شدد عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب وائل أبو فاعور، على أن “الحزب التقدمي الاشتراكي متمسك بالتحقيق الشفاف العادل المتوازن في قضية انفجار المرفأ، وعلى ألا يكون التحقيق سببا للفتنة بين اللبنانيين، فلبنان ليس منذورا للخراب، وهذه مسؤولية كل القوى السياسية”.
كلام أبو فاعور جاء خلال تشييع بلدة عين عطا في قضاء راشيا والحزب والمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز، القيادي في التقدمي عضو المجلس المذهبي حسن نجيب غازي في مأتم شعبي، في مقام الشيخ الفاضل في البلدة، حضره في حضور عضو المجلس المذهبي الدرزي علي فايق ممثلا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، النائب السابق أنطوان سعد، أعضاء المجلس المذهبي الشيخ أسعد سرحال وأكرم عربي وأسامة ذبيان الخبير لدى محاكم الدولة، نائب رئيس “منتدى التنمية اللبناني” وهبي ابو فاعور، المفوض السابق للتربية في التقدمي جلال ريدان، وكيل داخلية التقدمي رباح القاضي ووفد كبير من وكالتي داخليتي البقاع الجنوبي وحاصبيا ولفيف من المشايخ ورجال الدين والفاعليات.
بداية عدد المراقب العام المالي عارف الساحلي مزايا الفقيد ودوره الفاعل في بلدته وفي الحزب ومسيرته النضالية على مدى سنوات طويلة، وكانت كلمة وجدانية لحمود عبدالحق باسم أبناء عين عطا.
وكانت كلمة للمفوض السابق للتربية في التقدمي قال فيها: “لم نكن لنتصور أن نأتي اليوم لنرثيك، وانت كنت مشعل نضال وشعلة كفاح ومثابرة وتضحية. رافقتنا وكنت نعم الرفيق، دمث الأخلاق، حواريا، موزون الكلام، وما تأخرت يوما وكنت صديقا وفيا مخلصا أمينا”.
العائلة
وألقى الشاعر نزيه أبو زور قصيدة، وكانت كلمة باسم عائلة غازي وخير وأهل البلدة ألقاها الدكتور وسام غازي، تناول فيها مسيرة الفقيد، مذكرا ببعض المحطات النضالية في حياته، وعلاقته بمجتمعه وأهل بلدته ومنطقته ورفاقه، وثقة محيطه به. وشكر للمشيعين والمشايخ حضورهم ومواساتهم.
شيخ العقل
بدوره، ألقى فايق كلمة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبو المنى قال فيها: “يعز علي أن أقف معكم في وداع الصديق والرفيق والزميل حسن نجيب غازي، ممثلا سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، وأعضاء المجلس المذهبي، إذ شرفني سماحته بأن ألقي كلمته في هذه المناسبة التأبينية”.
أضاف: “فوق ثرى منارة من منارات جبل الشيخ وفي هذا المكان المبارك، مقام سيدنا الشيخ لفاضل قدس الله سره، حيث يعيش أناس يولدون ويتعلمون ويعملون ويصلون، يتمردون على الفناء ويتشبثون بالحياة. لا بد لنا من أن نستحضر من مخزون الذاكرة بعضا من نبض حياة لإسم له حضور لم يحجبه الموت الظاهر العابر. نحن الذي عرفنا فقيدنا الذي نودع وعايشناه، نقرأ في الصفحة الأولى في كتاب حياته فاتحة سطرها الأول عين عطا، لتحدثنا عن تعب الفقراء الذين كدحوا وما نكسوا هاماتهم إلا لباريهم، أرادوا ما أردناه دائما: اللقمة الحلال المجبولة بعبق الجهد وعطر الكرامة. أنشدنا ما ينشدون اليوم، وفي ماضي الأيام، نشيد الوطن الواحد والحاجة للرغيف الواحد والكتاب الواحد، الذي قرأنا به أنت أنا يا أخي. نحن أناس هذا الوطن الجميل. اكتسبت أيها الراحل الحبيب من أهلك التواضع والتوازن والحكمة، وهي الأقرب الى استجلاب أهداف التطور واستشعار مقاصده واستقراء مضامينه، وهم أشد قربا من نبضة الطبيعة المكونة للوجود”.
