جاء في “المركزية”:
لا تدور اتصالات تشكيل الحكومة في نسختها الاخيرة، بعد تسلّم الرئيس نجيب ميقاتي المهمّة خلفا للرئيس سعد الحريري، في سباق مع الوضع اللبناني الاقتصادي – المعيشي الآخذ في الانهيار مهددا بانفجار اجتماعي وشيك، فحسب، بل تبدو ايضا في سباق مع مقصلة العقوبات التي ستنزل على “رقاب” المعطّلين في غضون أيام، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”.
فأمس، كشف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في بيان، أن نظام العقوبات بشأن لبنان سيُنجز قبل نهاية تموز الجاري. وكان الدبلوماسي أكد في زيارته الأخيرة في منتصف حزيران الماضي، أن العقوبات على السياسيين اللبنانيين “على الطاولة ونناقشها”، آملاً ألا يُتخذ قرار في شأنها. كما رأى بوريل حينها أن “الأزمة التي يواجهها لبنان، نشأت من عوامل داخلية وليست خارجية”، محمّلاً الطبقة السياسية المسؤولية. ووصف بوريل الأزمة التي يواجهها الاقتصاد اللبناني بالـ”مرعبة”، داعياً إلى تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات.
أقلّ من أسبوع إذاً، يفصل عن موعد ابصار هذه الآلية النور، وقد تلاشت كل الفيتوات الاوروبية التي واجهت قرار “العقوبات” في الاشهر الماضية، ما سيسهّل الانتقال من الاطار “النظري” الى الاطار “العملي” التطبيقي للاجراءات المرتقبة، وهي ستشمل كل من يُعتبر ضالعا في الفساد وفي افقار الشعب اللبناني، وكلّ طرف او شخصية تعطّل الحلول السياسية في البلاد وترمي العصي في دواليب تشكيل الحكومة الانقاذية المطلوبة بإلحاح.
العصا هذه ترخي بثقلها على مساعي التشكيل الدائرة اليوم، تضيف المصادر. ففي معطياتها، يمكن ان تنتفي الحاجة الى فرض عقوبات اذا تعاونت السلطة السياسية اللبنانية وسهّلت ولادة الحكومة، على ان تتلاقى طبعا وشروط المجتمع الدولي، لا نتاج محاصصاتها وتقاسمها “الجبنة” في ما بينها، وهو ما دأبت عليه على مر العقود الماضية فأوصلت البلاد الى المصير الاسود الذي تتخبط فيه اليوم.
وفي هذا الاطار، تكشف المصادر أن مبعوث الرئيس الفرنسي الى لبنان السفير باتريك دوريل طرح على القوى السياسية التي اجتمع معها خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، إسم نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة بعدما بات قرار الرئيس الحريري شبه محسوم بالاعتذار عن عدم التشكيل، ومبعوث ايمانويل ماكرون وعد حينها، دائما وفق المصادر، بعدم وضع العقوبات الاوروبية موضع التنفيذ، وبترشيقها و”إنزالها” الى الحد الادنى، اذا تعاونت المنظومة ووضعت خلافاتها جانبا، وذهبت نحو تشكيل حكومة “المهمّة” سريعا، وقبل تاريخ 4 آب تحديدا.
الطرح مغرٍ، تضيف المصادر، وقد أعجب اهل الحكم بلا شك. غير أن ما يجدر التوقّف عنده، هو أن هؤلاء لا يأبهون لتجميد حساب من هنا او بقرار بمنع دخولهم الى هذا البلد من هناك، بقدر ما يهتمّون بضمان مستقبلهم السياسي ومصالحهم الحزبية والشخصية والاقليمية. عليه، فإنهم سيكثفون محادثاتهم في ما بينهم الآن لمحاولة ايجاد تسوية ترضيهم جميعا، فإذا نجحوا بذلك قبل 4 آب، كان به، اما اذا لم ينجحوا في ايجاد صيغة تريحهم كلّهم وتطمئنهم الى انهم باقون في مناصبهم قادرون على تحقيق مشاريعهم وطموحاتهم الفردية والسياسية، واذا كانت ايضا مصالح عرابي بعضهم الاقليميين، تقتضي الاستمرار في شد الحبال وخنق الحكومة واللبنانيين، فإن هذا ما سيحصل، ولتأتِ العقوبات لا بأس، تختم المصادر.