ترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب اجتماعًا حول منصّات تسعير الدولار في السوق السوداء حضره الوزراء غازي وزني، محمد فهمي، ماري كلود نجم، طلال حواط، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات، الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية ومستشار رئيس الحكومة خضر طالب.
واستهل دياب الاجتماع بكلمة قال فيها: “بكل أسف، حتى اليوم لم تتشكّل حكومة جديدة، بعد حوالي ١٠ أشهر و١٨ يومًا على استقالة حكومتنا على الرغم من الوضع الاستثنائي الذي يعيشه البلد. كان يُفترض أن نكون أنهينا المفاوضات مع صندوق النقد وبدأنا بتطبيق خطة التعافي التي وضعتها حكومتنا لكي يخرج البلد من الأزمة المالية العميقة. لكن للأسف، ما زال البلد يدفع ثمن تجميد خطة التعافي بعدما تسببت السياسات المالية الخاطئة على مدى عشرات السنين بهذا الإنهيار الذي أطاح بالاستقرار الاجتماعي. من الطبيعي أن يعبّر الناس عن وجعهم ضد هذه النتيجة التي وصل إليها البلد: إنهيار مالي واقتصادي وارتفاع جنوني بأسعار المواد الغذائية وفقدان البنزين والمازوت وانقطاع الكهرباء…لكن، أريد أن أتوقف عند ثلاث ملاحظات:
ـ الملاحظة الأولى، هناك فرق كبير بين صرخة الوجع والاعتراض وبين الفوضى والشغب والإعتداء على أملاك الناس وقطع الطرقات والإعتداء على الجيش والقوى الأمنية. لا يمكن تبرير ما يحصل في الشوارع أو اعتباره بريئًا أو يعبّر عن الناس الموجوعين فعلًا من الإنهيار المالي. أنا مع اعتراض الناس، ومع صرختهم، ومعهم أن يطالبوا بتغيير مسار البلد، ومعهم بالإصلاح، ومعهم باسترجاع الأموال المنهوبة والمهربة، ومعهم بمكافحة الفساد… أنا مع كل هذه المطالب، ومع اعتراض الناس في الشارع مثل انتفاضة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩. انتفاضة ١٧ تشرين كانت نموذجًا رائعًا. لكن ما يحصل اليوم يشوّه صرخة الناس ويضيّع مطالبهم. ما يحصل هو ضد الناس، وليس لصالحهم. تكسير سيارات المواطنين والإعتداء على أملاكهم وقطع الطرقات عليهم، من يخدم؟
ـ الملاحظة الثانية: ما السرّ أن كلما لاحت فرصة استفادة من موسم سياحي ومن حجم الأموال التي تدخل إلى البلد نتيجة هذا الموسم ونتائجه الإيجابية، تحصل فوضى في الشارع؟ حجم الحجوزات السياحية هذه السنة أكبر من توقعاتنا، والتقديرات كانت تتحدث عن دخول بين ٤ و٥ مليار دولار إلى البلد في هذا الموسم، وعن نشاط اقتصادي كبير يساعد البلد على الصمود في هذه الأزمة.
ـ الملاحظة الثالتة، أن البلد كلّه: الدولة ومؤسساتها، مصرف لبنان و٦٤ مصرفًا، وشركات ومحلات و٦ ملايين نسمة، تتحكّم بهم منصّة أو منصّات تحدّد سعر الدولار وترفعه وتخفضه، ولا أحد يعرف المعايير لارتفاع أو انخفاض سعر الدولار في السوق السوداء.كيف نقبل على أنفسنا أن منصّة مجهولة، لا نعرف من يديرها، ولا نعرف من وراءها وما هي أهدافه، أن تتحكّم بمصير دولة وشعب؟!إنه لشيئ غريب.
هل يُعّقل منذ سنة ونصف إلى اليوم لم نستطع أن نعرف شيئًا عن هذه المنصات، ولم نستطع إيقافها، ولم نقم بشيء لمواجهتها؟! هل يعقل أن هذه المنصّات أقوى من القضاء والأجهزة الأمنية والمعلوماتية؟ هل يعقل أن هذه المنصّات أقوى من الدولة؟! هل يعقل أنه ليس لدينا قدرة على تعطيل هذه المنصّات؟ هذا عجز فاضح، وهذا انكشاف بلد وشعب بكامله. ما يحصل هو خارج حدود المنطق.
منذ سنة ونص السنة ونحن أسرى منصات تحدّد مصير ومستقبل وطن وشعب. لذلك، اليوم أردت أن أعقد هذا الاجتماع لكي نضع حدًّا لهذا الفلتان الذي يحصل بتسعير الدولار من منصّات سوداء لديها أهداف مشبوهة وتدفع البلد نحو الإنفجار”.
وتم الإتفاق في الاجتماع على أن يتولى القضاء ملاحقة المتلاعبين بالدولار والعمل لإقفال جميع منصّات تسعيره وتفعيل الإجراءات الهادفة إلى قمع التلاعب بأسعار السلع التي يتم استيرادها على منصة صيرفة مصرف لبنان.