لا ثقة بأي حوار

ليبانون ديبايت” – فادي عيد

سوف يكون من الصعب أن تلبّي القوى السياسية دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الحوار، وذلك، في الوقت الذي انقسمت فيه هذه القوى إلى جبهات ومحاور متناحرة على كل الملفات والعناوين الوطنية، كما المصيرية، وصولاً إلى الحياتية. وتعتبر مصادر سياسية واسعة الإطلاع، أنه من حيث الشكل، فإن ترميم صورة طاولة الحوار الوطني في قصر بعبدا، قد يكون بمثابة التحدّي الكبير أمام العهد عشية استحقاقات عدّة، إذ من الواضح أن ما من فريق سياسي لديه الإستعداد لمنح فريق العهد هذه “الهدية” التي لا تصبّ سوى في خدمة هدف واحد هو تعويمه بعد خمس سنوات من سياسة الصدام التي اعتمدها تجاه غالبية الأفرقاء على اختلاف مشاربهم.

فالحوار، وكما تقول المصادر نفسها، لم يعد الإطار المفترض للدفع نحو استعادة ثقة اللبنانيين، كما أنه ليس السبيل إلى لجم الإنهيار المتسارع، أو تحريك عجلة حكومة “إلى العمل” المجمّدة منذ شهرين، ما يؤدي إلى إقفال باب الحلول للأزمة الإقتصادية التي يبدو أنها تتّجه إلى التأزّم في العام المقبل، وسترخي بظلالها على مجمل المشهد الداخلي، لكن هذه المعادلة وانعدام التفاؤل بإمكان الخروج من دوّامة الأزمة الحكومية الراهنة، ستحول دون أن تسلك دعوة رئيس الجمهورية طريقها نحو التنفيذ، وذلك على الرغم من أن الحوار الفاعل والجدّي بين المرجعيات والقيادات السياسية والحزبية، هو أكثر من ملحّ، ولكنه لا يحلّ مكان مجلس الوزراء في مقاربة الأزمات المتراكمة.

وبالتالي، فإن المصادر نفسها، تكشف عن أن استمرار المأزق الحكومي، هو الردّ المباشر والأولي على الدعوة الحوارية، إذ أن الخلافات بين القوى التي يتشكّل منها مجلس الوزراء، هي التي تختلف مع بعضها اليوم، فيما الباقون يكتفون بالتفرّج على حلفاء الفريق الواحد العاجزين عن تجاوز هذا المأزق، فكيف سيواجهون حواراً بين فريقهم والقوى المعارضة له حول مسائل بالغة الدقّة والحساسية، في مقدّمها الإستراتيجية الدفاعية التي ما زالت إلى اليوم شعاراً مرفوعاً وليس أكثر.

ولذا، فإن كل المؤشّرات لا تزال تدور في فلك السلبية المطلقة، وبالتالي، تؤكد المصادر، أن الحوار الصريح والمباشر بعيداً عن الحملات السياسية، هو الكفيل بإتاحة المجال أمام ترميم الجسور، وبإعادة الإنتظام إلى المؤسّسات الدستورية، مع العلم أن كل محطات الحوار السابقة لم تفضِ إلى تحقيق أي تقدّم فعلي في أي من المواضيع التي طُرحت فيها، وذلك، على الرغم من صدور قرارات بالإجماع بين المتحاورين.