جاء في “المركزية”:
بتوقّيع رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب اعضاء مجلس النواب في 15 ايار للمقيمين وفي 12 منه للموظفين المشاركين في العملية الانتخابية وفي 6 و8 ايار لغير المقيمين على الاراضي اللبنانية، يشق ملف الانتخابات النيابية دربه الدستوري رسمياً، اذا لم يطرأ طارئ او تفتعل جهة ما متضررة، وتحديدا من المنظومة الحاكمة، حدثا امنياً يوفر من الاسباب ما يكفي ويزيد لتطيير الاستحقاق ومنع قطار التغيير من بلوغ محطة يتطلع اليها اللبنانيون السياديون بشوق، باعتبارها آخر خرطوشة في مسدس آمالهم ببناء وطن يحلمون ويناضلون للبقاء فيه، ولعودة من هجرتهم سلطة الامر الواقع قسرا بحجبها ادنى مقومات الحياة عنهم.
وفيما تنشط قوى التغيير والمجتمع المدني واحزاب المعارضة على خط الاتصالات لترتيب التحالفات الكفيلة اذا ما اتحدت في بوتقة واحدة باطاحة جزء كبير من المنظومة، تجري بعض احزاب المعارضة المسيحية تقييما داخليا ذاتيا لواقعها تمهيدا لتحديد مرشحيها في المناطق، بحيث تبقي على الفاعلين منهم الذين اثبتوا نجاحهم في مواقعهم البرلمانية وتستبدل آخرين بمن يمكن ان يكونوا افعل واكثر انتاجية في مجال العمل النيابي بما يتناسب وطبيعة المرحلة الحساسة.
في السياق، تعقد الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية اجتماعات مكثفة ومفتوحة بعيدة من الاضواء، على غرار عادتها عند كل استحقاق ومحطة وطنية مفصلية وتناقش ملف الترشيحات الذي تسرب البعض منه لجهة استبعاد نواب حاليين والابقاء على آخرين فما هي المعايير التي ترتكز اليها في الاختيار؟
تؤكد أوساط معراب لـ”المركزية” ان جملة اعتبارات تتحكم بهذا القرار تفنّدها على النحو الآتي:
أولا، التنظيم الدقيق المشهود للقوات باختيار كوادرها في المواقع الحزبية او في المناصب العامة والتي تأتي ترجمة لرؤيتها باختيار الأفضل في المكان الأنسب.
ثانيا، التبديل لا ينتقص من كفاءة أحد ودوره، لأنه لو لم يكن أساسا قد أثبت جدارته لما تم اختياره لهذا الموقع او ذاك.
ثالثا، لكل مرحلة سياسية ظروفها ومقتضياتها وترشيحاتها التي تأتي تجسيدا لمتطلبات هذه المرحلة او تلك.
رابعا، تكليف اي حزبي في مسؤولية حزبية او عامة لا يبدِّل في دوره النضالي قبل هذه المسؤولية او إبانها او بعدها، إنما هو تكليف حزبي لمدة محددة ضمن مسؤولية معينة في سياق نضاله المستمر والمتواصل.
خامسا، القوات اللبنانية مدرسة مقاومة ونضال وعناصرها وكوادرها لا تغرّهم المناصب والمواقع، إنما يتعاملون معها كوسيلة تحقيقا لأهداف القضية، والتغيير يأتي في سياق الأولويات الحزبية تبعا للمراحل السياسية.
سادسا، لا تنفصل نظرة القوات اللبنانية إلى السلطة ضمن سياق مشروع سياسي عنوانه قيام دولة، عن نظرة القواتيين إلى المواقع التي يتسلمونها في سياق المشروع النضالي نفسه، وترى القوات انه في اللحظة التي تدخل إلى جسمها لوثة السلطة ينتفي مشروعها النضالي الذي يختلف في الشكل والجوهر عن مشاريع غيرها السلطوية.
سابعا، يعرف كل قواتي ان المسؤولية الحزبية عبء على كل من يتحملها لأنه يمثِّل آلاف الشهداء والتضحيات والنضالات، وبالتالي هي مسؤولية تاريخية ونضالية لا وجاهة سياسية على غرار غيرها من القوى السياسية.
ثامنا، التغيير يأتي أيضا في سياق رغبة البعض في مواصلة النضال من خارج إطار المسؤولية العامة، والعودة إلى الإطار الحزبي.
انتخابات 2022، تكاد تكون الاكثر تأثيرا في تاريخ لبنان الحديث نظرا للمعوّل عليها لجهة التغيير السياسي المنشود اولا والرئاسي ثانيا، بحيث ينتج مجلس ايار رئيس جمهورية في تشرين تُبنى عليه آمال عريضة لانتشال لبنان من قعر الهاوية، فهل تتناسب تقلبات رياح الترشيحات القواتية مع طبيعة المرحلة الحبلى بالتطورات والعواصف التي تضرب المنطقة؟ هي مسألة خمسة اشهر سيفرز فيها الخيط الابيض من الاسود، على امل الا يبقى في لبنان الا الابيض ويزول سواد الايام عن شعبه المستحقّ.