أطلقَ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فور عودته من مؤتمر غلاسكو، موقفاً تصعيدياً لافتاً، إذ توقّف عند نهج التفرّد والتعطيل الذي تعرّضت له حكومته من الداخل بعد شهر واحد من عمرها.
وأطلق سهامه بأكثر من إتجاه، مُشدّدًا على أن “الأمور لا تدار البلاد بلغة التحدي والمكابرة، ومَنْ يعتقد أنه قادر على فرض رأيه بقوة التعطيل والتصعيد الكلامي على المنابر فهو مخطئ”.
وفي قراءته للمواقف التي أطلقها رئيس الحكومة عَّلق رئيس معهد “المشرق للشؤون الإستراتيجية” سامي نادر قائلًا: “هذا أمر جيد لأنه آن الأوان لكي يرفع الرئيس ميقاتي رأسه ويُعلِن رفضه للحال الذي وصل إليه البلد”، مُعتبراً أن “البلد مخطوف، بالتالي يجب أن يقف أحد ما ويرفض أن يأخذ البعض لبنان بإتجاه معيَّن”.
وذكّر نادر في حديثٍ لـ “ليبانون ديبايت”، بأنّه لا يمكن لأحد أن يأخذ البلد على عكس إرادة اللبنانيين وهو لا يمثّل الجهة الرسمية المخوَّلة بذلك، وما قام به الرئيس ميقاتي اليوم هو تأكيد على أن لبنان الرسمي لا يوافق على ما حصل. وهذا هو الحدّ الأدنى المطلوب. ولو أنه تأخَّر قليلا بموقفه لكن أن “يتأخر قليلاً أفضل من أن لا يأتي أبداً”.
وعن لغة التحدي والمكابرة ومن قصد بها ميقاتي، رأى نادر أن هذا الكلام ”موجَّه لشركاء الداخل ولكن أيضاً هو يوجِّه رسائل للخارج وللأسرة العربية المُمتَعِضَة والتي فقدت الأمل بلبنان وقَرَّرَت أن تقطع العلاقات معه، بالتالي فإن كلام ميقاتي يحمل رسالة مزدوجة”.
وبالنسبة لشركاء الداخل، أوضح نادر أنّ “حكومة ميقاتي مُعَطّلَة (الموتورات مطفأة) وقد حاول أن يُعالِج ملفَيْن: ملف الإنتخابات وملف الإنهيار الإقتصادي، إلا أنه لم يفلح بمعالجة أيٍ منهما. كما أنّ المشاكل تحاصر الحكومة التي تعطّلت جلساتها، وباتت تعاني من مشاكل داخلية، ولديها أيضاً مشاكل مع المجتمع الدولي لأنها لا تستطيع الإقلاع والمباشرة بعملها، والعقوبات تنهال من هنا وهناك. وكذلك لديها مشاكل مع الأسرة العربية ومع مؤسسات الدولة تحديدا السلطة القضائية”.
أمّا عن تطرّق ميقاتي لمسألة الإنقلاب على الدستور، فأوضح نادر أن ”الإنقلاب على الدستور هنا المقصود به التعطيل من جهة. ومن جهةٍ أخرى، فإن لبنان هويته عربية ولا يمكنه أن يكون على قطيعة مع الدول العربية، والإنقلاب على الدستور بهذا المعنى يكون عبر تعطيل نظام الجهورية لأن هذا هو الأساس”.
وتابع: “لا يمكن لأحد أن يهدِّد بالتعطيل بمعنى أنه: “إذا ما بتعمل متل ما بدي بنسحب من الحكومة”. أصبح الحكم بفعل الفيتو. وقصة الميثاقية: “إما أن تفعلوا ما أريد أو أقلب الطاولة على الجميع بذريعة خرق الميثاقية – ما هذه الحجة؟ الجمهورية لا تدار بهذه الطريقة، ولا هكذا يتحقّق توازن السلطات ولا المؤسسات”.
وعما إذا كان هذا الموقف مؤشّرا على بداية إشتباك بين “حزب الله” وميقاتي؟ قال نادر لموقعنا: “أجل بالحدّ الأدنى.أعتقد أنه إذا بقيت حكومته معطّلة فعليه هو ورئيس الجهورية إتخاذ القرار المناسب ولا يمكنه الإستمرار على هذا المنوال. وهو تحديداً عليه أن يتصرّف لأنه رئيس هذه الحكومة، بالتالي إذا لم تنعقد جلسات مجلس الوزراء، فلا يمكنه الإنتظار إلى الأبد فما يحصل وكأنه يتم دفعه إلى الإستقالة. لذا يجب عليه أن يحزم أمره ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم”
وعن عدم إستجابه الوزير جورج قرداحي لنداءات رئيس حكومة، لفت نادر إلى أنه “هذا أيضا من مغالطات الإنقلاب على الدستور، فلا لا يمكن أن يكون الوزير مُطلَق الصلاحية. ونرى اليوم أن الوزير أقوى من رئيس الحكومة ورئيس الجهورية، وهو محمي بالطائفة وبالفيتو، وهذا الأمر لا يجوز”.
ورأى أن “هناك طرفاً يستقوي بطرفٍ آخر في الإقليم بوجه رؤساء السلطة الشرعية ورموز السلطة الشرعية. ويبدو أن قرداحي يستقوي بحزب الله. إلا أن المسألة لم تعد متعلّقة بجورج قرداحي بل أصبحت ورقة إقليمية. وقد صرَّح وزير الخارجية السعودي بأن: “المرض الحقيقي هو أن لبنان مخطوف ولا جدوى من الحديث مع الحكومة اللبنانية، لأن لا حيلة لها ولا يمكنها إتخاذ قرار، ولا القيام بالإصلاحات، ولا وقف تصدير الكابتاغون، ولا أي شيء آخر”.
ووفقًا لنادر فإنّ الكلام الذي صدر عن ميقاتي كان يجب يصدر عن “لبنان الرسمي” في حِينه، وكان يجب القول إننا لا نقبل بهذا الكلام ولا نرضى به. وعندما تفوَّه به قرداحي لم يكن وزيراً ولم يكن هناك من داعِ للتبرير”.
وعن سبب عدم القيام بذلك في حينه أجاب: “خوفاً من حزب الله”.
(ليبانون ديبايت)