حذر رئيس قسم أمراض الدم والسرطان في الجامعة الأميركية البروفسور ناجي الصغير في بيان، من “تقصير أعمار مرضى السرطان والقلب والأمراض الجرثومية والأمراض المزمنة، نتيجة انقطاع الأدوية والكباش الحاصل على صعيد دعم استيرادها”.
وقال: “شاهدنا أمهات يحضرن أطفالهم إلى طوارئ مستشفياتنا بسبب حرارة مرتفعة لإعطائهم دواء بسيط مثل باراسيتامول غير المتوافر في الصيدليات، وشاهدنا مرضى يتنقلون من صيدلية إلى أخرى، ومن مدينة إلى أخرى، ومن منطقة إلى أخرى يبحثون عن أدويتهم لمداواة أمراض القلب والسكري والسرطان فلا يجدونها إلا نادرا عند بعض الصيدليات التي تستورد الأدوية بأسعار دولية مرتفعة لا يستطيع تأمينها إلا القلائل، أو يحضرها لهم أقاربهم من دول الخليج أو أميركا او أوروبا أو غيرها”.
واذ أشار إلى “انقطاع شبه كامل للكثير من أدوية السرطان التي يتم إعطاؤها بالوريد أو بالإبر في العضل أو تحت الجلد أو كحبوب”، أكد أن “الأطباء يمضون أوقاتا طويلة على الهاتف وفي العيادات مع مرضاهم وعائلاتهم لكي يستبدلوا أدوية بأخرى متوافرة، مع أنه أحيانا يكون أقل فعالية من الأدوية الأولى. فمن الأمثلة اليومية لدينا المريضة أ. ب. عندها سرطان ثدي تستعمل دواء غوزيريلين وايكزيميستان لمنع عودة سرطان الثدي، وبسبب انقطاع الأدوية حولناها إلى دواء تاموكسيفين، والمريضة ج. د. عندها سرطان ثدي لا تجد غوزيريلين، ولكنها تستمر بأخذ ليتروزول وحده، مما قد يتسبب بعودة سريعة للسرطان إليها، كونها تحت سن الخمسين، والمريضة ه. و. ( 28 سنة ) تبين أنها مصابة بسرطان الثدي لكنه قابل للشفاء، أرسلتها إلى طبيبة نسائية لكي تجمع منها بويضات لتجميدها لكي تستطيع المريضة استعمالها لاحقا للحمل بعد شفائها من سرطان الثدي، فوجئنا أن الأدوية مقطوعة، وهكذا قد يتم حرمانها من احتمال الأمومة بعد الشفاء”.
وشدد على أن “انقطاع الأدوية يتسبب بعدم الشفاء أو بتقصير العمر بين سنة أو ثلاثة. أما المريض أ. ج. مصاب بسرطان الرئة، ولكن دواء بمبروليزوماب العلاج المناعي مقطوع، فأعاده طبيبه إلى العلاج الكيميائي التقليدي ومضاعفاته، وهذا ما سيتسبب في تقصير عمر المريض، والمريض ب. د. (35 سنة) مصاب بسرطان الجلد ويحتاج إلى علاج مناعي نتيجته الشفاء، ولكن الدواء غير موجود، وهذا يعني أن المريض حكم عليه بالإعدام والموت السريع”.
وأضاف: “نعم أصبحنا في لبنان نشفي مرضى السرطان بنسبة عالية جدا، والطبابة عندنا أصبحت من أعلى وأفضل المستويات العالمية، وها نحن الآن نخسر كل ما أنجزناه خلال العقود والسنوات الماضية”.
وأشار إلى أن “عدم توافر أدوية السرطان في لبنان يقصر عمر المرضى بشكل خطير، ولذلك يجب أن نجد حلولا سريعة، ولكن وبما أن الحكومة مستقيلة، ووزارة الصحة تطالب مصرف لبنان باستمرار دعم الأدوية، وتقول أن حاكم مصرف لبنان وعدهم بفتح اعتمادات بمبلغ 500 مليون دولار لتسديد فواتير قديمة و50 مليون دولار شهريا لدعم الأدوية يتم تخصيص معظمها لأدوية السرطان، ولكنه لم يفعل، مما لا يسمح لوكلاء الادوية باستيرادها لعد توافر الإعتمادات من مصرف لبنان بالعملة الصعبة (الدولار). ويقول مصرف لبنان أنه على الحكومة ووزارة الصحة تحرير سعر الدواء حسب سعر منصة الصيرفة وسعر السوق، مما سيسمح للوكلاء باستيراد الدواء وبيعه حسب سعره الحقيقي. وهنا، تقول مصادر الحكومة المستقيلة ووزارة الصحة، أنها لا تقبل بأن تكون الأدوية متوافرة فقط للمقتدرين، فيما تعتبر مصادر مصرف لبنان أنه إذا تم رفع الدعم وتم تسعير الدواء حسب سعر السوق الصيرفة، فعندئذ يتعهد المصرف بدعم المرضى الذين لا يستطيعون شراء الدواء بسعره العادي، أي أنه مستعد لدعم المريض وليس لدعم الدواء بفواتير مفتوحة من الآن وصاعدا لأنه لم يعد عنده إلا أموال المودعين، كما أنه مستعد لدفع فواتير الأدوية التي تحتاج إليها وزارة الصحة على أساس وصفات طبية لكل المرضى الذين يريدون الدواء من وزارة الصحة والمؤسسات الرسمية الضامنة”.
ولفت إلى أن “بعض المستشفيات والجامعات الكبرى أبدت استعدادها لاستيراد الأدوية لمرضاها بشكل مباشر ولكنها بحاجة إلى موافقة وزير الصحة لاستيراده ولبيعه بسعر السوق الذي تدفعه، ولكن وزير الصحة لا يقبل الا التزام السعر الرسمي للدواء، وفي وسط الكباش بين الحكومة المستقيلة ووزارة الصحة وبين مصرف لبنان، تنقطع الأدوية عن مرضى السرطان فيدفعون الثمن من حياتهم وأعمارهم”.
وأكد الصغير أن “أطباء علاج مرضى السرطان، وحسب المثل الشعبي اللبناني يريدون أن نأكل العنب لا أن يقتلوا الناطور، فيا أيها السياسيون اتخذوا القرار المناسب وبسرعة قبل فوات الأوان. كلنا نريد الإصلاح وإيقاف الهدر والتهريب والفساد وكسب ثقة الناس والمجتمع الدولي و الممولين، ولكن إذا كان ضروريا الإستمرار بالدعم لفترة وجيزة مع خطط مستقبلية واضحة لرفعه عن السلع ودعم المواطن بشكل مباشر فليكن”.
وطالب وزارة الصحة ولجنة الصحة النيابية ونقابة الأطباء والجمعية اللبنانية لأطباء التورم الخبيث والجمعية اللبنانية لأطباء أمراض الدم ونقابتي أطباء لبنان في بيروت وفي طرابلس ووكل الأطباء والممرضات والممرضين والصيادلة ومصرف لبنان ووكلاء الأدوية ومستورديها وشركات الأدوية العلمية، بأن “يجتمعوا سويا ويتفقوا على حلول طارئة وسريعة لأنقاذ مرضى السرطان الذين هم أهلنا وأولادنا وأصدقاؤنا وأحباؤنا، ومن غير المقبل أبدا عذابهم”.