنتخابات البلدية في لبنان هذه المرة شكلاً مختلفاً عن السابق، كونها تتزامن مع الإنتخابات النيابية والرئاسية. وأمام تعاظم الإهتمام الدولي والمحلي بالإنتخابات النيابية هذه المرة، فإن الأحاديث عن الإنتخابات البلدية تراجعت في لبنان على مستوى جميع المناطق وبالأخص في مدينة طرابلس. أين الناس وأين البلدية اليوم؟ فاهتمامات الناس في طرابلس في مكانين لا ثالث لهما: الأوضاع المعيشية والإنتخابات النيابية، أما البلدية فلا من يسأل عن شأنها، حتى الشخصيات المدنية أو ذات الطابع السياسي، التي كانت تستعد لخوض غمار التجربة، أقلعت عن الفكرة وسط اعتقاد سائد لدى الجميع بأن الإنتخابات البلدية في طور التأجيل لا محالة، وقد يمتد هذا التأجيل لسنة أو أكثر وليس مجرد تأجيل تقني؛ نتيجة انشغال البلد في الإنتخابات الرئاسية لاحقاً في الأوساط الطرابلسية من يعتقد بحتمية تأجيل الإنتخابات النيابية رغم أنها تأخذ الحيز الأكبر من الحديث الداخلي والدولي، فما بالك بالبلديات التي لم يعد هناك من يتحدث في شأنها! من جهة ثانية يعزز أداء وزير الداخلية بسام مولوي الشعور بتأجيل الانتخابات البلدية حيث أنه دائم التأكيد على إجراء النيابية في موعدها؛ بينما لا حديث يرصد له بالمقابل بشأن البلديات ومواعيدها، سيما وأن هناك من يتحدث عن مهمات ثلاث للحكومة الحالية: الكهرباء، إجراء الانتخابات النيابية والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، ولا وجود للبلديات في برنامجها.

في قضاء طرابلس بلديتان منحلتان هما: الميناء والقلمون ولم تجرِ الإنتخابات البلدية فيهما، أما في طرابلس وأمام الإعتقاد شبه الحتمي بالتأجيل، يتربّع رياض يمق مرتاحاً على كرسيه، رغم الإعتراضات الشعبية الواسعة على أدائه، ووسط انشغال القوى السياسية وقوى التغيير بمعاركها النيابية، بينما تقوم القائمقام إيمان الرافعي بمهام بلديتي الميناء والقلمون بتكليف من المولوي. وأمام تراجع الأداء في بلديات القضاء، فالشعب هو من يدفع فاتورة هذا الإستهتار بالإستحقاقات الدستورية ومواعيدها.