جاء في “المركزية”:
بعد إعلان الرئيس سعد الحريري اعتذاره عن تشكيل الحكومة، اعتقد البعض أن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل نجح في تثبيت المعادلة التي ارساها مع الرئيس سعد الحريري لحظة الاتفاق على التسوية الرئاسية ” إما أن نكون معاً في الحكومة أو نخرج منها سويا”.
وتقول أوساط مقربة من “طبخة” التسوية أنه عندما حاول الحريري إسقاط هذه المعادلة من خلال إصراره على تشكيل حكومة مهمّة تضمّ اختصاصيين غيرحزبيين وفق المبادرة الفرنسية، من دون الاتفاق مسبقا مع باسيل مما أسقط احتمال تسوية رئاسة 2022، وُضع باسيل على طريقة تشكيلة الحريري لمنعه من الوصول الى السراي الا من خلال بوابته مستعينا بفريق العهد وحلفائه لتحقيق ذلك.
فهل نجح باسيل في تسديد الضربة ولو وفق معادلة “عليّ وعلى أعدائي” من خلال استبعاد الحريري، وإلى أي مدى سينجح الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في تشكيل حكومة مهمّة من إختصاصيين من دون التنازل عن الشروط التي كان وضعها سلفه الحريري؟
” الأزمة في لبنان تجاوزت سعد الحريري وجبران باسيل والكلام عن دور للأخير في إحراج الحريري وإخراجه بات خارج الزمن والتاريخ”. بهذه الخلاصة يلخص النائب السابق فارس سعيد واقع الأزمة الحكومية والسياسية والإقتصادية في لبنان ويسرد الوقائع التي استند اليها لـ”المركزية” على الشكل التالي:” إذا عدنا إلى التاريخ، نرى أن علاقة المسيحيين في لبنان ارتبطت منذ القديم بالغرب، والرهان اليوم على المصالحة الأميركية – الإيرانية للعودة إلى محور الغرب. بالتوازي ارتبط السنّة بالمملكة العربية السعودية وهم ينتظرون اليوم العودة إلى فضائها السياسي من خلال فرنسا . أما حزب الله وبعدما نجح في تدمير القوى السياسية والحيّة في لبنان، وساهم في فصل لبنان ومسيحييه عن مراكز القرار الخارجي في كل القطاعات المصرفية والتربوية، وقطع الرابط بين السنّة والعالم العربي وتحديدا علاقة المملكة العربية السعودية بسبب التسوية مع حزب الله …كل هذا جعل من الحزب المرجعية الوحيدة التي تتحكم بسياسة لبنان الداخلية والإقليمية. وبالتالي يمكن القول إن الأزمة تجاوزت الحريري وباسيل”.
ما حصل على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية ظهر اليوم حيث أطلق الجيش الاسرائيلي عددا من القذائف الثقيلة باتجاه سهل مرجعيون، ردا على إطلاق ثلاثة صواريخ من لبنان سقط أحدها في الأراضي اللبنانية في حين سقط صاروخان في مستوطنة كريات شمونة، اعتبره سعيد بمثابة رسائل إيرانية للإمساك بالإستقرار في المنطقة، ويقول:” إذا أردتم أن تعرفوا مسار التطورات الداخلية في لبنان عليكم أن تقرأوا في السياسة الخارجية. فالإستحقاقات الخارجية وتحديدا المفاوضات الجارية في فيينا بين إيران والولايات المتحدة الأميركية تتحكم بعقارب الإستقرار في لبنان والمنطقة”.
أضاف:” في الأمس كان الإعتداء الإيراني على سفينة بريطانية، واليوم سقوط صاروخين في مستوطنة كريات شمونة ورد الجيش الإسرائيلي بقصف سهل مرجعيون، مما يؤكد بأن إيران تريد إيصال رسائل إلى الولايات المتحدة مفادها بأنها ضابط إيقاع الإستقرار في المنطقة والمرجع الوحيد للتفاوض في استقرار المنطقة. في المقابل تسعى الولايات المتحدة ومعها بريطانيا والإتحاد الأوروبي إلى مواجهة “سلطة” إيران عن طريق الضغط في المفاوضات. وعندما نقول إيران فهذا يعني حكما أذرعها في المنطقة وتحديدا حزب الله الذي يتحكم بعقارب الإستقرار في الداخل اللبناني”.
ما عجز عنه الحريري من تحصيل شروطه لتشكيل حكومة، قد ينسحب على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ، وفي هذا الإطار يقول سعيد “لا حكومة في لبنان أقله خلال مرحلة التصعيد مع الولايات المتحدة الأميركية، بغض النظر عن إسم الرئيس المكلف والجهة التي “أوصلته”. ويختم ” لم يعد مقبولاً تضليل الرأي العام عن طريق تحجيم أسباب الأزمة في لبنان “بمقامات” سياسية على غرار باسيل أو الحريري. لبنان محكوم بين جبهتين: إيران من جهة واميركا من جهة ثانية. وطالما أن التعقيدات لا تزال على حالها في فيينا لا حكومة ولا انفراج… وعندما تتعقّد في السياسة، تتأزم أمنيا على غرار ما حصل في خلدة الأحد الماضي. لكن طالما عين حزب الله على الخارج ، سيكتفي باستيعاب أي إشكال يحصل حتى لو دفع فاتورته بالدم. المهم ألا تتوسع رقعة الإشتباكات إلى أن تأتي ساعة الصفر من فيينا”.