رغم الضبابية التي تحيط بالاجواء الانتخابية، ورغم الازمات التي تتفاقم وتتفاعل،تتواصل التيارات والقوى والاحزاب استعداداتها لمواجهة الموسم الانتخابي والانخراط فيه، وهو موسم مصيري، يشكل منصة نحو ولادة طبقة سياسية جديدة، ونحو تغيير في المشهد السياسي كل طرف من جهته يسعى لإحداث انقلاب فيبذل الجهد الاستثنائي عله يحقق مطالب الانقلابيين وفق اجندات خارجية…
في هذا المشهد تبدو دوائر الشمال الانتخابية،من اكثر الدوائر المرشحة لمعارك انتخابية حادة، وابرزها الدائرة الثالثة التي تضم البترون،الكورة، زغرتا،بشري، والتي يتنافس فيها ثلاثة مرشحين لرئاسة الجمهورية، سليمان فرنجيه،جبران باسيل،سمير جعجع.
ولا يخفى على أحد، ان الناخب السني في دوائر الشمال عامة، وفي طرابلس وعكار والمنية والضنية خاصة، هو الناخب الاول،ولا يزال تيار المستقبل الرقم الاول بين التيارات السياسية، رغم حدة تراجعه، قياسا الى المرحلة السابقة، حيث خسر من قواعده الشعبية لعدة اعتبارات، منها مالية،ومنها خدماتية، واخرى لاسباب تعود الى الاداء ولحجم الوعود التي اغدقها التيار، وتناثرت دون جدوى، لتفسح المجال امام تيارات اخرى تتقدم ابرزها تيار الرئيس ميقاتي، يليه اللواء ريفي،ومن ثم حركة ١٧ تشرين التي تتداخل فيها هيئات المجتمع المدني الممولة والمدعومة خارجيا التي رسمت خطوط حركاتها في كل المناطق.
وتقول مصادر شمالية،لعل تيار المستقبل ادرك حجم الصعوبات والعقبات التي تواجه معركته في الشمال،فأقبلت قيادته المركزية على عقد اجتماعات لدراسة ملف المرشحين والترشيحات، وان هذه القيادت رست على بعض الاسماء في دائرة طرابلس – المنية – الضنية، وقررت ترشيح الدكتور مصطفى علوش نائب رئيس التيار،وعضو المكتب السياسي ناصر عدرة،ونجل النائب محمد عبد اللطيف كبارة كريم(وهو حليف لا ينتمي للتيار)، وطبعا سمير الجسر…
وفي الضنية حسم مسألة اعادة ترشيح سامي فتفت،والدكتور هيثم الصمد،وفي المنية اعادة ترشيح عثمان علم الدين.
هذه الخيارات في حال اعتمادها لن تكون بلا عواصف تثار في وجه المستقبل لأن الطامحين في طرابلس والضنية والمنية كثر، والمرشحين المنافسين للمستقبل ذو اوزان انتخابية وازنة سواء الرئيس ميقاتي او النائب فيصل كرامي ولكل منهما حلفاء اقوياء…
وفي المنية من ينتظر اختياره مرشحا بديلا عن عثمان علم الدين بحجة انه نال حصته.والمرشحون الطامحون على لائحة المستقبل اكثر من مرشح من آل الخير ومن عائلات اخرى تطرح نفسها حلا وسطا …
وواقع الحال نفسه في الضنية وفي طرابلس،وما اكثر الطامحين فيهما…
اما دائرة عكار ،فلا يزال النقاش جاريا ويتم التداول بعدة اسماء من بورصة المرشحين المتصاعدة.
ويبدو ان تيار المستقبل مأزوم في عكار وبقية الدوائر،لان مساحة خيارته محدودة ولكل منها محاذير وعواقب ونتائج قد ترتد عليه بخسائر وسط تنافس متشعب الاضلاع…
ففي عكار بدأت تظهر اسماء مرشحين جدد عن المقعد السني خاصة في المناطق العكارية التي تشكل ثقلا انتخابيا كعكار العتيقة ووادي خالد، وببنين، وترافق ذلك مع موجة رفض لاعادة ترشيح النواب السنة الحاليين، وتلفت المصادر الى أن اي خيار يلجأ اليه المستقبل في تغيير نوابه السنة ستكون نتائجه سلبية، سواء في وادي خالد في حال جرى استبدال نائبه محمد سليمان او خسارة كتلة ناخبة كبيرة هي كتلة المراعبة المؤيدة لطارق المرعبي ووالده النائب السابق طلال المرعبي، واما تغيير وليد البعريني فمن شأنه خسارة حجم كبير من ناخبي فنيدق وبلدات القيطع الجرد، ولهذا السبب فقيادة التيار تعيش ازمة خيارات صعبة جعلتها تؤجل الحسم، بانتظار تبلور شكل التحالفات المقبلة، مع الاشارة الى استمرار تمسك الحريري بهادي حبيش مرشحا دائما عن المقعد الماروني.
ويحتاج المستقبل الى ناخب مسيحي في عكار قد لا يجده عند القوات اللبنانية التي ساندها في انتخابات ٢٠١٨ ووفر لها اجواء فوز مرشحه حينذاك،وبالتالي لن يتفق مع التيار الوطني الحر الناخب المسيحي الاقوى في عكار،في ظل عزوف الرئيس عصام فارس عن خوض الانتخابات لغاية الآن كونه الناخب الاقوى ليس على الصعيد المسيحي وحسب انما على المستوى الوطني وفي كافة الطوائف والمذاهب.
فليس المستقبل وحده مأزوما، وانما القوات اللبنانية ايضا مأزومة في حال استبعاد تحالفها مع المستقبل، وذكرت المصادر ان القوات ستلجأ الى ناشطي حركة ١٧ تشرين وهيئات مجتمع مدني معتقدة ان هؤلاء باتوا يشكلون قوة انتخابية مؤثرة.
ومن المتوقع ان تتكرر المنافسة الشديدة في عكار بين لائحتين المستقبل من جهة، والتيار الوطني الحر من جهة اخرى..
وفي حين ذكرت مصادر ان ما يسمى ( اتحاد ثوار عكار)يجهز نفسه لخوض الانتخابات بمرشحين في عكار وبقية دوائر الشمال ضمن لوائح المجتمع المدني، فان احزاب وقوى ٨ آذار ومحور المقاومة تعيش هي الاخرى ازمة تبعثر قواها الانتخابية لغياب التنسيق الجدي في ما بينها الامر الذي بدد قواها سواء في عكار او في بقية الدوائر الشمالية.
جهاد نافع – الديار