انفجار المرفأ يتكرّر في البرج الشمالي.. مشاهد تكشف فرضية “غير مطمئنة”

لا يمكنُ اعتبار انفجار مخيم البرج الشمالي– صور، الذي وقع مساء يوم الجمعة، بمثابة حادث عرضي يمكن التغاضي عنه وعدم الوقوف عند حيثياته وخلفياته.
ما شهده المخيم في تلك الليلة كان كافياً لبروز روايات عديدة حملت الكثير من الفرضيات، إذ قيل في البداية أن الحادث وقع داخل مستودعٍ للذخيرة والأسلحة، في حين جاءت معلومات أخرى لتشير إلى أنّ المستودع كان يتضمن قوارير غاز وأوكسجين.
التضارب في الروايات يعتبرُ بمثابة أمر متوقع في ظل هذه الأحداث، إلا أن حركة “حماس” حسمت الجدل في بيانٍ لها يوم أمس السبت، بعدما أكّدت أن الحريق الذي تبعه انفجار كبير، قد حصل بسبب “ماس كهربائي”، موضحة أن “محتويات المستودع اقتصرت على اسطوانات أوكسجين مخصصة لمرضى كورونا”

“حماس” التي نفت ما جرى تناقله عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا جراء الانفجار، وضعت أيضاً كل التقارير التي تحدثت عن أسباب ما حصل في إطار “الفبركات”.

حتى الآن، فإن التحقيقات بالحادث ما زالت مستمرة، إذ أن النيابة العامّة الاستئنافية تواصل عملها لجلاء حقيقة ما حصل في البرج الشمالي. وفي هذا الإطار، قالت مصادر فلسطينية لـ”لبنان24″ أنّ “فرقاً متخصصة حضرت إلى المكان بين ليل الجمعة والسبت، وأخذت عينات من الرماد الموجود في المستودع، كما أنه لوحظ وجود عددٍ من قوارير الغاز داخله وقد بدت محترقة بشكل كامل”.

مع هذا، فقد علم “لبنان24” أن اجتماعاً على مستوى قيادات “حماس” عُقد يوم أمس، وقد جرى خلاله التداول بحيثيات الانفجار والبحث في سبل معالجة ذيوله وإعادة الهدوء إلى مخيم البرج الشمالي.

 

وفي ظل هذه المشهدية، فإن ما أعلنته حركة “حماس” بشأن أسباب الانفجار أثار موجة من الشكوك، إذ اعتبرت بعض الجهات أن الروايات التي صدرت ليست واضحة بما يكفي وقد تحمل بعض الالتباسات.

 

خلال ليلة الحادثة، انتشرت فيديوهات عديدة توثّق لحظات ما قبل وقوع الانفجار. وفي الواقع، فإن تلك المشاهد التي تم تداولها بكثرة إلى جانب روايات شهود عيان، أعادت الذاكرة إلى الدقائق الأخيرة القليلة التي سبقت انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020. حينها، برزت بشكل واضح قبل الانفجار الكبير المُدمر أصوات انفجارات كثيرة وسط حريق هائل، وما حصل في البرج الشمالي كان مماثلاً إلى حدّ كبير لما حصل في بيروت، إذ اندلع حريق ترافقت معه أصوات انفجارات عديدة خرقتها أصوات إطلاق نار ليقع بعدها الانفجار الأكبر. ولهذا السبب، فإنّ الفرضية التي برزت بشكل كبير ارتبطت بوجود ذخائر وأسلحة داخل المستودع، لأن أصوات الانفجارات التي سُمعت خلال اندلاع الحريق قد تشير إلى وجود مواد متفجرة يمكن أن تكون ذخائر بحسب ترجيحات بعض المراقبين.

