جاء في “المركزية”:
يتوقع ان يبصر النور في الساعات او الايام القليلة المقبلة كحد اقصى، وفد لبنان الى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. فهذه المحادثات تعتبر اولوية لدى المجتمع الدولي الذي يعتبرها الباب الذي من خلاله سيلج لبنان مرحلة الانقاذ. وقد شدد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون- صاحب الدور الاكبر في عملية الولادة القيصرية للحكومة اللبنانية- على ان المفاوضات يجب ان تنطلق بأقرب فرصة، مطالبا بموقف لبناني موحّد وبورقة عمل واحدة يقدمها الوفد اللبناني خلال المناقشات… استعدادا لهذا التحدي، كثّف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاته في الداخل، فزار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاثنين في بعبدا، قبل ان يرأس الاخير اجتماعا في القصر، في حضور الرئيس ميقاتي، ضم نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، ووزير المال يوسف الخليل، ووزير الاقتصاد والتجارة امين سلام، والمدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير، والخبير المالي رفيق حداد، خصص للبحث في استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والتحضيرات اللازمة لذلك. اما امس، فزار ميقاتي عين التينة حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكانت القوانين “الاصلاحية” التي يطلبها الصندوق، واوّلها الكابيتال كونترول، حاضرة على الطاولة.
بحسب ما تقول مصادر مالية مطّلعة لـ”المركزية”، فإن ميقاتي يدوّر الزوايا على هذا الصعيد، ويتفادى الخلافات اكان من حيث شكل الوفد او من حيث مضمون الخطة التي سيرسمها. وبعد ان كانت ارقام الخسائر وكيفية توزيعها والجهاتُ التي يجب ان تتحمّلها، موضعَ خلاف بين السلطة والقوى السياسية وجمعية المصارف والمصرف المركزي، ايام حكومة حسان دياب، وشكّلت السبب الاكبر خلف تعثّر المفاوضات، تشير المصادر الى ان ميقاتي حسم هذه النقاط وتوصّل او كاد الى فضّ الخلاف حول توزيع الخسائر بين الدولة والمصرف المركزي والمصارف، وهو سيتجنب تكبيد المودعين اي خسائر ويعمل على تأمين اعادة اموالهم اليهم تدريجيا وعدم اقتطاع نسب منها… على اي حال، قال رئيس الحكومة منذ يومين أن حكومته تعمل على “تحديث خطة التعافي المالي”التي وضعتها الحكومة السابقة، مؤكداً أنها ستنطوي على “توزيع عادل للخسائر”. وفي هذا الإطار، اعلن ان “التوجه حتماً حماية صغار المودعين بين خمسين و70 ألف دولار، وهؤلاء سيأخذون أموالهم بالدولار حتماً”، مضيفاً: لم نتطرق بعد إلى التصرف بأصول الدولة اللبنانية والوقت غير مناسب للخصخصة، وسنكابر لنصل إلى السعر الذي نريده.
من جانبها، اعربت جمعية المصارف عن استعدادها لمساعدة الحكومة على تطوير خطة اقتصادية ومالية شاملة جديدة من شأنها أن تساهم في إنعاش الاقتصاد الحقيقي وتتطبيق إصلاحات القطاع العام التي نحن بأمس الحاجة إليها، وفي إعادة هيكلة التزامات القطاع المالي وخسائره، مع الحفاظ على حقوق المودعين. وابدت استعدادها لتكون جزءًا من الخطة الحكومية للإصلاح والتفاوض على إعادة هيكلة الديون بحسن نية كما تقديم التنازلات الضرورية الممكنة من حيث نسبة “الهيركات” وشطب الفائدة وجزء من استحقاقات الديون الآجالة. للسماح لنسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بالانخفاض بطريقة منتظمة تعكس القدرة على تحمل الديون على المدى المتوسط.
وفق المصادر، فإن مواقف الاطراف كلّها مشجّعة وتوحي بنيّة بالتعاون والتنسيق للوصول الى خطة عادلة مرضية للجميع.. لكن النوايا لا تكفي والعبرة في النتيجة والتنفيذ.. فهل سنرى الوفد يُشكّل ويتوجّه الى الصندوق بـ”قلب واحد”؟