جاء في “المركزية”:
كان يمكن للبنان ان يلعب الدور الذي يلعبه العراق اليوم، كهمزة وصل بين المتخاصمين في المنطقة، اي بين المحورين السعودي والايراني، لو قرر تحييد نفسه عنهما واعتمد سياسة النأي بالنفس. الا انه، مع الاسف، لم يفعل، وذهب، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، نحو طهران بـ”رجليه”، لا بل جلب ايران الى بيروت، فباع اشقاءه واصدقاءه العرب والخليجيين، الذين لطالما وقفوا الى جانبه وساندوه، بسفن نفط ايراني، من غير المعروف ما اذا كان يمكن ان تحلّ أزمة المحروقات، لكن من المؤكد انها ستعمّق الهوّة اكثر بين بيروت والعالمين العربي والغربي.
مؤتمر دعم العراق الذي عُقد السبت في بغداد، حضره ممثلون عن العواصم الكبرى كلها، اضافة الى ممثلين عن دول الجوار العراقي… لكن لبنان وسوريا لم توجّه اليهما الدعوة للمشاركة، بينما وُجّهت مثلا الى تركيا… بحسب المصادر، فإن المنظّمين اعتبروا انه وفي وجود وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان في القمة، لا داعي لوجود دمشق او بيروت، اذ انهما باتتا في نظر العالم، واقعتين تحت السيطرة الايرانية، وبالتالي عبد اللهيان يمكن ان ينطق باسميهما، حتى ان المسؤول الايراني اعترض على عدم دعوة سوريا لكنه لم يأت على ذكر لبنان ما يؤكد انه بات يحسب لبنان في جيبه على غرار اليمن.
هذه الضربة الموجعة التي وجهت الى لبنان، تؤكد انه فقد دوره الريادي كجسر تواصل بين الشرق والغرب، وكمساحة تلاق وتوفيق بين المتنازعين في المنطقة والاقليم، وسقط نهائيا في الحضن الايراني، خاصة وان السلطات الشرعية فيه، من رئاسة الجمهورية الى رئاسة مجلس النواب فرئاسة مجلس الوزراء، لم تصدر يوما موقفا مما يقوم به حزب الله، وآخر قراراته استقدام النفط الايراني الى بيروت، حيث ان اي بيان رافض خرق القرارات الدولية والحصار الاميركي المفروض على التعامل الاقتصادي مع ايران، لم يُسجّل، بل صمت مطبق وترقّب لوصول السفن الايرانية!
في الغضون، وبعد ان انتقد من بغداد عدم دعوة سوريا الى المؤتمر، حط عبد اللهيان مباشرة في دمشق الاحد. وأكد الناطق باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، اليوم ان زيارة وزير الخارجية إلى سوريا، وهي اولى محطاته الخارجية عقب تعيينه في منصبه، فيها رسائل مهمة عن سياسات إيران الإقليمية. وكان عبد اللهيان، شدد بعد لقائه بشار الاسد على ان علاقات بلاده مع العراق وسوريا “استراتيجية”. وأشار إلى أن “بلاده وسوريا وبفضل الإرادة المتوفرة لدى قادة البلدين ستقومان باتخاذ خطوات كبيرة في محاربة الإرهاب الاقتصادي”، مضيفا: “نحن وسوريا قمنا بعمل مشترك وحققنا انتصارات مشتركة في محاربة الإرهاب”.
وبينما يفترض ان يقوم الدبلوماسي الايراني بجولة اقليمية، تسأل المصادر: “هل ستشمل محطاته، بيروت ايضا، عشية وصول البواخر الايرانية، او النفط الايراني عبر البر آتيا من سوريا، لا فرق، ليؤكد اكثر فأكثر، للعرب والعالم، ان بيروت من العواصم التي تسيطر عليها الجمهورية الاسلامية، وان الكلمة الاقوى فيها، هي لحزب الله وطهران”؟