كتب ريمون متري:
يتحمّل مجلس القضاء الأعلى مسؤولية ما يحصل من إنهيارات. إن لم يكن القضاء بخير لن نتقدم خطوة واحدة بالإتجاه الصحيح. وللقضاء نظرته أيضاً للأمور، ربما بنظر كبار القضاة، “الفاسدون في القضاء أقوى من الشرفاء، وفي الوقت الراهن علينا المحافظة على هذه المؤسسة كي لا تسقط”!
ليس بالأمر السهل، ولا يمكن تبسيطه، ولكن مصير شعب بِرُمَّته يتوقف على قرارات مصيرية، وعلى مجلس القضاء الأعلى إتخاذها. وماذا إن كان بعض كبار القضاة يتأثرون بمن عَيَنَهم في منصبهم؟ من يحاسبهم؟ لدى الشعب الكثير من الأسئلة التي تبقى من دون جواب!
الجميع ذهب باتجاه الشكوى، ومحاولة معالجة النتائج ولم يجرؤ أحد على التطرق إلى الأسباب والتراكمات التي أوصلتنا إلى “جهنم الرئاسية” وسبل معالجتها. الحل يبدأ بالقضاء وليس من أي مكان أخر، المحاسبة أولاً، والمحاسبة هي مدخل الإصلاحات، ولا لتدوير الزوايا، ولا لتسويات، كما حصل بداية التسعينيات، عندما أتت بأمراء الحرب ونصَّبَتهم حاكمين بأمر الله، حيث وضعوا البندقية جانباً ولم يتخلوا عنها وتفرغوا لسرقة البلد والتنازل عن سيادته. لم يتغير شيء بالنسبة لهؤلاء المجرمين، خلال الحرب كانوا يقتلون الناس بالأسلحة، أما اليوم يتلذذون بقتلهم ببطء ويهجرون إلى الخارج من يستطيع الهرب.
على القاضي بيطار المضي قضماً وبسرعة بملف تفجير المرفأ، ولا أحد يظنَّ أن الوقت كفيل بإغلاق المِلَفّ، لن ننسى ولن نسامح. وليعلم القضاء أن هذه الجريمة ضد الإنسانية، لم تطل فقط أهالي الشهداء إنما جميع اللبنانيين الشهداء الأحياء، فلا تناموا على أمل الإستفراد بأهالي الشهداء، جميع اللبنانيين لكم بالمرصاد. إن لم تحاسبوا ستحاسبون، وحسابكم سيكون أقسى من حساب المجرمين لأنكم مؤتمنون على عدالة لا ثقة لنا بها حتى إثبات العكس.
يا حضرات القضاة، أنتم لستم موظفين غب الطلب عند زعماء الجريمة المنظمة، ولستم في خدمة أحد، خصوصاً من عيّنكم في مراكزكم، أنتم كقضاة أهم من جميع الرؤساء لأن عليكم الحكم بعدل على الأرض، مستقبل وحياة الناس بين أيديكم، القضاء رسالة وليس مهنة عادية، لذا اقل واجب عليكم المحافظة على هذه الرسالة التي هي من أسمى الرسائل البشرية.
لا تخافوا من أحد، من أعلى الهرم إلى أسفله، قوموا بواجبكم والناس ستكون إلى جانبكم.
قلت مراراً إن على القضاء المبادرة لتطهير جسمه، واقتلاع الفاسدين مهما كانت أو علت مسؤوليتهم، قبل أن تبادر الجريمة المنظمة للتخلص من القضاة الشرفاء.
لا تستخفوا بمواقعكم، الثورة اندلعت لأنكم لم تقوموا بواجبكم على مدى عقود، كفى مراوغة وكفى ألاختباء خلف بعض القوانين البتراء التي شرعتها مجالس نيابية نكراء. أنتم العمود الفقري للبنان ولن نسمح لكم بالبقاء في مواقعكم إن لم تعرفوا قيمتها وصدقيتها وقداستها، فلستم أهلً لها!
وأخيراً وليس أخراً واحتراما لهيبة القضاء، توقفوا عن مهزلة استدعاء الثوار الشرفاء إلى الأجهزة الأمنية لأنهم دخلوا إلى حرمة بيت نائب أو وزير… بينما الجريمة المنظمة استباحت عروض اللبنانيين جميعاً ولم تحركوا ساكناً! أما أن تكونوا قضاة عادلين أو استقيلوا أشرف لكم.