ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
تُنذر الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان، بخطورة ما هو مُقبل وذلك في ظل ارتفاع وتيرة الخطابات والإتهامات المُتبادلة بين الأطراف جميعها من دون استثناء بالإضافة إلى التجييش المذهبي والطائفي والحزبي. أمّا في المقلب الآخر، فالظاهر أن الرياح الخارجية بدأت تهبّ على لبنان من بوابتي الفساد المالي والسياسي الذي ظهرت أثاره على “السكانير” الأميركي والتصريحات غير المسؤولة التي تورّط البلد مع أشقائه العرب من جديد.
وفي كلا الحالتين، تبدو الأيّام المُقبلة غير مُطمئنة وسط توقعات باشتداد هذه الرياح بحيث يُمكن أن تصل سرعتها إلى نحوٍ يمكنها الإطاحة بالحكومة.
وفي الوقت الذي كان ينشغل فيه لبنان الرسمي بلملمة ذيول آثار كلام وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، الذي اتّهم فيه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية، بشن “عدوان” على اليمن، وسط محاولة من رئيسي الجمهورية والحكومة رفع المسؤولية عن لبنان وحكومته والتبروء من فعل الوزير المذكور، شنّت وزارة الخارجية الأميركية غارة عقوبات، استهدفت النائب جميل السيد ورجلي الأعمال جهاد العرب وداني خوري، بشبهة الفساد والمساهمة في تقويض حكم القانون في لبنان، مما عمّق جراح الحكومة التي بات على رئيسها ربّما، إعادة النظر لجهة جدوى بقائه على رأسها.
في الشقّ الداخلي، يُشير مصدر سياسي بارز إلى أنه “رغم كل هذه المخاطر المُحدقة بالبلد والتي تستدعي الإسراع في إيجاد حلول وسطية للتلاقي حولها، يحدث أن جميع المُبادرات الداخلية والخارجية، تنهار وتسقط أمام عناد واستهتار الأطراف السياسية، ما يوحي أن اشتباكات “الطيونة” ستكون نُقطةً في بحر ما يُمكن أن يحدث في المرحلة المُقبلة. لذلك يبدو أنه لدى البعض ، مُخطّط بتحويل حكومات لبنان إلى مُجرّد عُرف، إمّا من خلال نزع صلاحيات رئيسها كما هي الحال اليوم، حيث يظهر هذا الأمر بشكل واضح من خلال إحكام “حزب الله” و”التيّار الوطني الحر” القبض عليها، أو من خلال التهديد بفرط عقدها عبر الحلف الواسع المُنقاد إيرانياً وسوريّاً.
وبحسب المصدر نفسه، فإن “لبنان اليوم أشبه بمركبٍ تائه في عرض البحر تتخبّطه الأمواج من كل الجهات، فلا هو قادر على الإبحار ولا باستطاعته حتّى العودة إلى الشاطئ. وربما رحلة بحث هذا المركب عن ضفّةٍ آمنة يرسو فيها، بدأت تستنزفه وتُكلّفه خسائر جسيمة يدفع ثمنها الركّاب. من هنا، فإن الخوف كّلّه من أن تنكسر كل الوعود والآمال التي علّق عليها اللبنايون آمالهم من خلال هذه الحكومة، لاستعادة جزءٍ من أحلامهم التي دُمّرت بفعل ممارسات هذه السلطة الماضية بتدمير ما تبقّى من هذه الأحلام.
أمّا عند حدود العقوبات الأميركية التي طالت شخصيّات معروفة الهوية والإنتماء، يؤكد مصدر ديبلوماسي أن “خلفيّة هذه العقوبات التي طالت شخصيّات مُقرّبة من جهات ثلاث هي: “حزب الله” والرئيس سعد الحريري والنائب جبران باسيل، إنّما تعني دخول أميركا مُباشرةً على خط الإنتخابات النيابية، لما سيكون لهذا القرار من انعكاس في نفوس الناخب الباحث بشكل أساسي عن الأسباب التي أوصلته إلى هذه المرحلة الصعبة، والناقم أصلاً على كل هذه السلطة. وبمعنى أدقّ، فإن هذه الجهات الثلاث ستكون الأكثر تضرراً إنتخابياً، ولكن الأقلّ تضرراً سيكون “الحزب” الذي يعرف من أين “تؤكل” كتف بيئته في مثل هكذا أزمات.
وختم المصدر الديبلوماسي بالقول أنه “من الآن وصاعداً سيشهد لبنان موجة انقسامات سياسية بين الحلفاء وحتّى داخل الأحزاب أو التيارات الواحدة، وذلك تجنّباً لمزيد من العقوبات الأميركية أو الأوروبية، وسنرى المزيد من التلطّي خلف المُجتمع المدني في محاولة لتنظيف بعض السجّلات السياسيّة، علّ بذلك تتمكن هذه الأحزاب والتيّارات من أن تدفع عن نفسها، الإتهامات والإستهدافات الخارجية والتي يبدو أنها ستكون صوت الناخب الأول والأبرز داخل صناديق الإقتراع في المرحلة التي تسبق موعد الإنتخابات النيابية.