الشمال في مهبّ رياح الانهيار المالي والاقتصادي: الاهالي عاجزون عن تأمين مونة الشتاء ومواد التدفئة…

يقبل اللبنانيون على استقبال فصل شتاء جديد بعد ايام ، لكن هذا العام دون مونة الشتاء وفحم وحطب، لان الاسعار لم تعد في متناول الجميع لا سيما اصحاب الدخل المحدود.

ثمة من دعا اللبنانيين للتوجه الى عادات وتقاليد الاجداد، في اقتناء الحطب والفحم بديلا عن تدفئة المازوت والكهرباء، بعدما اصبحت اسعار المشتقات مرتفعة جدا، وكذلك وجهت نصائح الى الاستعانة بمونة الشتاء التي كان يتفاخر بها الاجداد.

لكن على ارض الواقع كل الكلام يبقى مكانه عندما يتفاجأ المواطنون باسعار الحطب، حيث يحتاج كل رب منزل الى اكثر من سبعة ملايين لشراء حطب. هذا في القرى والاقضية الشمالية ما اضطر البعض البحث عن اغصان يابسة وتجهيزها للتدفئة بديلا عن الحطب.

اما في المدن فكانت وسائل التدفئة الاكثر شيوعا عبر قوارير الغاز او الكهرباء وبما ان هاتين الوسيلتين اصبحتا من الماضي بعد ارتفاع اسعار المولدات والغاز وكل المشتقات، فان المنازل غير مهيأة لمواقد الحطب او الفحم الذي اصبح سعرها كذلك مرتفعا جدا ويجري الحديث حاليا ان التدفئة ستكون عبر الملابس والاغطية لأنه لا توجد حلول اخرى.

اما عن المونة الشتوية حيث كان المواطنون يتفرغون في الصيف لتعليب وتحضير مؤونة الشتاء من مكدوس وكشك وزعتر وزيتون وزيت ودبس رمان وبندورة ومي زهر وورد ومرطبات وشنكليش وانواع من اللبنة وغيرها. حتى هذه المؤونة لن تكون متوفرة في المنازل بسبب ارتفاع الاسعار حيث وصلت كلفة كيلو الكشك الى ١٥٠ الف ليرة وكيلو الشنكليش الى اكثر من ١٨٠ الف بسبب ارتفاع سعر الحليب وايضا المكدوس بسبب ارتفاع الزيت والجوز.

بات المواطن شاهدا على خلو منزله من كل الحواضر التي كانت تعتبر الوجبة الرئيسية في فصل الشتاء اضافة الى الحبوب التي كانت تزين الموائد.

هذا الشتاء لا تدفئة ولا حبوب ولا مكدوس ولا كشك، وبات الحديث عن البديل لهذه الاطعمة التراثية التي كانت تعتبر نعمة من نعم الله واكل الفقراء اليوم تحولت الى سلع تحتاج الملايين لتوفيرها، بل اصبحت الاغلى ثمنا بين الموائد الغذائية.

وكان لافتا ان بعض عائلات الاحياء الشعبية عمدت الى العودة لموقدة الحطب بجمع اغصان اشجار يابسة، للطبخ اثر ارتفاع سعر قارورة الى ٣٥٠ ألف ليرة اي نصف الحد الادنى للأجور، وشرائح شعبية شمالية واسعة بالكاد تحصل على مورد رزق لا يتجاوز الـ ٨٠٠ ألف ليرة.

شكوى المواطنين في شوارع طرابلس يتلمسها المرء اينما ذهبت، وبات الجوع متغلغلا لدى معظم العائلات التي تعجز عن توفير قوت يومها في ظل الارتفاع المتواصل للاسعار بينما الرواتب والاجور على حالها غير كافية ثمنا لقارورة غاز او صفيحة بنزين او اشتراك كهرباء، حتى البطاقة التمويلية في حال اقرارها لم تعد كافية لسد عجز.

وما لا تعلمه الطبقة السياسية ان مناطق الشمال هي الاكثر تأثرا بالانهيار المالي والاقتصادي نظرا للحرمان التاريخي والمزمن الذي تعيشه هذه المناطق منذ زمن بعيد، وترك هذا الانهيار آثارا بليغة في معظم القرى والبلدات والمناطق الشمالية.