في المقابل، فإنّ حجم الانفجار الذي وقع ليس كبيراً، وهذا ما تبين من حجم الخسائر المادية وعدد الإصابات، إذ أنه لا منازل مُدمرة في حين أن المستودع الذي شهد على الحادثة يقع بجوار مسجد ، ومبنى الأخير لم يتعرض للتدمير بل احترق الطابق الأول منه بسبب الحريق وعصف الانفجار الذي وقع. وعليه، فإن هذه المعطيات الظاهرة تشير إلى أن محتويات المستودع لم تكن تدميرية، ومن الممكن أن تقتصر على مواد قابلة للاشتعال والانفجار مثل الأوكسجين وقوارير الغاز.
ماذا لو كان هناك مخزن للأسلحة والمتفجرات؟

ما حصل في مخيم البرج الشمالي تزامن مع نشر صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية، الجمعة، تقريراً أشار إلى أن حركة “حماس” ستشكل وحدة جديدة تابعة لها في لبنان لمواجهة إسرائيل.
ووفقاً للتقرير العبري، فإن “حماس أنشأت بهدوء جبهة لبنانية لحركتها التي تتخذ من قطاع غزة مقراً لها في السنوات الأخيرة، من أجل فتح نقطة مواجهة إضافية ضد إسرائيل في النزاعات المستقبلية”.

كذلك، زعم التقرير أن “الطلقات الأولى من المقر اللبناني جاءت خلال الحرب التي استمرت 11 يوماً بين إسرائيل وحماسفي شهر أيار الماضي، عندما أطلقت 4 صواريخ على شمال إسرائيل من لبنان”.

ما تضمنه هذا التقرير الإسرائيلي إنما يشير بشكل غير مباشر إلى قاعدة أساسية لـ”حماس” داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، ومن خلالها يمكن الانطلاق لتنفيذ عمليات ومهمات تحت إطار الوحدة الجديدة التي يُزعم أنها موجودة في لبنان. وعليه، فإن هذا الأمر يفتح الباب أمام تكهنات بشأن وجود مستودعات تعود لتلك الوحدة.

ولو كان ما جرى في البرج الشمالي مرتبطاً بمستودع ذخيرة، فإن الإعلان عن ذلك قد لا يتحقّق لأسباب عديدة أبرزها:

1- في حال جرى الإعلان عن وجود ذخائر بالقرب من مسجد ومنازل، فإن هذا الأمر سيشكل ضربة كبيرة لـ”حماس” أمام جمهورها وأمام الرأي العام ككل، وسيجري تحميلها مسؤولية تخزين مواد قابلة للانفجار في الأوساط السكنية.

2- لا يمكن لأي فصيل فلسطيني أن يكشف عن أماكن خاصة له يجري تخزين مواد متفجرة ضمنها، لأن ذلك قد يجعلها عرضة للاستهداف.

3- في حال جرى تأكيد أن ما حصل ارتبط بمتفجرات وذخيرة، فإن هذا الأمر سيسلط الضوء من جديد على السلاح الفلسطيني في لبنان، وسيفتح الباب أمام ملف كبير قد يتم ربطه بسلامة السكان، على اعتبار أن انتشار ذخائر في مستودعات بين المنازل يعتبرُ أمراً خطيراً.

وتعليقاً على كل ذلك، يقول قيادي بارز في حركة “حماس” في لبنان لـ”لبنان24″إنّ “الحركة كانت واضحة في بيانها بشأن الحادث”، معتبراً أن “التصويب الذي حصل والروايات المختلقة بشأن مخازن ذخيرة في الأوساط السكنية هدفه الترويج على أن الحركة تهدّد أهلها وحياتهم، وهذا الأمر مرفوض تماماً”.

وتوقف القيادي عند التقرير الإسرائيلي بشأن “تشكيل وحدة جديدة لحماس في لبنان”، وقال: “حماس واضحة في مقاومتها، ولا تتستر خلف أي غطاء كان، والعدو الإسرائيلي يسعى عبر ذلك لإقحامنا في مشكلة مع الدولة اللبنانية من خلال الترويج لتقارير غير مبنية على أسس صحيحة، وهذا الأمر بات معروفاً وهو أسلوب دعائي يعتمده الصهاينة دائماً”.