يمتد وجع المواطن اللبناني من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، وكأن الوطن برمته أمسى مريضا يئن وجعا وألما ولا يجد من يبلسم جراحه ويروي عطشه، فعلى الرغم من صراخ وأوجاع الوطن المتنقلة بين عواصم الدول القريبة والبعيدة، تستمر المناكفات الداخلية على شكل ملفات عالقة ما بين النكد السياسي وعدم القدرة على ابتداع الحلول.
فماذا عن هذه الملفات العالقة والملحة التي تبدأ من عتبة أزمة الرغيف ولا تنتهي عند حدود رفع الحصانات وتشكيل الحكومة التي قد تكون مدخلا اساسيا للفرج ان كتب لها ان تبصر النور؟
لا بد من توقيف نغمة المزايدات
في هذا الاطار وحول موضوع رفع الحصانات يبدأ عضو التكتل الوطني النائب فريد هيكل الخازن حديثه مع “لبنان 24” فيؤكد انه “يرغب في ان يكون طلب المحقق العدلي طارق البيطار موضوع بحث في الجلسة التي ستعقد في قصر الاونيسكو، فمن الزاوية القانوية لا بد لملف انفجار المرفأ من يسلك طريقه بغية الوصول الى الحقيقة، وفي حال تم عرض رفع الحصانات وفقا لما طلبه القاضي البيطار فسأوافق حتما وأصوّت على المشروع، لكن هذا لا يعني انني لا أوافق على الطرح الذي يقدمه تيار المستقبل، الذي يمكن ان اكون الى جانبه بحال تم الترويج له”.
ويضيف “أما في الجانب السياسي، لا بد لي من ان اعبّر عن بعض التحفظات حول اداء القاضي البيطار، اذ انني لاحظت نوعا من الاستنسابية وبعض الخلفيات التي أظهرها في قرارته، بمعنى ما هو المبرر وراء دعوة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وعدم دعوة رؤساء الحكومات السابقين؟ أضف الى ذلك لماذا تم دعوة قائد الجيش السابق جان قهوجي ولم تتم دعوة القائد الحالي جوزيف عون الذي نكن له كل الاحترام والتقدير؟
كما انه لا يمكن غض النظر عن الدور الأساسي للرئيس الأعلى لمجلس الدفاع، الذي من صلاحياته وواجبته جمع مختلف المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عن المرفأ، والطلب اليهم ايجاد حلّ للموضوع”.
ويؤكد الخازن ان ملف تفجير المرفأ يشكل محطة وجع وألم يجتمع عندها جميع اللبنانيين دون استثناء، لذلك لا بد من توقيف نغمة المزايدات ولا بد من ان يدرك الجميع ان المحاسبة يجب ان تطال مختلف الاطراف، ففي لبنان لا يمكنك ان تحاسب رئيس حكومة بما ومن يمثل دون محاسبة رئيس الجمهورية بما ومن يمثل ايضا، مع العلم ان رفع الحصانات لا يشكل ادانة انما يمكن اعتباره نوعا من انواع المساواة”.
أزمة رجالات نظام
أما على صعيد ادارة البلاد وتشكيل حكومة يرى الخازن اننا “دخلنا مرحلة الافلاس التام ومن المؤسف ان نعيش في ظل غياب كلي لادارة سياسية واقتصادية واجتماعية، فحكومة الرئيس دياب ومنذ لحظة استقالتها تحولت الى جثة هامدة وامتنعت وما زالت تمتنع عن تأدية ادنى واجباتها الدستورية،
فالرئيس دياب يعتبر انه غير مسؤول ويرفض تحمل اي مسؤولية في حين ان الدستور لا يتفق مع هذا المنطق، وللحقيقة يمكن القول ان الرئيس دياب وهو رجل عصامي استطاع أن يخلق مساحة وحيزا لنفسه، كان محظوظا اذ استطاع ان ينتقل من استاذ جامعي الى وزير فرئيس حكومة، لكن لم يقف الحظ الى جانبه طويلا فبيروت انفجرت بوجهه وهو أراد الا يتحمل المسؤولية فاستقال محاولا تسليم العبء الى حكومة جديدة”.
ويضيف الخازن ” على ما يبدو نمر في مرحلة أزمة على صعيد رجالات النظام، فالمشكلة الحقيقية تكمن عند رئيس الجمهورية وفريقه الذي يريد تشكيل حكومة يسيطر عليها عبر الثلث الضامن وعبر تولي معظم الحقائب الاساسية وهذا ما لن ترضى به الاطراف السياسية اللبنانية،
فمنذ لحظة استقالة حكومة دياب وحتى الساعة، قدمت الطائفة السنية 3 رؤساء من صلبها، كل واحد منهم لديه خلفياته وطريقته واسلوبه ومع الأسف لم يتمكن كل من الرئيسين أديب والحريري من التشكيل، وقد تذهب مساعي الرئيس ميقاتي في الاطار عينه على الرغم من قدرته على الحوار والاستعاب وعلى الرغم من علاقاته الدولية المتعددة.
ما نخشاه فعلا ان يكون تعاطي رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف مشابها لتعاطيه مع الرئيس الحريري ولكن باسلوب مغاير فنصل الى النتيجة عينها، وهذا ما لا نتمناه خاصة ان تخفيف حدة الانهيار لم يعد مستحيلا بحال تم تشكيل حكومة توحي بالثقة، وعلى هذا الصعيد نعبر كتكتل وطني عن رغبتنا في تسهيل مهمة الرئيس ميقاتي لكننا كما قلنا لن نشارك في اي حكومة ينال فيها رئيس الجمهورية وفريقه الثلث الضامن”.
تخوف من انفجار أمنيّ
وعلى الصعيد الحياتي والمعيشي يعبّر الخازن عن خوفه وخشيته من ان ” تؤدي الأزمات الاقتصادية والسياسية المتلاحقة الى انفجار أمني كبير يهز البلاد، فالتجربة اللبنانية كما مختلف تجارب دول العالم الثالث تشير الى انه عندما تقفل ابوب الحلول السياسية تفتح مزاريب المشاكل الأمنية، وهذا ما بدأنا نشهده في مناطق لبنانية مختلفة من خلدة مرورا بشويا وصولا الى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، واذ استمر الوضع على ما هو عليه قد يكون الانفجارالامني في الداخل او في الاطراف او على الحدود هو النتيجة الأكيدة.
وهنا لا بد من ان اشير الى ان المواطنين غير متقبلين للواقع الحالي وهم يحاولون التغبير في طرق متعددة، لكن مع الأسف طبيعة النظام اللبناني التعددي الذي اعتبر غنى وركيزة مهمة عند تأسيسه، تم تحويله الى ديمقراطية توافقية يتحكم من خلالها رؤساء الطوائف بالبلاد والعباد بقبضة حديدية، ولخرق هذا النوع من الانظمة، لا بد من تصادم وثورة حقيقية تتخللها تضحيات كثيرة،
فاقفال الطرقات والمظاهرات ليست كافية وحدها لاحداث خرق في نظامنا الحالي، وكذلك لا يمكن التعويل على الانتخابات النيابية في خلق التغيير التام، مع العلم ان هذه الانتخابات قد لا تجري في موعدها وفق لما تروج له الاطراف السياسية، فالمعادلة في هذا الاطار واضحة، اذا لم يتم تشكيل حكومة مع الرئيس ميقاتي فان البلاد لن تصل الى مرحلة الانتخابات النيابية، وذلك لعدة عوامل منها اقتصادية وامنية بالاضافة الى عجز حكومة تصريف الاعمال عن تنظيم الانتخابات”.