بكلام قاس وعالي النبرة، خاطب الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش الطبقةَ الحاكمة. على مسامع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي استقبله في قصر بعبدا عصر امس، قال “نظراً الى معاناة الشعب اللبناني، لا يحق للقادة السياسيين أن يكونوا منقسمين ويشلوا البلد”، لافتاً الى أن اللبنانيين يتوقعون منهم “إعادة احياء الاقتصاد” وضمان “حكومة فاعلة”. ودعاهم “الى العمل معاً لحل الأزمة”، مضيفا “استحقوا الشعب اللبناني”. وشدد على أن هدف لقاءاته في لبنان هو “مناقشة أفضل السبل لدعم شعب لبنان في تجاوز الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية وتعزيز السلام والاستقرار والتنمية المستدامة”. واعتبر أن الانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل ستشكل محطة “رئيسية، وعلى الشعب اللبناني أن يلتزم بشكل كامل في اختيار كيفية دفع البلاد قدماً”.
المسؤول الاممي أبرز اذا، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، اولويةَ إحياء عمل مجلس الوزراء رحمةً بالبلاد والعباد، وشدد على اهمية تنظيم الانتخابات النيابية في موعدها، كما زار اليوم المرفأ المنكوب في وقفة لافتة، تؤكد حرص العالم على كشف حقيقة ما حصل في 4 آب ومحاسبة المسؤولين عن الجريمة…. فأين المنظومة من هذه المطالب التي حملها غوتيريش الى بيروت، باسم الاسرة الدولية قاطبة؟
رئيس الجمهورية، وفق المصادر، كرر الكليشيهات الكلاسيكية المتوقّعة، في مثل هذه المناسبات، وأسمع ضيفَه ما يريد الاخير او يحبّ سماعه. فطمأنه الى “اننا سنُوفّر للانتخابات كل الأسباب كي تكون شفافة ونزيهة تعكس الإرادة الحقيقية للبنانيين في اختيار ممثليهم”، مضيفا “نعمل على تجاوز الأزمات ولو تدريجياً من خلال وضع خطة التعافي الاقتصادي لعرضها على صندوق النقد الدولي والتفاوض بشأنها كذلك بالتزامن مع إصلاحات متعددة في المجالات الاقتصادية والمالية والإدارية”.
هذا الكلام الجميل ستُظهر الايام المقبلة صدقه او زيفه. لكن المعلومات التي تضجّ بها الصالونات والكواليس السياسية لا تدعو الى التفاؤل لا انتخابيا ولا قضائيا. فالمنظومة على ما يبدو، تحاول في ما بينها، إبرامَ صفقة سياسية ستكون اكبر ضحاياها الانتخابات وتحقيقات المرفأ. بينما اعلى مرجع اممي لا يزال في بيروت، وفيما هو يواصل جولاته مكررا نداءاته الى السلطة السياسية بالاصلاح والانقاذ وإطلاق يديّ القضاء واعطاء الناس حقّ التعبير عن رأيها في صناديق الاقتراع(…)، هي – اي الطبقة السياسية – تعمل في الكواليس، في الاتجاه المعاكس تماما. فبحسب المصادر، يكثر الحديث عن صفقة جار طبخها بين العهد والتيار الوطني الحر من جهة والثنائي الشيعي من جهة ثانية، تقوم على مقايضة: الاول يقبل بتكبيل يديّ المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، عبر لجنة تحقيق برلمانية يتم تأليفها او عبر تفعيل دور المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وفي المقابل، يقبل الفريق الثاني بحصر اصوات الاغتراب بالدائرة 16، اي بـ6 نواب، عبر التصويت على هذا المطلب في البرلمان او عبر دفع “الدستوري” الى قبول طعن “لبنان القوي” في هذا الشأن في قراره الذي سيصدر غدا. وهذا الامر قد يتهدد “تقنيا” الانتخابات برمّتها..
واذا كان هذا “الديل” سيحرّر مجلسَ الوزراء، فإنه لن يُرضي ابدا لا اللبنانيين ولا غوتيريش ولا العالم، ولن يفتح ابواب الدعم الدولي امام لبنان – الدولة.. فإن المصادر تعتبر ان من الافضل ان تبقى الحكومة معطّلة على ان يُفك اسرها بهذا الشكل “المهين”!
المصدر:kataeb