وتابع: “الصفحة الثانية في كتاب حياتك، هي صورة الإنسان لأنك أيقنت أن من واجبك بحكم مولدك أي ميراثك ومقامك، أن تسعى وتكسب معركة الحياة، فإذا بك الغني فوق فقرك، وأنت على الأرض، فإذا بهامتك تتسامق وترتقي، وأنت العارف بأن الحياة انتصار للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء. أنت الذي لم تروضه الحاجة ولا الفقر، أو الخوف ولا اليأس ولا السطوة ولم يروضه الحزن ولا الموت. حسن غازي، لعب لعبة الوجود في أعلى مدلولاتها ونجح، فتجسدت آراؤه وأجاد الحكم وأنفذ الوعي وصدق القول وأصاب العمل والتصرف والسلوك”.
وقال: “المشيعون الكرام، اليوم والعالم كله يلفه لهيب القلق والتشنج وعدم الاستقرار، في شرق يتبدل من يوم لآخر، في الفترة حيث تحدد الأهواء الطائفية والمذهبية والاجتماعية والسياسية وجود الكيانات الاجتماعية والوطنية. هذا التهديد الذي بلغ ذروة خطيرة باستخدام جميع وسائل التخريب والدمار الذي طال إرثنا الحضاري والثقافي والإنساني. في ظل هذا الواقع البالغ الخطورة علينا أن نعيد قراءة أنفسنا لنتعرف على حقيقة وجودنا كجماعة متنوعة في وحدتها، نفس الحقيقة التي ترضي رغبتنا الفطرية لأجل الاستدامة والمعرفة والسعادة. إنه الجهاد الأكبر أن نتبين نور الحقيقة من فوق الحجب الكثيفة التي تحول دون ذلك، والتي وصفها القرآن الكريم بأنها عتمة فوق عتمة، فعندما يبدد الإنسان هذه العتمة، عندها فقط يرى نفسه واقفا في النور متحررا من الأنانية والعبودية، لكي يتجلى فينا هذا الرضوان النابع من إيمان الإنسان بذاته وبخالقه”.
وختم: “باسم سماحة الشيخ نعيم حسن، وباسم المجلس المذهبي أتقدم من أهلنا في عين عطا ومن أسرة الفقيد بخالص العزاء. لزوجتك الثكلى الصابرة وبناتك اللواتي لهن من إرثك زادا لا ينضب محبة وتربية وعلما وثقافة، جميل العزاء”.
أما أبو فاعور فقال: “نودع اليوم بأسى وحزن الرفيق حسن غازي، وهو ابن البيت الكادح والعصامي الذي شق كل أبنائه، كل على طريقته، دربا له في هذه الحياة، فارتقى في مجتمعه وعلمه وفي عشيرته ومحيطه الى موقع محترم ومعتبر. نودعه وهو كان أول من أوقد شعلة الكشاف التقدمي في بلدته عين عطا، البلدة العزيزة الغالية صاحبة النخوة والشجاعة والمحبة والبطولة، هذه الشعلة التي حملتها بعده أجيال بعد أجيال”.
أضاف: “رفيق حسن الذي في سنوات الجمر وفي معارك البقاء والوجود ما غاب يوما، بل كان دائما في محيط دائرة القرار والعمل، وهو الذي سكنته المختارة فسكنها، الى جانب الذين كانوا فيها يوقدون الضوء شعلة النور في ضريح المعلم الشهيد كمال جنبلاط ، وهو الذي كان حاضرا في كل المهمات والمراحل، عندما كان يتقرر مصير هذا الوطن وهذه الجماعة ومصير العروبة في لبنان، كان حاضرا بين رفاقه في الحزب في المختارة في كل يوم وكل لحظة، يسأل سؤالا واحدا ما هو المطلوب مني أن اقوم به، وهو الذي ائتمنه وليد جنبلاط على ذمته المالية وعلى الذمة المالية لنوابه منذ العام 2005، وبعد ذلك ائتمنه تيمور جنبلاط، في وقت كنا نعرف وكان يعرف وليد جنبلاط وتيمور جنبلاط أن أي خطأ إداري ومالي بسيط، هناك من يتربص بنا لارتكابه وهناك من ينتظرنا وينصب الكمائن لنا سياسيا وماليا واداريا، لكي يطيح بأحد نوابنا في عملية تزوير او استغلال، اذا ما استعصى، ولطالما استعصى عليهم ذلك في أصوات الاحرار الذين لطالما وقفوا بجانب وليد جنبلاط وتيمور جنبلاط.
