سيّارات مغشوشة بأسعار خياليّة

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

 

في زمن الفوضى خرجت كل الامور عن السيطرة، بات الغنيّ يأكل مال الضعيف، يسيطر على القرار، هو الآمر الناهي، بيده المال، فيما المعتّر لا حَيل له سوى رحمة الله.

 

سيطر التجار على السوق، أحكموا قبضتهم الحديدية على الأسعار، من تجار اللحوم والماشية الى تجار الخضار وصولاً الى تجار السيارات، هؤلاء باتوا أقوى من الدولة، بيدهم سعر سيارات الـ4 سيلندر، فالأخيرة غاية الناس في زمن غلاء البنزين وباتت شبه منقرضة، والمتوفر منها “مقطّع وموصّل” وأسعارها تضاهي سعر سيارة موديل السنة، هذا عدا الغش الكبير في السيارات. وفق أحد التجار، “السيارة التي كانت قبل شهر بـ3000 دولار باتت اليوم بـ4800 دولار”، يدرك التاجر جيداً أن الاسعار شبه خيالية، ولكن الطلب المرتفع على السيارات الوفّيرة أدّى الى ارتفاع أسعارها، ناهيك عن فورة التجار، فكل مواطن بات تاجر سيارات ويفرض السعر الذي يريد، ولعبت المنصات الافتراضية لبيع السيارات دوراً بارزاً في رفع الاسعار والتحكّم بالسوق. لا يخفي التاجر نفسه “أن السوق فلتان، فتارة يتمّ عرض السيارات وطوراً يتمّ التجفيف، وهذا يدفع بالاسعار لترتفع، خاصة في زمن غلاء البنزين”.

 

ولكن ماذا عن المواطن؟

 

يبدو أن المواطن “أكل الضرب” من لعبة التجار تلك، وفق وفاء، فهي بحثت طويلاً عن سيارة 4 سيلندر نظيفة غير أنها أكلت الضرب بعدما اشترت سيارة شفروليه 2012 بسعر 4700 دولار واذ بموتورها مضروب. بقهر تقول “وقعت ضحية التجار الذين لا يقفون عند رادع، وفوق ذلك يقنعونك ان السيارة شركة ونظيفة ولا غبار عليها”.

 

ليست وفاء وحدها التي وقعت ضحية تجار السيارات في زمن البحث عن سيارة 4 سيلندر، ايضاً فرح اشترت سيارة “كيا” 2008 بسعر 3900 دولار على اساس انها نظيفة ولكن “الفيتاس” طلع مضروب، تؤكد وفاء “أن التجار يتلاعبون بالناس”.

 

يبيعونهم سيارات مغشوشة بأسعار خيالية، ولا أحد يضع لهم حدّاً، نحن نقع بالمصيدة، وباتوا اكثر شراسة من قبل، بعدما شفطوا كل السيارات من السوق ورفعوا سعرها والشاطر من يجد سيارة نظيفة بسعر معقول والاهم الاعلان المرفق بالبيع “سيارة نظيفة، بعدا شركة، خارقة، ما ناقصها برغي”. سيارات تجتاح المنصات الافتراضية ولكنها في الواقع مغشوشة والمواطن الضحية، تحديداً من تخلى عن سيارته الـ6 سيلندر، ويبحث عن 4 سيلندر، والبحث هنا أشبه بالبحث عن حلّ عقد لبنان السياسية، شبه مستحيل، الا اذا دفعت فوق الـ5 آلاف دولار لسيارة لا تساوي سوى الفي دولار، ولكن العرض قليل والطلب كبير، والكلمة الفصل للتجار الذين يتلاعبون بالسوق و”إنت وحظك السيارة”، اذ وقع أكثر من60 بالمئة ضحية السيارات المغشوشة والحق على الواقع الاليم الذي فرض تجارة غير شرعية لعاطلين عن العمل وجدوا بالكار هذا فرصة لتحقيق ارباح خيالية في وقت قصير، وغير مهم من يأكل الضرب، المهم الربح طالما تغيب الرقابة عن هذا الكار الذي نشط بفعل ازمة الدولار وحالياً بفعل ازمة المحروقات.

 

وسجل ارتفاع السيارات بنسبة 80 بالمئة فالسيارة التي كانت تباع قبل شهرين بـ2000 دولار، وصل ثمنها اليوم وتحديداً الـ4 سيلندر للـ4500 دولار والسيارة “الكركوعة” وفق توصيف فادي فاق سعرها الـ2500 دولار وهي لا تساوي 500 وهذا كله يعود لبحث الناس عن سيارة وفّيرة، ما دفع بسيارات التسعينات والثمانينات لتغزو السوق مجدداً بأسعار خيالية وهذا ما يؤكد عليه التاجر فؤاد الذي يجزم ان سيارات الـ4 سيلندر انقرضت وارتفع ثمنها، محذّراً من الوقوع ضحية تجار السوق السوداء ممّن تعدّوا على المصلحة ويبيعون الناس سيارات “منزوعة”، ولا يخفي “أن السوق بات مفتوحاً على كل التلاعب طالما لا رقابة ولا من يحزنون”، ويؤكد أن كثيرين وقعوا ضحيتهم من الصعب جداً العثور على سيارة نظيفة بـ4500 دولار فهذا الرقم غير وارد في حسابات التجار فأرخص سيارة تبدأ من الـ5 آلاف دولار.

 

بالمحصّلة، أزمة الحكومة خلقت ازمات للمواطن تفرّخ كالفطر وأنجبت اسواقاً تعيش على تلك الازمات، فهل تتحرك الدولة لضبط الوضع ووقف نزيف الناس؟