كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: عاد الانتظام العام الى لبنان مع تشكيل حكومة “العمل والأمل” التي تقع على عاتقها مهمة وطنية ـ إنقاذية حمل الرئيس نجيب ميقاتي كرتها المشتعلة من أجل وقف الانهيار ووضع هذا الوطن الصغير على سكة التعافي
بالأمس هدأت أصوات الانتقاد والتهكم التي تعاطت مع تشكيل الحكومة على قاعدة “عنزة ولو طارت” ضمن إطار المحاولات المستمرة لتيئيس وإحباط اللبنانيين، وحلت مكانها ورشة عمل جدية إنطلقت في السرايا الحكومية التي إستعادت حيوتها وحضورها ونشاطها مع دخول الرئيس ميقاتي إليها كاسرا بذلك جمودا وتصريف أعمال وكوما سياسية إستمرت 13 شهرا .
لا شك في أن الفشل ممنوع في هذه الحكومة، وإذا كان إعتذار ميقاتي الذي حاول المتضررون التسويق له قبل إنجاز التشكيلة الوزارية كارثة، فإن الفشل معناه إنتهاء لبنان وسقوطه عن الخارطة، خصوصا أن هذه الحكومة تعتبر الفرصة الأخيرة بعدما “بلغ السيل الزبى” على كل الصعد المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والمالية والصحية والتربوية والنفطية.
لا يختلف إثنان على أن طريق هذه الحكومة محفوف بكل أنواع الصعوبات، كونها تتسلم بلدا شبه متحلل، يحتاج قبل كل شيء الى أن يستعيد حضور الدولة وهيبتها والى تفعيل كل مؤسساتها وأجهزتها التي كانت في حالة موت سريري، ومواجهة أيضا “شريعة الغاب” السائدة في السوق السوداء التي توسعت لتصل الى المعاملات الادارية الرسمية.
لذلك، فإن الرئيس ميقاتي بدا حريصا على عدم إضاعة الوقت، فسارع بعد أخذ الصورة التذكارية والجلسة البروتوكولية في قصر بعبدا، الى السراي الحكومي لترؤس الاجتماع الأول للجنة صياغة البيان الوزاري الذي من المفترض أن لا يأخذ وقتا طويلا، خصوصا أن ميقاتي كان أعد نقاطه الأساسية لا سيما تلك المتعلقة بمعاناة الناس وتفاصيل حياتهم اليومية، والخطوط العريضة لخطة الحكومة لجهة القضايا التي ستتصدى لها من كورونا الى مرفأ بيروت الى صندوق النقد الدولي الى الاصلاحات وترسيم الحدود والتنقيب عن النفط والغاز، وإعادة وصل ما إنقطع مع الدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج التي تشكل الحاضنة التاريخية للبنان واللبنانيين لا سيما المملكة العربية السعودية
وتشير المعطيات الى وجود توافق وزاري على خطوط البيان الوزاري العريضة حيث سيستكمل البحث اليوم في جلسة ثانية قد يقر خلالها أو ربما يحتاج الى جلسة ثالثة تعقد غدا، تمهيدا لعرضة على مجلس الوزراء لاقراره، ومن ثم إرساله الى الهيئة العامة لمجلس النواب لمناقشته ومنح الحكومة الثقة على أساسه، لتبدأ بعد ذلك ورشة العمل الكبرى التي طلب ميقاتي من وزرائه بذل كل ما لديهم من إمكانات وخبرات ضمنها، والتخفيف من الاطلالات الاعلامية وترك الأعمال تتحدث عن نفسها، لأن الوضع صعب جدا ويحتاج الى تضافر كل الجهود لكي نبدأ باستعادة ثقة الناس وإخراجهم من الاحباط ومنحهم الأمل بأن الانقاذ ممكن وأن عودة العيش الكريم بعيدا عن طوابير الذل المختلفة متاحة.
لا تملك الحكومة الميقاتية الثالثة عصا سحرية، بل هي تحتاج الى تعاون كل القوى السياسية وكذلك الشعبية، لأن المهمة وطنية بإمتياز، فلا يمكن لحكومة أن تقدم الانجازات وهناك من ينتظرها على الكوع، أو من يتحين الفرص لاستهدافها أو تشويه صورتها أو الاساءة إليها أو فبركة الاتهامات والافتراءات حولها، خصوصا أن رئيسها طلب وضع السياسة جانبا، والاهتمام فقط بنجاح الخطة الحكومية التي ستنعكس إيجابا وإرتياحا على كل لبنان.
المصدر: lebanon 24