جاء في جريدة “الأنباء” الإلكترونيّة:
وكأنّ جوع الناس ووجعهم وآلامهم، لا سيّما أهالي شهداء انفجار المرفأ المنتفضين في الشوارع، وأمام منازل المسؤولين منذ أكثر من أسبوع، احتجاجاً على التعاطي الرسمي مع مهزلة رفع الحصانات والاستنابات القضائية لمعرفة من تسبّب بهذه الكارثة وسوقهم إلى العدالة، فيما الدولار الأميركي يحلّق في مدار الـ٢٠ ألف والآتي أعظم، لا يستأهل الاستعجال في البت بتشكيل الحكومة بدلاً من الاستمهال ولو لدقيقة واحدة.
الخرق الجديد تمثّل بتقديم الرئيس المكلّف سعد الحريري تشكيلة حكومية من 24 وزيراً لرئيس الجمهورية ميشال عون، بانتظار الجواب عليها اليوم، الأمر الذي لا يبدو أنه سيحصل وفق توقيت بيت الوسط، إنما بتوقيت بعبدا التي علّقت على اللقاء بإيجابية ومرونة ظاهرية، ومفخخات بين السطور، كأن يقول بيان القصر الجمهوري عن التشكيلة بأنها، “مختلفة عمّا كان الاتفاق عليه سابقاً”، في إشارة واضحة إلى عدم رضى على مسودة الحريري، كما تقول مصادر مطلّعة لـ”الأنباء”.
فالأجواء التفاؤلية سيكون مبالغاً فيها تماماً كما الجزم مسبقاً بالرفض القاطع من عون، بانتظار الساعات القليلة التي ستحسم الأمور، والتي قد تتجاوز موعد إطلالة الحريري التلفزيونية، ما يترك الصورة الحكومية ضبابية.
مصادر سياسية كشفت عبر “الأنباء” أنه، وبغضّ النظر عن موقف الرئيس، أكان سلباً أو إيجاياً من التشكيلة التي قدمها له الحريري، فإنّ رئيس الجمهورية أصبح محرجاً جداً إن رفضها أو قبلها، خصوصاً وأن أوساطه ومستشاريه غاصوا بالدستور إلى أعمق أعماقه لاستنباط ما شأنه أن يريحهم من الحريري، أو إيجاد فتوى في مكان ما يتم من خلالها تحديد مهلة التكليف بمدة زمنية وبعدها يقدم اعتذاره في حال فشل في تشكيل الحكومة. لكن الدستور لم يحدّد مهلة زمنية للرئيس المكلّف، فالرئيس تمام سلام أمضى ١١ شهراً حتى شكّل حكومته، وكذلك الأمر بالنسبة للحريري في الحكومتين الماضيتين.
المصادر أشارت إلى الاحتضان الدولي والعربي للحريري الذي لم يحصل إلّا مع والده الرئيس رفيق الحريري، وتوقفت عند الدعم غير المسبوق للحريري من قِبل فرنسا، وروسيا، والفاتيكان، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، عازيةً تراجُع بكركي عن دعمها للحريري، وكلام البطريرك مار بشارة بطرس الراعي حول تحديد سقف للتكليف أنّه أتى بعد الاحتفال بمناسبة مرور مئة سنة على العلاقة بين بكركي والمملكة العربية السعودية، وبالتالي قد يكون انسجاماً مع موقف المملكة غير الداعم للحريري على خلفية التسوية مع عون وموقفه من حزب الله.
المصادر توقفت عند الدعم الذي حصل عليه الحريري أخيراً، وطلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منه التريّث وعدم الاعتذار، وقالت بأنه أمّن له غطاءً شرعياً عربياً، سائلة: “هل يلتقط عون اللحظة، ويتصل بالحريري لمناقشة الأسماء، ثم إصدار المراسيم، أم سيستخدم عبارة هيك مش ماشي الحال، كما فعل في المرة السابقة”؟
أوساط بعبدا لم تخفِ انزعاجها من إعلان الحريري بعد لقائه رئيس الجمهورية أنّه قدّم تشكيلة من ٢٤ وزيراً، وكأنه يريد أن يقول: “أنا مَن يشكّل الحكومة، فإما أن تقبل بها أو ترفضها”، رافضةً استباق الأمور قائلة: “غدا لناظره قريب”.