كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
تتشعّب المسؤوليات وتتوزّع التُّهم في كل اتجاه، لكن الحقيقة واحدة وثابتة، محافظة بأكلمها وأكثر من 600 ألف نسمة، يعيشون من دون محروقات (بنزين ومازوت) لأكثر من أسبوع متواصل. في هذا الصدد ترتفع أصوات المواطنين عبر وسائل التواصل الإجتماعي؛ وتُسمع صرخاتهم على الطرقات وفي الشوارع لا سيما في هذه الأيام وموسم الصيف والحرّ. وخلقت مسألة غياب المحروقات عن عكار موجة من الفوضى والبلبلة، لا سيما على الطرقات، لجهة اعتراض ناشطين وأصحاب مولدات صهاريج المازوت للشركات الموزعة، والسيطرة عليها بحجّة عدم وجود المازوت عند أصحاب المولدات؛ أو بحجّة أنها مُعدّة للتهريب إلى سوريا. هذا الأمر دفع بالعديد من الشركات إلى توقيف شحن المحروقات إلى عكار، كما توقفت محطات عدّة عن فتح أبوابها بشكل كامل، لا سيما وأن الإشكالات صارت ملازمة امام كل محطة تفتح أبوابها لتعبئة الوقود لزبائنها. ونتيجة ذلك تعيش عكار على العتمة منذ أيام لأن التيار الكهربائي لا يأتي لأكثر من ساعة في اليوم، ولأن أصحاب المولدات مارسوا التقنين القاسي الذي يزيد عن 12 ساعة أيضاً، في وقت الناس أحوج ما تكون إلى الكهرباء في فصل الصيف.
في المقابل، تشتد وطأة الأزمة في عكار وتؤثر على حياة الناس بأكملها. وفي توصيفهم للواقع القائم يوزّع المواطنون اللوم على شركات التوزيع والمحطات والمسؤولين السياسيين، لأن المواطن المحتاج إلى المحروقات والذي لا يجد اليوم طعاماً في براده ولا كهرباء في بيته، لن يجد لأي معنيّ بالملف أي عذر طالما الخدمة التي يحتاجها غير متوفرة. فوضى كبيرة تعيشها عكار في ملف المحروقات، ومع تأخر المعالجة، أصبحت القضية عرضة للفوضى في الشارع حيث تقوم مجموعات من الشبان في المناطق بتوقيف صهاريج المازوت المتجهة من منطقة إلى أخرى لإجبارها على إفراغ حمولتها، وكل المناطق محتاجة وكلها بحاجة إلى المحروقات والوضع إلى تفاقم والفوضى أيضاً تخلق توترات بين المناطق. في السياق، أصدر عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب وهبي قاطيشه أمس بياناً دعا فيه إلى “وضع حدّ لظواهر الفوضى التي بدأت تتفشى في عكار، ووضع مخطط مالي وإقتصادي بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية لإنهاض الدولة قبل السطو على الإحتياط الإلزامي ومنحه للمهربين… إعادة السيطرة على الحدود، فلا دولة في العالم إن لم تسيطر على حدودها… كما دعا البيان المواطنين في عكار إلى التشديد على التضامن المجتمعي لإفشال المخطط الهادف إلى إسقاط الدولة وتغيير وجه لبنان الثقافي واللغوي والتاريخي.
مساعٍ على خط الحلحلة
وخلال لقاء جمع النائب وليد البعريني برؤساء إتحادات البلديات ورؤساء بلديات عكارية وأصحاب المولدات في عكار وفاعليات مخيم نهر البارد، لمناقشة أزمة المحروقات المستفحلة، جرت مداولات من الحاضرين بمسببات الأزمة وأطر الحل، ليخرج المجتمعون بآلية للمعالجة تعمل لجنة منبثقة عن اللقاء على متابعتها، وقد تضمنت النقاط الآتية:
– التنسيق مع نواب عكار لوضعهم في إطار المساعي الحاصلة؛ والعمل المشترك لتطبيق آلية المعالجة.
– السعي مع وزارة الطاقة من أجل تأمين “كوتا” من المحروقات لعكار تأخذ بالاعتبار حاجة المنطقة ومؤسساتها، والتنسيق مع الشركات الموزعة في هذا الشأن.
– التواصل مع قيادة الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، من أجل تأمين وصول شاحنات المحروقات إلى عكار وضمان أمنها.
– التواصل مع أهالي وفاعليات طرابلس والمنية ودير عمار، من أجل تسهيل وصول المحروقات إلى المنطقة التي تعاني جميعها من الأزمة نفسها والكل معنيّ بإيجاد الحل لها.
وفي وقت أكد الإجتماع رفع الغطاء عن أي مهرّب، وُجّهت الدعوة إلى قائد الجيش العماد جوزاف عون “الذي نقدّر ونحترم”، لزيارة عكار والإطلاع على الواقع وإعطاء توجيهاته للقوى العسكرية العاملة في عكار لما لزيارته من أهمية في طمأنة المواطنين ورفع معنويات العسكريين أيضاً.
ينتظر العكاريون أن تأتي هذه المحاولات للمعالجة بالحل المطلوب، فتتأمن المحروقات ويعود التيار الكهربائي إلى بيوتهم ومؤسساتهم، بعدما وصلت بهم الأمور إلى حدّ الإختناق من الوضع القائم، وسط موجة غلاء غير مسبوقة وانعدام الأمن والحلول على كافة المستويات.