ما كشفه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن تواصله مع الكويت لإعادة إحياء عرض سابق للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، لتمويل وتنفيذ مشاريع بناء معامل لإنتاج الكهرباء، أعاد إحياء الأمل بإمكان حلّ معضلة الكهرباء، التي تبدو الأشدّ قساوة على اللبنانيين والأكثر كلفة، خصوصًا مع أزمة المحروقات وارتفاع كلفة فاتورة المولدات بشكل جنوني.
هذا العرض يعود إلى العام 2012، بحيث موّل الصندوق تكاليف إعداد دراسة جدوى فنية وإقتصادية بقيمة 600 ألف دولار أميركي، خلصت إلى وجوب إنشاء 3 محطات توليد كهرباء، موزّعة على 3 مواقع، تشمل خطوط النقل الكهرباء وخطوط نقل الوقود. وعام 2013 عرض الصندوق الكويتي إلى جانب الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي قرضاً ميسّرًا طويل الأجل لتأهيل محطتي الكهرباء في الزوق والجية. وبصرف النظر عن الأسباب الكامنة وراء تطييره آنذاك، يتصدّر اليوم الخيارات المتاحة أمام الحكومة لمعالجة أزمة الكهرباء، بالتزامن مع تأليف الحكومة وقبل نيلها الثقة، بحيث بدأ رئيسها يتواصل منذ فترة تكليفه، مع الصناديق العربية، في سبيل إعادة تفعيل مشاريع الدعم للبنان، وفق ما كشفه.
أسئلة عديدة تُطرح حيال تجاوب الكويت مع مسعى الرئيس ميقاتي، وحيال الداخل اللبناني، وكيفية تعامله مع الموضوع، وسط خشيىة من أن يستنسخ الفريق الذي أحبط إمكانية الإستفادة من القرض، نفس السيناريو السابق.
درويش: الكهرباء في قائمة أولويات ميقاتي
حل معضلة الكهرباء يتصدّر جدول عمل حكومة ميقاتي، إضافة إلى الملفات المعيشية الضاغطة، وفق ما أكّد النائب في كتلة “الوسط المستقل” علي درويش في حديث لـ “لبنان 24”. اليوم يوجد فريق عمل من حكومة جديدة، تضم شخصيّات لديها الخبرة والقدرة، من هنا سيتمّ العمل على مجموعة عوامل، منها إعادة إحياء القرض الكويتي، وهناك مشروع قانون في المجلس النيابي يترافق مع هذا العقد.
حول إمكانية تكرار الخلافات التي حالت دون تنفيذ القرض في حينه يقول درويش “باعتقادي لم يعد هناك أيّ عائق قد يقف حجر عثرة أمام ضرورة معالجة القضايا الحياتية والحيوية المهمة، وبصرف النظر عن الخلافات السابقة حول من سيقوم بالتطبيق وماهية الشروط والمعايير، ولم أكن مطّلعًا على تفاصيلها، ولكن اليوم، وضع هذا المشروع على سكّة التنفيذ يعالج مشكلة الكهرباء. والرئيس ميقاتي يعمل وفق سلسلة اتجاهات، منها صندوق النقد الدولي والقرض الكويتي ومواضيع أخرى مع جهات مانحة أخرى، لتسير كلّها بالتوازي، من أجل تسريع عمليّة ضخ بعض السيولة في المفاصل الحياتية الأساسية، سواء موضوع الكهرباء أو المحروقات أو الملفات المعيشية”.
عن تجاوب المسؤولين في الكويت مع المسعى يجيب درويش “الرئيس ميقاتي منفتح على الجميع، فضلًا عن قدرته على المستويين الإقليمي والدولي، والأشقاء في الكويت على ما أعتقد حريصون في هذه المرحلة حيال أيّ إمكانية لمساعدة لبنان، إضافة إلى العديد من أشقاء وأصدقاء لبنان على المستوى العالمي، وسنرى الجهات التي بإمكانها المساعدة بشكل فوري وفعلي، والكويت إحداها”.
