مات لبنان أين السبونسور

“ليبانون ديبايت” – روني ألفا

لا حاجَة لإعلان لبنان دولَة فاشِلَة. نشهد على فشل دولتنا كلّ يوم منذ عقود من دون إعلان ولا إفصاح. بجديّة مطلقَة يجب أيضاً الإقلاع عن التعرّض لهذا أو لذاك من المسؤولين عن حياتنا الوطنيَّة. التعرّض لهؤلاء من باب فشّة الخلق لا يغيّر شيئاً. دعوهم وشأنهم. هم تمسَحوا ونحن أيضاً. طبيعة الكيان والدولة تجعله عصيّاً على الإصلاح بتغيير الأسماء. هناك أشخاص أنظَف من أشخاص إنما اتِّساخ النظام كفيل بتلطيخ الجميع من دون إستثناء. النظام اللبناني مبني على مواصفات تكوينيّة مونغوليَّة وليس على إضافات أو كماليات يمكن استبدالها. أوَّل التأقلم مع مونغوليَّة النظام تدريب كلّ من يقترب منه على كل أصناف الرذائل. أُدخل نظيفاً إلى النظام واتَّسِخ غصباً عنك. كيف إذا كنتَ وسِخاً أصلاً. سيوافق شنٌّ طبَقَ.
يشاهد اللبنانيون السُذَّج منهم والأذكياء طبيعة مشيَة الحَجَل للنظام. نفتح دورة إستثنائيَّة للمجلس النيابي ونقايض المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بالموازنة. نلتفّ على القرار عينه بفرض بنود على المجلس النيابي فينتفض المجلس ليؤكد أنه سيد نفسه. هيكل فيه كل أنواع التجارة الممنوعة منها والمسموحة. صفقة يتم إنضاجها لتطال إقصاء قضاة ومسؤولين أمنيين ثمَّ تُجهَض. لا أحد من أركان النظام يريد إعطاء هدايا مجانيَّة للآخَر. المواطن على كرسي الفرجة والدولار ينطح الثلاثين ألف ليرَة ويصوّب سعيداً على الخمسين والمئة ألف. لم يواجه النظام تحدي الإلغاء الذاتي بالقدرالذي يواجهه اليوم. بالتأكيد لأن السبونسور غائب. في غياب الأصيل يتخبط الوكيل محاولاً تحصين حقوقه والمعني

بها بالطبع سلطته وجبروته الشخصي. لا انتخابات من دون سبونسور. أغلب الظن أنَ الإنتخابات لن تُجرى قبل عودة الأصيل. متى يعود هذا في علم الغيب.

البوريفاج وعنجر ستعودان. ربما عوكر وقصر الصنوبر أو أي سفارة معتمدة في لبنان. لا احد يعرف متى. إذا عادت السفارات قبل الإنتخابات ستكون الإنتخابات إنعكاساً لإرادة الخارج. سينتعش النظام بعصا السبونسور. سوريا، السعوديَّة، إيران، أميركا وربما الزيمبابواي أيضاً. وطن محروم حتى من بارقة سيادة. متروك كخرقة بالية أو دولاب مستعمَل لا يصلح حتى للإشتعال في إقفال طريق. هذا هو وضع لبنان العجوز حتى إشعار آخر. الطامة الكبرى أنَّ البلد يحشرِج موته دون أن يتوفّى. هو حيٌّ ميت وميتٌ حيّ. نموذج سياسي فريد من نوعه في العالم مفتوح على كل أصناف الجنون. لا حلّ ولا انحلال. لبنان في الوقت الضائِع. ليس لدينا إلا الوقت الضائع. وقت خارج الوقت وداخل المتاهة.

لا مكان في هذه المتاهة إلا لنموّ الحقد. أحقاد أركان النظام بين بعضهم البعض وأحقاد الناس على أركان النظام. الحرب ستكون نتيجة حتميَّة وتناسل الطيونة في كل شارع سيناريو يومي. مع سياسة المقايضة تعطَّل القضاء كسلطة مستقلَّة. إنفجار مرفأ بيروت دخل متاهات إغتيال رفيق الحريري. سيمرّ وقت طويل قبل معرفة القاتل. الحقيقة هنا أيضاً ستكون نتيجة المقايضات. وحدها مثاوي شهداء المرفأ ستغضب. غضبها لن يفيد لأنَّ الأموات لا ينتفضون. سيحظون بدموع أحبائِهم كجوائز ترضيَة. لا كفّ أيادي للقضاة في العالم إلا في لبنان لأنَّ النظام مكفوف. صار مشروعاً القول أنَّ لبنان غلطة تاريخيَّة وأنه يجب تصحيحها. بالدم أو بالحبر لا فرق إنما يجب محوها عن بكرة أبيها.

الدولة ماتت. بحزن نعترف بموتها. الأمل أن يبقى من يدفنها. في حفرَة عموميَّة سيكون مثواها. سيتمّ تفريخ لبنانات جديدة ومعها شعوب متفرّقَة. أبطال جدد سيتولون الزعامة عليها. إما السبونسور وإما تمديد الموت. مع السبونسور سيتولّى الأبطال الجدد تأليه دعسَة أصحاب الرعايَة. سيُسمَح للناس في لبنان تخزين الطحين والإهتمام بإطعام الرضَّع فقط. رأيهم في نظام بلدهم سيكون ثانويّاً. فرزُهم ثمَّ ضَمُّهم. حتى العقار كقطعة أرض صمّاء أفضل حالًا منهم لأنه مبني على الضمّ والفرز. لا شيء سوى ذلك. ستتغيّر الوجوه ولكن لن يبقى سوى وجه ربِّكَ له الشكر والحمد.