كتبت رانيا شخطورة في “أخبار اليوم”:
ابسط مقومات الحياة بات من الصعب على المواطن في لبنان ان ينالها بسهولة، كما في المحروقات والادوية… ها هو الرغيف ينضم مجددا الى اللائحة…
ان اردت احدى هذه السلع فما عليك الا ان تقف في الطابور وتنتظر دورك…
فبات يوم اللبناني يبدأ صباحا في طابور البنزين، وحين تحصل على 20 ليترا بما يقارب الثمانين الفا، تبدأ رحلة البحث عن دواء من صيدلية الى اخرى… فلا تجد… تبدأ بسلسلة من الاتصالات مع الاقارب والاصدقاء في الخارج، سائلا عمن سيأتي الى لبنان قريبا كي “توصيه” على هذا الدواء او ذاك… لانه “كل شي صار مقطوع”…
وبعد هذه الجولة، لوح اصحاب الافران انه “بدءاً من الاثنين ستتوقف الافران كافة عن صنع الرغيف إذا لم تؤمّن مادة المازوت”، عبارة وحدها كفيلة بخلق الزعر لدى الناس ليتهافتوا على تخزين الخبز، وتأمين قوت اولادهم!
فبعد ما حذر اتحاد المخابز والافران في لبنان، امس، من ازمة رغيف على الابواب اعتبارا من الاسبوع المقبل بسبب فقدان مادة المازوت حيث ستضطر بعض الافران والمخابز على التوقف بعد نفاذ الاحتياطي المتوفر لديها من هذه المادة، تحرك رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب فتابع قضية شح مادتي البنزين والمازوت في الأسواق، وذلك على الرغم من الاتفاق الذي حصل بين مصرف لبنان وأصحاب الشركات بتأمين حاجة السوق من مادتي البنزين والمازوت لمدة ثلاثة أشهر على قاعدة اعتماد سعر ٣٩٠٠ ليرة للدولار على منصة مصرف لبنان لسعر الاستيراد.
وإذ طلب الرئيس دياب فتح تحقيق لكشف المتلاعبين والمحتكرين والجهة أو الجهات التي لم تلتزم بذلك الاتفاق وإعلان أسمائهم إلى الرأي العام، أعطى توجيهاته لتأمين المازوت بسرعة إلى الأفران المهددة بالتوقف، حيث تم تأمين ٥٠٠ ألف ليتر من المازوت للأفران من احدى الشركة تبدأ بتسلمها اعتباراً من غد الجمعة (اليوم) بناء على قسائم صادرة عن وزارة الاقتصاد.
انها العبارات ذاتها التي تتكرر، شح المواد ثم فتح تحقيق لكشف المتلاعبين والمحتكرين… وكم من تحقيقات فتحت وبقيت مفتوحة، على الرغم من انها لا تعد ولا تحصى، فلم يتم توقيف متلاعب او محتكر واحد على اقل تقدير منذ خريف العام 2019 ولغاية اليوم!
وهذا خير دليل على ان التجار محسوبين على جهة واحدة، وبتواطؤ الطرفين تستمر عملية التهريب الى الخارج! هذا بغض النظر ما اذا كانت ازمة شح المازوت لدى الافران قد عولجت ام لا!
قال مرجع اقتصادي واسع الاطلاع: حين تصبح السلطلة السياسية غير موجودة يمكن توقع كل شيء، وهذا ما نحن فيه اليوم، مضيفا: لو كانت هناك حكومة فعليه قائمة في لبنان، لما كانت سمحت بمثل هذا الاحتكار والتهريب. اذ بحسب القوانين يمكن للحكومة ان تدير انتاج وبيع السلع الاساسية وان كان الامر من اختصاص القطاع الخاص. وبالتالي، لو لم يكن هناك تواطؤا بين التجار والسلطة، لما حصلت مثل هذه الممارسات، ولما كانت ابواب التهريب مشرعة دون حسيب او رقيب! مشددا على ان الارقام واضحة، وبمجرد مقارنة كميات الاستيراد للسلع الاساسية بين العام 2019 والعامين 2020 و2012 نجد ان هناك الكثير من المزاريب!
ورأى المرجع ان السلطة تريد وضع مصرف لبنان امام خيارات احلاها مرّ، اما ان يستمر تمويل استيراد سلع محددة على سعر صرف الـ1515 وصرف الاحتياطي، او فان الحملة ضده ستشتد.
واذ اشار الى ان كميات كبيرة جدا من المازوت والطحين ما زالت تهرب الى سوريا، لفت المرجع الى ان التحذير الصادر عن الافران هو مقدمة او تحضير لرفع سعر ربطة الخبر الى سقف عال جدا، على غرار اسعار المحروقات، تحت عنوان شراء المازوت وفق السعر المحدد في السوق السوداء.
وقال مستغربا: لسان حال التجار من اجل ان يبرروا رفع الاسعار: ان سعر ربطة الخبر كان يسواي دولارا على سعر الصرف 1500، اليوم انخفض السعر كثيرا مقارنة مع سعر الدولار في السوق السوداء. وشدد المرجع على ان هذه المقاربة فاشلة، لاننا ما زلنا في مجال الدعم لسعر الطحين وهو العنصر الاساس في صناعة الرغيف.
وفي السياق عينه، كشف المرجع عن فضيحة القمح الذي انتجته مصلحة جنوب الليطاني وحاولت بيعه الى وزارة الاقتصاد والتجارة التي رفضته، تحت حجة انه غير صالح لصناعة الرغيف، فتم بيع هذا القمح الى التجار وهو اليوم يستخدم في صناعة المأكولات اكانت الخبز او سواها.
وسأل: اذا كان هذا القمح غير صالح لماذا لم يتم تلفه؟ قائلا: الخشية هنا من ان يكون شمله الدعم وتم شراؤه مجددا على اساس انه مستورد.
وخلص المرجع الى التأكيد، ان التهريب الى سوريا قائم ومستمر على قدم وساق، وحتى الاطراف السياسية التي تصوب على حزب الله وتكرر انه يقف وراء هذا التهريب هي ايضا مشتركة بهذه العمليات.
وختم: يبقى غياب الحكومة هو المشكلة الاكبر!