رافضًا التحدّي…. ميقاتي إتخذ قراره!

أطلقَ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فور عودته من مؤتمر غلاسكو، موقفاً ‏تصعيدياً لافتاً، إذ توقّف عند ‏نهج التفرّد والتعطيل الذي تعرّضت له حكومته ‏من الداخل بعد شهر واحد من ‏عمرها. ‏

وأطلق سهامه بأكثر من إتجاه، مُشدّدًا على أن “الأمور لا تدار البلاد بلغة ‏التحدي والمكابرة، ومَنْ يعتقد أنه قادر على ‏فرض رأيه بقوة التعطيل ‏والتصعيد الكلامي على المنابر فهو مخطئ”. ‏

وفي قراءته للمواقف التي أطلقها رئيس الحكومة عَّلق رئيس معهد “المشرق ‏للشؤون الإستراتيجية” سامي نادر قائلًا: “هذا أمر جيد لأنه آن الأوان لكي ‏يرفع الرئيس ميقاتي رأسه ويُعلِن رفضه للحال الذي وصل إليه البلد”، مُعتبراً ‏أن “البلد مخطوف، بالتالي يجب أن يقف أحد ما ويرفض أن يأخذ البعض ‏لبنان بإتجاه معيَّن”.‏

وذكّر نادر في حديثٍ لـ “ليبانون ديبايت”، بأنّه لا يمكن لأحد أن يأخذ البلد على عكس إرادة اللبنانيين وهو لا ‏يمثّل الجهة الرسمية المخوَّلة بذلك، وما قام به الرئيس ميقاتي اليوم هو تأكيد ‏على أن لبنان الرسمي لا يوافق على ما حصل. وهذا هو الحدّ الأدنى ‏المطلوب. ولو أنه تأخَّر قليلا بموقفه لكن أن “يتأخر قليلاً أفضل من أن لا ‏يأتي أبداً”.‏

وعن لغة التحدي والمكابرة ومن قصد بها ميقاتي، رأى نادر أن هذا الكلام ‏‏”موجَّه لشركاء الداخل ولكن أيضاً هو يوجِّه رسائل للخارج وللأسرة العربية ‏المُمتَعِضَة والتي فقدت الأمل بلبنان وقَرَّرَت أن تقطع العلاقات معه، بالتالي ‏فإن كلام ميقاتي يحمل رسالة مزدوجة”.‏

وبالنسبة لشركاء الداخل، أوضح نادر أنّ “حكومة ميقاتي مُعَطّلَة (الموتورات ‏مطفأة) وقد حاول أن يُعالِج ملفَيْن: ملف الإنتخابات وملف الإنهيار ‏الإقتصادي، إلا أنه لم يفلح بمعالجة أيٍ منهما. كما أنّ المشاكل تحاصر ‏الحكومة التي تعطّلت جلساتها، وباتت تعاني من مشاكل داخلية، ولديها أيضاً ‏مشاكل مع المجتمع الدولي لأنها لا تستطيع الإقلاع والمباشرة بعملها، ‏والعقوبات تنهال من هنا وهناك. وكذلك لديها مشاكل مع الأسرة العربية ومع ‏مؤسسات الدولة تحديدا السلطة القضائية”.‏

أمّا عن تطرّق ميقاتي لمسألة الإنقلاب على الدستور، فأوضح نادر أن ‏‏”الإنقلاب على الدستور هنا المقصود به التعطيل من جهة. ومن جهةٍ أخرى، ‏فإن لبنان هويته عربية ولا يمكنه أن يكون على قطيعة مع الدول العربية، ‏والإنقلاب على الدستور بهذا المعنى يكون عبر تعطيل نظام الجهورية لأن ‏هذا هو الأساس”.‏

وتابع: “لا يمكن لأحد أن يهدِّد بالتعطيل بمعنى أنه: “إذا ما بتعمل متل ما بدي ‏بنسحب من الحكومة”. أصبح الحكم بفعل الفيتو. وقصة الميثاقية: “إما أن ‏تفعلوا ما أريد أو أقلب الطاولة على الجميع بذريعة خرق الميثاقية – ما هذه ‏الحجة؟ الجمهورية لا تدار بهذه الطريقة، ولا هكذا يتحقّق توازن السلطات ‏ولا المؤسسات”. ‏

وعما إذا كان هذا الموقف مؤشّرا على بداية إشتباك بين “حزب الله” ‏وميقاتي؟ قال نادر لموقعنا: “أجل بالحدّ الأدنى.أعتقد أنه إذا بقيت حكومته معطّلة ‏فعليه هو ورئيس الجهورية إتخاذ القرار المناسب ولا يمكنه الإستمرار على ‏هذا المنوال. وهو تحديداً عليه أن يتصرّف لأنه رئيس هذه الحكومة، بالتالي ‏إذا لم تنعقد جلسات مجلس الوزراء، فلا يمكنه الإنتظار إلى الأبد فما يحصل ‏وكأنه يتم دفعه إلى الإستقالة. لذا يجب عليه أن يحزم أمره ويضع ‏الجميع أمام مسؤولياتهم”

وعن عدم إستجابه الوزير جورج قرداحي لنداءات رئيس حكومة، لفت نادر ‏إلى أنه “هذا أيضا من مغالطات الإنقلاب على الدستور، فلا لا يمكن أن ‏يكون الوزير مُطلَق الصلاحية. ونرى اليوم أن الوزير أقوى من رئيس ‏الحكومة ورئيس الجهورية، وهو محمي بالطائفة وبالفيتو، وهذا الأمر لا ‏يجوز”.‏

ورأى أن “هناك طرفاً يستقوي بطرفٍ آخر في الإقليم بوجه رؤساء السلطة ‏الشرعية ورموز السلطة الشرعية. ويبدو أن قرداحي يستقوي بحزب الله. إلا ‏أن المسألة لم تعد متعلّقة بجورج قرداحي بل أصبحت ورقة إقليمية. وقد ‏صرَّح وزير الخارجية السعودي بأن: “المرض الحقيقي هو أن لبنان ‏مخطوف ولا جدوى من الحديث مع الحكومة اللبنانية، لأن لا حيلة لها ولا ‏يمكنها إتخاذ قرار، ولا القيام بالإصلاحات، ولا وقف تصدير الكابتاغون، ‏ولا أي شيء آخر”.‏

ووفقًا لنادر فإنّ الكلام الذي صدر عن ميقاتي كان يجب يصدر عن “لبنان ‏الرسمي” في حِينه، وكان يجب القول إننا لا نقبل بهذا الكلام ولا نرضى به. ‏وعندما تفوَّه به قرداحي لم يكن وزيراً ولم يكن هناك من داعِ للتبرير”.‏

وعن سبب عدم القيام بذلك في حينه أجاب: “خوفاً من حزب الله”.

(ليبانون ديبايت)