ما مصير حصّة الـ 900 مليون دولار من صندوق النقد؟

كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:

 

 

 

إستبشرنا خيراً بالخبر الذي تبلّغه وزير المالية بإمكانية إقرار صندوق النقد الدولي اقتراح تخصيص حقوق السحب الخاصة للدول الاعضاء (SDR)، البالغة 650 مليار دولار ليحال بعدها الى مجلس المحافظين لدرسه خلال الشهر الجاري. وبما أنه لدى لبنان حصّة من حقوق السحب الخاصة، من المتوقّع أن يحصل وفق تلك المعادلة على 900 مليون دولار. ما هي الآلية المتبعة للحصول على تلك الحصّة؟ وهل سيتمّ استخدام هذا المبلغ في المكان المناسب، أم سينضمّ الى لائحة المنح والقروض المهدورة والمسروقة والمصروفة من دون جدوى، باعتباره مزرباً جديداً للفساد في ظل انعدام أي بادرة إصلاحية؟

 

 

 

في ظلّ غياب الثقة بالسياسيين، وعدم بذل الحكومة المستقيلة أي جهد لنشل البلد من هوّته، وتفاقم المآسي ووضع اليد على التوظيفات الإلزامية الخاصة بالمودعين، “إذا سلّم صندوق النقد الدولي 900 مليون دولار للدولة الللبنانية، سيُستعمل ذلك المبلغ لتعويم السلطة من دون الشروع بأية إصلاحات”، كما أكّد رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني لـ”نداء الوطن”.

 

 

 

فالمبلغ الذي يترتّب للبنان، يأتي من حقوق السحب الخاصة للدول التي تدفع اشتراكاتها لصندوق النقد وتصل قيمتها الإجمالية الى 650 مليار دولار. واستناداً الى حاصباني “يمكن لصندوق النقد إعطاء الحصص التي تعود لكل دولة ومنها لبنان، كمنحة عندما تدعو الحاجة وهي عادة من حق هذه الدول ولا تأتي مشروطة ببرنامج أو إصلاحات”.

 

 

 

قرض او منحة؟

 

 

 

وبالتالي فلا شروط سنواجهها للحصول على المبلغ، إذ إن هذا التمويل كما أكّد حاصباني، “ليس قرضاً بل منحة من حق لبنان، وهذا أمر يساعد على التعافي لكن اذا صرف مثلاً على بطاقة تمويلية بحسب الإجراءات المطروحة اليوم والرقابة شبه منعدمة لتوزيع الأموال، قد تصبح أكبر عملية تمويل إنتخابية لسلطة فاشلة في تاريخ الديمقراطية الحديث”.

 

 

 

وفي هذا السياق أوضح أنه “عندما تغيب الشروط عن التمويل، تغيب معها الشفافية في الصرف، كما رأينا في السابق”، أوضح حاصباني، مشيراً الى أنه “عندما تغيب الشفافية تستهلك الأموال في الهدر والفساد والمحسوبيات، خاصة وأن مجلس النواب لا يقوم بدور المراقبة والمحاسبة، بل أصبح أشبه بسلطة تنفيذية في غياب الحكومة التي لا يبدو انها حتى تصرف الأعمال كما هو مطلوب”.

 

 

 

عادة الأموال، ولا سيما حقوق السحب الخاصة، تُستخدم ضمن مشروع إصلاح وتعافٍ متكامل، لكن حتى الآن لا توجد أي مؤشرات تدلّ على رغبة أو قدرة السلطة المحليّة على القيام بذلك حتى أنه لا خطة إنقاذية مطروحة، من هنا تبرز الخشية على مصير تلك الأموال في حال وصلت الى يد الحكومة.

 

 

 

وهنا لا بد من التعريج على ملفات القروض الدولية والتي لم نستفد منها لغاية اليوم، لا سيما الـ900 مليون دولار الإضافية من قروض البنك الدولي التي لم تقرّ بعد، حول ذلك قال حاصباني: “هناك محاولة لتحويل وجهتها نحو تمويل الدعم بدل استعمالها لتطوير القطاعات العمالية والبنى التحتية والصحة وغيرها، والتي ستلاقي المصير عينه”.

 

 

 

فرص التعافي

 

 

 

وأضاف: “اذا قبل المجتمع الدولي أي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تحديداً بهذه المقاربة للتمويل واستخدامها لأغراض أخرى، فيكون ذلك تدميراً متعمداً لما تبقى من فرص التعافي وشراء الوقت للسلطة الحالية، ونعود الى نقطة الصفر خلال أشهر”.

 

 

 

وبالنسبة الى الحلول التي يراها مناسبة، قال: “علينا أولا أن نحرص على اعادة تكوين السلطة، ووضع أطر شفافة للدعم المباشر عبر محفظة إلكترونية تسهل مراقبتها، وتشرف على توزيع أموال المؤسسات الدولية مباشرة، إضافة الى الشروع بأسرع وقت ممكن بالإصلاحات الشاملة، لأن سنة تأخير للبدء بالإصلاحات تكلف لبنان 10 سنوات للتمكن من التعافي”.

 

 

 

وبالعودة الى حقوق السحب الخاصة، لا بدّ من الإشارة الى أن مجموع حقوق السحب الخاصة والبالغة 98589 مليار وحدة، قامت بدور بالغ الأهمية في توفير السيولة للنظام الاقتصادي العالمي وتكملة الاحتياطيات الرسمية للبلدان الأعضاء في خضم الأزمة المالية العالمية.

 

 

 

الحقوق استحقاق على العملات المتداولة

 

 

 

فالحقوق تلك ليست عملة ولا استحقاقاً على الصندوق، إنما هي استحقاق محتمل على العملات القابلة للتداول الحرّ الخاصة بالبلدان الأعضاء. ويستطيع الحائزون على حقوق السحب الخاصة اتباع إحدى طريقتين للحصول على هذه العملات، في مقابل ما لديهم من حقوق السحب الخاصة.

 

 

 

الطريقة الأولى هي الاتفاق على إجراء مبادلات طوعية بين البلدان الأعضاء، والثانية هي تكليف الصندوق بلداناً أعضاء من ذوي المراكز الخارجية القوية، بشراء حقوق السحب الخاصة من البلدان الأعضاء ذات المراكز الخارجية الضعيفة. فإضافة إلى دور حقوق السحب الخاصة كأصل إحتياطي تكميلي، فهي تعمل كوحدة حساب في الصندوق وبعض المنظمات الدولية الأخرى.

ويعني ذلك أنه “على بلدان أخرى أعضاء أن تشتري الحقوق التابعة للبنان بالدولار لتأمين السيولة”، كما أكّد حاصباني.

 

 

 

ما حقوق السحب الخاصة؟

 

 

 

حقوق السحب الخاصة هي أصل احتياطي دولي استحدثه صندوق النقد الدولي في العام 1969 ليصبح مكمّلا للأصول الرسمية الخاصة بالبلدان الأعضاء. ويتم تحديد قيمة هذا الأصل اعتماداً على سلّة من 4 عملات دولية أساسية، ويمكن مبادلته بأي من العملات القابلة للتداول الحرّ. واعتباراً من شهر آذار 2016، تم استحداث 204.1 مليارات وحدة حقوق سحب خاصة (أي ما يعادل نحو 285 مليار دولار أميركي) وتوزيعها على البلدان الأعضاء.

 

 

 

وتحدّد قيمة حق السحب الخاص وفق سلّة من خمس عملات رئيسية: اليوان الصيني، الدولار الأميركي، اليورو، الين الياباني والجنيه الاسترليني.