كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
دخول البلد في حالة إنكماش إقتصادي محسوم، فكل شيء “ع طلوع”، إلا حال المواطن “ع نزول”، حتى البطاقة التمويلية التي كان يعول عليها ليواجه بركان الغلاء المتفجر يبدو أنها طارت، ولم يطل منها سوى كلام في الهواء.
إنكفأ الناس عن التنقل وعن شراء الملابس حتى المستعملة منها، فأسعار سوق البالة الذي كان ملاذ الفقراء و”أبو رخوصة” لا تقل عن أسعار السوق، نار، وبالتالي الناس في كارثة حقيقية، والسؤال ما الحل؟
الفواتير المرتفعة اكثر ما يقلق الاهالي، قد يستغنون عن الحبوب واللحوم والدجاج وحتى السمك التي باتت كلها من الكماليات، ولكن ماذا عن المدرسة؟ فأصحاب الفانات يلوحون برفع تعرفة نقل الطلاب اليومية، فإذا كانت اليوم بـ20 الف ليرة، يطرحون تسعيرة 30 و35 الف ليرة لبنانية للطالب الواحد، أي بحدود 600 الف ليرة وهي تسعيرة معاش الحد الأدنى للاجور، فكيف لاب ثلاثة اولاد، أي بحدود المليوني ليرة شهرياً، هذا ولم نأت على ذكر القرطاسية والزي المدرسي والكتب وتعرفة الانترنت والاشتراك وغيرها، اذ خصصت المدارس نظام تعليم قائم على 4 أيام حضورياً ويوم تعليم online وما ادراك ما حال الانترنت هذه الأيام، ما يعني أن الأهالي قد يضطرون للتوقف عن ارسال اولادهم الى المدرسة فـ”حالهم بالكحالة”.
سهام، ام لثلاثة اولاد قرّرت التوقف عن ارسال اولادها، فإمكاناتها لا تسمح، وتقول: “اتقاضى 4 ملايين ليرة شهرياً، قبل الازمة كنت أعيش ببحبوبة، اذ كانت تساوي 3 آلاف دولار، أما اليوم فلا تساوي 200دولار، وعليك دفع فاتورة اشتراك الكهرباء بقيمة مليون ونصف، اشتراك الانترنت 150 الف ليرة، بنزين نقل مليون ونصف، فكيف سأدفع نقل الاولاد وكيف نأكل ونشرب، وماذا لو تعرّض احد اولادي لوعكة صحية، كيف سأدفع طبابة ولا ضمان لدي، نعم نعيش في واقع مذر للغاية، وأفكر ملياً بوقف الاشتراك ايضاً، فالوضع لم يعد يسمح، يجب ان نقنن المصروف لنتمكن من الصمود قليلاً”.
حال سهام حال كل الأهالي هذه الأيام، فظروفهم لا يُحسدون عليها، وباتوا يشحدون صندوقة اعاشة لسدّ الحاجة، وماذا بعد ارتفاع الأسعار أكثر وتحديد ربطة الخبز؟ هل يعود الناس لخبز الصاج على الحطب بعد إنكفائه لسنوات واقتصاره على بضع نسوة وبعض السوريين؟
على ما يبدو ليس خبز الصاج عائد فقط بل ايضاً الطهو على الحطب، فالغاز خرج عن إمكانية اغلبية العائلات، سيما من محدودي الدخل ممن لا تتجاوز رواتبهم الـ750 الف ليرة، ولم تنظر الدولة بحالهم، ولو بالبطاقة التمويلية التي باتت خارج الصرف حالياً نتيجة التجاذبات، الا اذا كانت ستهبط كبطاقة انتخابية في الاشهر المقبلة، كثمن شراء ذمم الناس للسكوت عما يعيشونه.
عادت فاطمة لخبز الصاج، بعدما بلغت ربطة الخبز 7 آلاف ليرة، تتجه نحو العشرة آلاف ما يعني انها تحتاج 30 الف ليرة يومياً للخبز ما يساوي يومية زوجها العامل في مركز عمله بفرز النفايات، وفق قولها “الحال سيئ، ونحاول تدبّر أمرنا، الخبز اساسي في حياتنا، قد نأكل خبزاً مع الزيتون لنوفر الاموال لتعليم الاولاد، نعيش في زمن خطير جداً ومع الأسف الناس لا تصرخ من شدة الغلاء، ربما تنتظر البطاقة التمويلية التي لن تأتي او صندوقة إعاشة تسكت فيها على جوعها”.
ككرة الثلج تتدحرج الاوضاع الاقتصادية نحو منزلق من الصعب الخروج منه، فكيف مع فورة الدولار وفواتير الاشتراك المرتقبة؟