وتابع: “الرفيق حسن غازي الذي ينتسب الى بيت مجبول بالانتماء والإخلاص والشجاعة من دون ادعاء ولا بطولات ولا مظاهر، وكان من الذين يجلسون في الظل، لكي يعملوا وهو من الدائرة الحزبية الأساسية التي تعمل وتحديدا في الانتخابات، إذ أسندت اليه في العام 2005 مهمات أساسية في مفوضية الداخلية وفي إدارة الانتخابات المركزية التي لطالما كانت استحقاقا سياسيا مصيريا لوليد جنبلاط وتيمور جنبلاط وللحزب ولهذا المجتمع والمدرسة، والخيار الذي مثله كمال جنبلاط وأحسن وراثته وتطويره وليد جنبلاط وسيحسن وراثته وتطويره وتعزيزه تيمور جنبلاط”.
وقال: “الرفيق حسن غازي ابن هذا البيت وقد سبقه اخوة له على طريق النضال والتضحية. فأخوه الشيخ ابو عدي كمال أصيب بجراح في أثناء تنفيذه مهمة حزبية، وكان في ذلك الوقت ينشط الى جانب ايقونة راشيا المرحوم عادل سيور، وأخوه المرحوم حسان اصيب في معارك الشرف والكرامة وكانوا دائما ابناء هذا البيت وهذا الرجل الطيب الشجاع ابن عين عطا المقل، ولكنه المكثر في قناعته وفي ايمانه وامداده لمجتمعه في هذه القامات والشخصيات التي نعتز بها”.
وختم: “سنفتقدك يا رفيق حسن، كنا نطمع بالمزيد معك، ويوم وفاتك كنت على أهبة الذهاب للرفيق هشام ناصر الدين للبدء بالتحضير للمعركة الانتخابية في مسؤوليتك التاريخية، لكنها إرادة رب العالمين التي لا نعترض عليها وان كنا نحزن لها، كنا نطمع معك ان نستمر في العمل سويا في هذه المدرسة الأخلاقية الإنسانية، مدرسة كمال جنبلاط، وكنا نعتقد واهمين ان لنا ولك الكثير من الجولات والمهمات والتحديات الآتية في هذا الوطن، الذي للاسف ينكب كل يوم بآداء بعض سياسييه، وهي مناسبة في يوم وداعك لكي نقول إننا كحزب تقدمي اشتراكي متمسكون بالتحقيق الشفاف العادل المتوازن في قضية انفجار المرفأ، وبأن لا يكون التحقيق سببا للفتنة بين اللبنانيين، ولبنان ليس منذورا للخراب، وهذه مسؤولية كل القوى السياسية”.
وفي كلمة وجدانية وشهادة حية ومؤثرة لمدير قسم الأخبار في “تلفزيون لبنان” الزميل ياسر غازي، شقيق الفقيد، قال: “أفتخر أنني احد تلامذة اخي حسن غازي في مدرسة العطاء والاخلاق والالتزام، أينما حل وأينما تولى مسؤولية، وهو منذ أن أطل على الحياة العامة، زرع دروب عين عطا ببراعم الامل والمحبة، وجيلا بعد جيل حصد هذه البراعم ثمار وفاء، من عين عطا الى بيروت، حيث لم يبخل على عاصمة لبنان بدمائه، فسقط ذات يوم جريحا وكان أعزل اليدين، وكان رده على رصاصات الغدر، انه مد يد المصافحة والمصالحة واعترف بخصمه على اختلافه وخلافه معه، فكان أن أعطى نموذجا بالتسامح والمحبة، ودفن الأحقاد، وأسس لمرحلة لاحقة حينما اعتلى حسن الجبل فكانت المختارة التي سكنته فسكنها كما قال الرفيق وائل، فبادلته المحبة والوفاء وبادلها الصمود والالتزام”.
وختم: “حسن غازي يضيق المقام بذكر كل مآثره، تعرفه عين عطا خير معرفة، ويعرفه وادي التيم حيث زرع اصدقاء نضال صادق نراهم اليوم وجوها كريمة. ولو قدر ان يكون بيننا الآن ويتلو علينا وصيته لقال رسالتين: الرسالة الاولى، ان احفظوا لبنان العيش المشترك والمحبة والمساواة والسلام، احفظوا هذا الوطن المعذب الجريح، ولا تأخذوه لا شرقا ولا غربا رهنا لاجندة من هنا وحسابات من هناك. الرسالة الثانية، ان حسن كانت عين عطا هاجسه الدائم، بلدته ومرجعه ومسقط رأسه، وحيث عشق تراب هذه البلدة وبادلته العشق، ونرى في هذه الوجوه هذا الوفاء، وهو يوصي بالتمسك باصالة وتقاليد والفة ومحبة عين عطا والعودة الى زمن الآباء والأجداد”.
بعد الصلاة ووري الجثمان في الثرى في مدافن العائلة في مسقط رأسه عين عطا.