يا طوابير لبنان… إتحدوا

كتب طوني فرنسيس في “نداء الوطن”:

 

كل المعنيين بمطار رفيق الحريري الدولي لا بد أنهم استغربوا واستهجنوا التدابير المتخذة في شأن “ولوجه”، على حد تعبير وزير الداخلية الميمون، أو في شأن الخروج من ضواحيه بأقل الخسائر المعنوية والنفسية… والمادية.

 

والتدابير المذكورة قضت بمنع دخول المودّعين والمستقبلين الى باحات المطار الداخلية، حيث تتوفر مساحات شاسعة وخدمات تشمل مقاهي ومطاعم وحمامات. كما شملت التدابير فرض انتظار جميع القادمين لاستقبال اقاربهم او أيّ كان في موقف السيارات الذي يستثمره احدهم، من دون توفير أية خدمات تنظيمية وكأنه يضع يده على ارض بوار مهجورة يستغلها في جباية أتاوات غير مبررة.

 

وتنفيذاً لهذه التدابير اصبحت مهمة القوى الأمنية الوحيدة توجيه السير المزدحم الى فخ “الموقف”. وعلى المواطن العالق في ازدحام المحطات ان يكمل تضحيته حتى “الولوج” الى المصيدة، فيصلها وسط الزحام ليدور مجدداً بحثاً عن ركن لسيارته قد لا يجده ابداً.

 

في الأثناء تزدحم الطريق امام مدخل قاعات الوصول بجماهير فرحة بانتظار أهلها وغاضبة على سياسة الجراذين التي تمارسها سلطة “خفية”، تجعلهم يتدافعون على باب منفذٍ وحيد بانتظار اطلالة احبتهم او اصدقائهم، ليستكملوا معهم رواية الفوضى في الداخل في مسالك الـPCR وصولاً الى الحقائب، والانسحاب القهري الى وطنهم العائدين بفرحٍ مسبق اليه.

 

الباحات الشراعية تكتظ مع وصول مزيد من طائرات المهاجرين. وفي الخارج بدأ بعضهم يفكر بتجارة التراكيب واستغلال أكشاك وحتى ببناء مراحيض متنقلة، فاصحاب التدابير نسوا هذه الناحية وأغفلوا حاجات المئات من الكائنات البشرية من حملة الجنسية اللبنانية وغيرهم، الى خدمات أولية في ساعات الانتظار الطويلة.

 

في الحقيقة لن تفهم تدابير المطار الدولي الوحيد ابداً. فإذا كان الخوف من كورونا هو المبرر، فإن جمع الناس فوق بعضهم في مساحة ضيقة ولو مفتوحة كفيل بخلق متحوِّر جديد، واذا كان السبب أمنياً فإن الضغط الذي يُمارس على الحشود الباڤلوڤية كفيل بإحداث انفجار في أي لحظة.

 

بعض سيّئي النية يتحدثون عن اعادة توزيع مغانم بين عصابات مسيطرة عشية الانهيار الشامل وقبل لحظة انجاز حصر الإرث، والبعض الآخر يقول ان الارباح التي تجنيها بورة الموقف كافية لتفسير الكثير من خفايا التدبير العسير… قد يكون في كل ذلك شيء من الصحة، لكن الأكيد أن اذلالاً إضافياً يُمارَس على الشعب اللبناني العظيم، مثله مثل الإذلال على المحطات.

 

في المطار صار لدى اللبنانيين طابور جديد يضاف الى طوابير المصارف والصيدليات والأفران والبنزين، وحري بهذه الطوابير ان تتحد لرفض الإجحاف المريع اللاحق بها.