كتبت “المركزية”:
يجول منسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان منذ الاثنين على مسؤولين لبنانيين وهيئات محلية، معنيين بالاقتصاد والانماء والاعمار… امس، زار وزير الاشغال العامة والنقل علي حميه في مكتبه. بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، تضع باريس عينها على مرفأ بيروت. هي تريد ان تؤول مهمة اعادة اعماره، اليها. فـ”حنّية” فرنسا ليست وحدها ما دفع بها الى الاهتمام بلبنان غداة انفجار 4 آب، والى رعايته انسانيا وسياسيا، بل ان وضع يدها، او تثبيت “رجلها” على ضفاف المتوسط، من خلال تلزيم شركات فرنسية إخراجَ المرفأ، من تحت الركام الذي يغطيه منذ عام ونيّف، كان احد الاهداف الاساسية، خلف اندفاعتها لبنانيا.
في هذا الاطار، حضر الملف المذكور، بقوة، في لقاء دوكان – حمية. الاخير قال عن إعادة اعمار المرفأ “يجب وضع دراسة مفصلة عن واقع حال المرفأ ونظامه الإداري الجديد للتمكن من وضع مشروع قانون يعرض على مجلسي الوزراء والنواب، بإعتباره مرفقا استراتيجيا هاما كنقطة وصل بين الشرق والغرب كونه المعبر الرئيسي لجذب الاستثمارات ولنمو الاقتصاد اللبناني”. من جانبه، أثنى الدبلوماسي الفرنسي على ما قاله حميه بشأن ضرورة وجود ادارة جديدة قانونية لمرفأ بيروت، مقترحا عليه “اعتماد النموذج المتوسطي القائم على علاقة المرفأ مع الادارة المركزية أو النموذج البلطيقي القائم على علاقة المرفأ بالهيئات المحلية ليلتقي الطرفان على النموذج المتوسطي”، مشيرا الى “اننا بصدد إطلاق مناقصة عالمية مفتوحة قريبا وذلك لتشغيل محطة الحاويات كونها تتمتع بأهمية محورية حيوية في المرفأ”.
بالتزامن، كان وزير الدولة في الخارجية الألمانية نيلز آنين يجول امس على القيادات المحلية. وفيما أكّد له رئيس الجمهورية ميشال عون أن “لبنان بدأ اتصالاته مع صندوق النقد الدولي لإطلاق ورشة إصلاحية بالتزامن مع التدقيق المالي الجنائي وتحريك عجلة العمل الحكومي وتطوير قطاع الكهرباء وإعادة اعمار مرفأ بيروت”، أبلغه المسؤول الالماني، بـ”دعم بلاده للبنان خصوصاً بعد تشكيل حكومة جديدة واستمرار هذا الدعم بعد الانتخابات التي شهدتها المانيا”.
في الموازاة، تجول السفيرة الاميركية دوروثي شيا في شكل دوري ومنتظم على الرؤساء والوزراء، مشددة على الاصلاحات على الصعد كافة. هذا في العلن. أما في الكواليس، فهي تعرب دائما عن اهتمام بلادها بالاستثمار في لبنان، في المجالات كافة، خاصة اذا ما تمكّنت الدولة من تعزيز سيادتها وفرض قوانينها على اراضيها وحدودها…
بحسب المصادر، هذه المعطيات كلّها، المعطوفة الى الرغبة الاردنية والمصرية بالتعاون مع بيروت غازيا وكهربائيا، تدلّ على سباق خارجي محموم، على المشاركة في ورشة انقاذ لبنان وقطاعاته وأوّلها الكهرباء والمواصلات والاتصالات، عموما، وعلى الفوز باستحقاق “اعادة اعمار مرفأ بيروت” المدمّر، خصوصا، لما لهذا “الانجاز” من دلالات ومعان اقتصادية واستراتيجية وسياسية، على صعيد العلاقات بين عواصم العالم. فهل تستعد الحكومة جيدا لتفرض شروطها هي، على الراغبين الكُثر، بمساعدتها؟ ام ستظل تتخبط في الخطط والمشاريع، وتبقى عاجزة عن الاصلاح الفعلي، فتضيّع عليها وعلى اللبنانيين هذه الفرص، وتحوّل “الاهتمام” الخارجي الى “صراع” دولي، فوق ارضها، التي تستقبل خلال ساعات وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان، بعد ان شُرّعت للنفط الايراني؟