ارتياب صفا ببيطار: “مش الحزب اللي بيتركبّله ملف

لو كان لـ”حزب الله” الإرادة في اقتلاع المحقق العدلي القاضي طارق بيطار بالطرق الإجرامية، كما فسرها البعض، لما كان قد أوصل تلك الرسالة إليه من خلال إحدى الإعلاميات التي التقت بمنسق الارتباط لديه الحج وفيق صفا قبل يوم من نشر خبر التهديد، حيث كان واضحاً من كلام صفا ان المواجهة ستكون باتباع المسار القانوني حتى النهاية.
لا يخفي مقربون من صفا استياء الحزب من مسار التحقيق في قضية انفجار المرفأ، وخصوصاً أن خبراً وصله مفاده بأن القاضي بيطار يفاوض مع الموقوفين لتغيير إفاداتهم في مقابل تسويات لتخلية سبيلهم، وذلك بهدف توريط الحزب بقضية نيترات الامونيوم، وللتبيان زوراً بأن هذه المواد الخطرة تعود للحزب، وهو من استخدم جزءاً منها.
محاولة تركيب هذا الملف على قياس “حزب الله” من القاضي بيطار استفز الحزب ودفع صفا الى زيارة العدلية ولقاء كل من رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، ثم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، كما تؤكد مصادر مقربة من صفا بأن هذه الزيارة حصلت نتيجة معلومات وصلت للحزب بأن بيطار يعمل على إظهار الحزب وكأنه هو من يتحكم بالمرفأ، ويريد تحميله مسؤولية الانفجار بالضغط على بعض الموقوفين لتغيير إفاداتهم ولصق القضية بالحزب، فجاءت ردة فعل صفا على النحو التالي: “مش الحزب اللي بيتركّبله ملف”. ولن يسمح الحزب لبيطار الوصول الى هدفه بتحميله مسؤولية الانفجار وأكثر من مئتي شهيد وآلاف الجرحى. وفي هذا الإطار كانت زيارة صفا للعدلية، ولا علاقة لها بمذكرة التوقيف الغيابية بحق الوزير السابق يوسف فنيانوس ولا بقرار ابلاغ رئيس الحكومة السابق حسان دياب لصقاً، انما الهدف منع تركيب أي ملف على الحزب، لأن لا بيطار ولا العدلية يستطيعان تحمل تبعات هذه التهمة، مؤكدا على الطرق القانونية في مواجهة القاضي بيطار الذي يحوّر التحقيق ويغير في افادات الموقوفين عبر مقايضتهم بتخلية سبيلهم، لذلك سيُتابع هذا الملف من جهة “حزب الله” “قضائياً” حتى النهاية.
طلب الرئيس عويدات من القاضي بيطار تقريرا حول خبر التهديد الذي قيل انه تعرض اليه. ووفق مصادر قضائية لـ”لبنان الكبير” فمن غير الصحيح ما قيل إعلاميا بأن بيطار أكد مضمون التهديد الذي تلقاه، بل الصحيح أنه رد الطلب كما ارسله له عويدات من دون التأكيد او النفي ولا ذكر أي تفصيل عن الخبر. وفي هذا الاطار ايضا التقى وزير العدل القاضي هنري الخوري القاضي بيطار لاستيضاح كل ما له علاقة بأمنه الشخصي، و”حزب الله” لم يكن بعيداً من أجواء هذا اللقاء.
وفي سياق مواز دار سؤال حول ما اذا كان للوزير السابق يوسف فنيانوس الحق في الارتياب؟
فنيانوس فعلاً لم يخاصم أحداً طوال سنوات عمله كمحام كما يقول عنه زملاؤه، إنما اليوم وجد نفسه مجبراً ومدفوعاً للقيام بهذه الخطوة نتيجة ممارسات بيطار.
