جاء في “المركزية”:
بين التكليف والتأليف تنشغل أروقة السياسيين عشية الإستشارات النيابية المقررة يوم غد الإثنين 26 الجاري. وإذا كانت أسهم الرئيس نجيب ميقاتي تراوح بين التصاعدية والتشاورية بين نواب الكتل إلى حين البت بالإسم وقد يكون ذلك قبل ساعات من موعد جلسة الإستشارات، يبرز موقف تكتل “الجمهورية القوية” الذي أعلنه رئيس حزب “القوات” سمير جعجع عقب اجتماعه الإستثنائي ظهرالخميس 23 الجاري “بعدم التسمية في استشارات الاثنين النيابية الملزمة انسجاماً منا مع مواقفنا السابقة وقناعتنا منا بأنه من المستحيل الوصول إلى أي إصلاحات طالما الثنائي عون – حزب الله وحلفاؤهم ممسكون بالسلطة”.
فهل ينسحب هذا القرار على كتل نيابية أخرى أو على نواب منفردين؟ وهل يكون موقف “اللاتسمية” منسجما مع نصوص الدستور والمهام المكلف بها النائب في البرلمان؟
أوضح المحامي ميشال قليموس عبر “المركزية” أن “موضوع التسمية واجب دستوري، وعندما يمتنع نائب أو تكتل عن التسمية في الإستشارات النيابية الملزمة فهذا يعني انه لا يساهم باعطاء رئيس الجمهورية التوجه السياسي للمجلس النيابي الذي على اساسه سيصدر التكليف. وقد يؤدي هذا الامر إلى تعطيل نشوء سلطة تنفيذية. أضف إلى ذلك ان امتناع النائب عن التسمية يعني التقاعس عن القيام بواجبه الدستوري الذي منحه اياه الدستور بموجب المادة 53”.
من عبارة “استشارات نيابية ملزمة” ينطلق المحامي قليموس في قراءة موجبات النائب وتداعيات خطوة امتناعه عن التسمية. وفي هذا الاطار يقول: “الامتناع يعني عدم تسهيل مهمة رئيس الجمهورية. وبما أن الدستور نص على عبارة” استشارات نيابية ملزمة”، فهذا يعني ان الرئيس ملزم بأخذ رأي النواب، وعليه يفترض على النائب تسهيل مهمته حتى يصدر مرسوم التكليف”.
إذاً النص الدستوري واضح: استشارات نيابية ملزمة يعني من واجب النواب تسمية رئيس مكلف لتشكيل الحكومة. وخلاف ذلك يكون كمن يعطل نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق اسقاط ورقة بيضاء، وهذا يعني تعطيل نشوء وعمل مؤسسة دستورية. وبعد تأليف الحكومة ووصولها إلى مجلس النواب يحق للنائب إما ان يمنحها الثقة او عدم منحها وهذا حق دستوري. فهل يدرك النواب المنتخبون من الشعب واجباتهم المنصوص عنها في الدستور؟ يجيب المحامي قليموس: “من الواضح والأكيد أن النواب مدركون لواجباتهم الدستورية، لكنهم يتصرفون من خلفيات سياسية وشخصية”.
“لا يجب إدراج إسم رئيس الجمهورية من ضمن الرؤساء الثلاثة”، يقول قليموس، ويوضح: “رئيس الجمهورية مؤتمن على وحدة البلاد، ويمارس دوره كحارس على تطبيق الدستور. وإذا أدرك ان الأكثرية النيابية غيرمكونة، ولا حضور ميثاقي إسلامي حول إسم الرئيس المكلف، عليه أن يذهب إلى استشارات نيابية ملزمة جديدة، وعلى النواب الاستجابة لطلبه – وهو مطلب دستوري – وبالتالي إعطاء رأيهم”. ولفت إلى أن ” رئيس الجمهورية ليس صندوق بريد وعليه ان يجري استشارات نيابية ملزمة لإصدار مرسوم التكليف، بعدما يتأكد من أن الشخصية المكلفة قادرة على تشكيل حكومة ميثاقية، وإلا نكون امام أزمة تعطيل إمكانية تشكيل حكومة”.
حتى الساعة لا يزال إسم نجيب ميقاتي يحظى بأرجحية التكليف في مقابل إسم نواف سلام الذي أعلن تكتل لبنان القوي النية في تسميته. لكن لا شيء نهائياً بعد.
وفي انتظار ساعة الصفر للإستشارات النيابية الملزمة يوم غد الإثنين في حال لم يطرأ أي جديد يحتم تأجيلها إلى موعد لاحق، أشار قليموس إلى “أهمية ان يراعي التكليف صيغة العيش المشترك كما ورد في الفقرة “ي” من مقدمة الدستور. وخلاصة القول من الأجدى أن يعود خيار التسمية إلى شخصية إسلامية مرموقة علميا ووطنيا، شخصية إسلامية سنية مستقلة وعلى مسافة واحدة من كل الافرقاء، حتى تتمكن من تشكيل فريق عمل مستقل قادرعلى إدارة البلاد واعادة جزء من الثقة بالدولة ومؤسساتها في الداخل والخارج، والطمأنينة للمواطن الذي بات هاجسه تأمين لقمة العيش لأولاده والدواء والبنزين”.
ويختم: “على النواب الالتزام بواجبهم الدستوري وتسمية رئيس لتشكيل الحكومة والا يكون امتناعهم تعطيلا للدستور”.