يضيف درويش أنّهم كنواب سيواكبون عمل الحكومة، إن كان في “كتلة الوسط المستقل” أو على مستوى الكتل الأخرى، لتكون هناك صيغة تشريعية مساعدة ومسرّعة، لضخ سيولة في مفاصل الحياتية الأساسية.
هاشم: الظروف لا تسمح للمعرقلين برفض المشروع وميقاتي صاحب خبرة
النائب قاسم هاشم يلفت في حديث لـ “لبنان 24” إلى أنّ إتفاقية القرض من الصندوق الكويتي تتطلب إقرارها في المجلس النيابي حكمًا، موضحًا أنّ وزارة الطاقة رفضتها في حينه، من منطلق تفتيشها عن تمويل داخلي من الموازنة العامة، بحجة أنّ التمويل الداخلي أسرع، والصناديق تأخذ وقتًا، ولكن في الحقيقة، الأمر مغاير، ففي التمويل الداخلي نتصرف على هوانا من دون حسيب أو رقيب، رغم الكلام عن أجهزة الرقابة، إن في دفتر الشروط أو في المناقصات والتنفيذ، بينما في حال التمويل الخارجي تكون هناك متابعة من الجهات الممولة، وتدقيق وتفتيش ورقابة مشدّدة تحت عين الواهب.
عن الخشية من إعادة عرقلة المشروع محليًّا يقول هاشم “لا أعتقد، فالظروف اليوم لا تسمح بتكرار مثل ذاك الأداء، والبلد يكفيه ما أصابه، والأمور أصبحت تحت المنظار، خصوصًا أنّ الناس تنتظر الحلول لأزماتها المتفاقمة، وفي مقدمها المحروقات والكهرباء. وفي حال تمكّنت الحكومة من إنجاز هذين الملفين، إضافة إلى ضبط سعر صرف الدولار، تكون قد حققت إنجازًا كبيرًا على طريق الإصلاح الكبير الحلم، المهم البدء بمعالجة القضايا الحياتية اليومية”.
يضيف هاشم “الرئيس ميقاتي متابع للقضايا والملفات، ولديه علاقات لا يستهان بها، كما أنّه صاحب خبرة. يضاف إلى ذلك أنّ حكومته هي نتاج توافق محلي إقليمي دولي، شئنا أم أبينا”.
بأي حال، نجاح المشروع الكويتي بإنقاذ قطاع الكهرباء، متوقّف على أمرين، الأول موقف المسؤولين في الكويت ومدى استعدادهم لإعادة تقديم عرضهم القديم، علمًا أنّ إعلان رئيس الحكومة عن تواصله مع الكويت خلال فترة تكليفه، يوحي بأنّ الجانب الكويتي يعيد البحث في الموضوع. والثاني كيفية تعامل الأفرقاء في الداخل مع الملف، وسط ترجيح عدم إمكانية استنساخ تعنّتهم السابق، نظرًا لحراجة وضع الكهرباء من جهة، والعين الدولية على أداء الوزارات لا سيّما تلك التي تُعنى بالقطاعات الحيوية، من جهة ثانية.
إشارة إلى أنّ النائب السابق بطرس حرب كان قدّ تقدّم عبر مجلس النواب باستجواب إلى الحكومة عام 2011 حيال أسباب رفضها عرض الصندوق الكويتي، لتمويل مشروع إنتاج الـ700 ميغاوات، على رغم التوفير الكبير الذي سيستفيد منه لبنان. واشار حرب في حينه الى أن وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، رفض عرض تمويل المشروع من الصندوق الكويتي، رغم أنّه يوفّر على الخزينة، وعلى اللبنانيين عشرات ملايين الدولارات، باعتبار أن فوائد قروض الصندوق متدنّية لا تتجاوز 2 في المئة.
المصدر: خاص “لبنان 24”