ما لم يستطع فهمه وكلاء فنيانوس القانونيون هو: لماذا استعجل بيطار على إصدار مذكرة توقيف بحق افنيانوس؟ حيث أنه في نفس اليوم، تبلغ وكيله انطوني فرنجية ورقة الدعوى لجلسة السادس من تشرين الاول، وأخذ القرار بإبلاغه لصقاً، لم يصدر مذكرة إحضار إنما اتجه فوراً لتسطير مذكرة توقيف غيابية بحقه، هذه الخطوات كلها في يوم واحد.. الا يستدعي هذا الاستعجال وتجاوز المهل ارتياباً بحق القاضي بيطار؟ بينما في قضية الرئيس دياب، احترم بيطار المهل حيث أبلغ دياب بواسطة الامانة العامة لمجلس الوزراء، فأتاه الرد بواسطة رئيس مجلس النواب من خلال كتاب أكد فيه بأن دياب تنطبق عليه المادة ٧٠ و٧١ من الدستور، وبالتالي غير خاضع للمحاكمة امام المحقق العدلي. وبعد امتناع دياب عن الحضور قرر بيطار إصدار مذكرة احضار بحقه، فعاد وتراجع عنها لإبلاغه لصقاً قبل الشروع الى الإحضار، وأرجأ الموعد من ٢٠ ايلول حتى الخامس من تشرين الاول. لماذا احترم القاضي بيطار المهل مع دياب ولم يحترمها مع فنيانوس؟ في الوقت الذي يسجل لوزير الاشغال السابق انه الوحيد من بين المدعى عليهم الذي مثل امام المحقق العدلي وقدم الدفوع الشكلية، بينما يرفض الباقون بشكل مطلق الحضور أمام القضاء العدلي؟
هذا بالاضافة الى أن محامي فنيانوس استأنف قرار نقابة المحامين في طرابلس. ووفق الاجتهاد المتفق عليه بين محاكم الاستئناف في الشمال ومحكمة استئناف بيروت الناظرة بالقضايا النقابية، فإن الاستئناف يوقف تنفيذ قرار النقابة، الا ان بيطار تذرع باجتهاد يتيم صادر عن محكمة التمييز التي لا علاقة لها باستئناف قرارات نقابة المحامين، معتبراً ان الاستئناف لا يوقف تنفيذ قرار النقابة واستكمل عمله على اساس جهة قضائية غير صالحة للبت، فهذا ما شكل مظلومية عند فنيانوس ودفعه للارتياب بتصرفات بيطار.
كما أبرز فنيانوس وفق معلومات “لبنان الكبير” خمسة آراء لنقباء محامين سابقين، مع دراسات قانونية معمقة، أكدوا فيها على ان الاستئناف يوقف قرار النقابة، هذا بالاضافة الى مطالعة ورأي للنقيب الحالي في طرابلس يصب في نفس الرأي القانوني، إنما لم يأخذ بهم بيطار وتصرف بكيدية بحق فنيانوس متجاوزاً حقه في الدفاع… فهل هذا يدعو الى الارتياب؟
وأخيراً قام بيطار بتفسير مواد الدستور ٧٠ و٧١ بشكل مخالف لما نص عليه القانون ١٣/١٩٩٠ وبخاصة المادتين ١٨ و٤٢. فهل يكون لفنيانوس حق بنقل الدعوى للارتياب المشروع؟ فهذا بالتأكيد حق يمارسه فنيانوس وسيستكمله وفق الدستور والقوانين المرعية الإجراء.
ماذا سيفعل الوزراء السابقون الآخرون (علي حسن خليل، غازي زعيتر، نهاد المشنوق) بالإضافة الى رئيس الحكومة السابق حسان دياب؟
أكدت معلومات “لبنان الكبير” أنهم سيتقدمون بدعوى رد من اجل رفع يد القاضي بيطار فوراً عن قضية انفجار المرفأ، لأنه لمجرد تبليغ دعوى الرد، تُرفع يد بيطار فورا عن الملف، وبالتالي لن يعود بإمكانه استجوابهم في الثلاثين من ايلول واول من تشرين الاول. لذلك فضل الوزراء الثلاثة اضافة الى دياب دعوى الرد على دعوى الارتياب.

راوند ابوخزام