ثروة لبنانيّة في خزائن محصّنة… من أين لنا هذا؟

كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:

 

 

فيما يحتلّ لبنان مواقع متقدمة على سجلات الانهيار وضمن قوائم البلدان التي تشهد انكماشا ضخما وتراجعا بمعدلات النمو والاستقرار… يبدو مثيرا للاستغراب أن هذا البلد نفسه يمتلك ثروة من الذهب تضاهي، لا بل تفوق ما تملكه أغنى دول العالم وأكثرها ازدهارا. ولكن من أين لنا هذا؟ وما الهدف من جمع كل هذا الذهب؟ وهل يمكن ان يكون سبيلنا للخلاص من الارتطام الكبير؟

 

 

 

يملك لبنان احتياطيا من الذهب يبلغ 287 طنا ما يعني حوالى 10 ملايين أونصة تبلغ قيمتها 18 مليار دولار، ما جعله في المرتبة 20 عالميا على لائحة الدول التي تملك احتياطيات من المعدن الأصفر، متفوقا بذلك على بلدان نفطية بارزة.

 

يحتفظ لبنان بثلث احتياطه من الذهب أي ما يوازي أكثر من 3 ملايين أونصة، في قلعة “فورت نوكس” التي تخضع لحراسة أميركية مشددة، فيما يبقي على الثلثين في خزائن المصرف المركزي المحصّنة جيدا.

 

 

 

من أين لنا هذا؟

 

 

القصة بدأت مع الرئيس الياس سركيس، الذي بادر، وفي خضم الحروب والنزاعات التي طبعت عهده، إلى شراء أكثر من خمسة ملايين أونصة ذهب لحساب خزينة الدولة محققا بذلك الاستقرار النقدي، ومُبعدا شبح الجوع عن شعبه. وفي ما بعد، أكملت الحكومات المتعاقبة المسار نفسه وعمدت إلى شراء المزيد من الذهب لزيادة احتياطيات مصرف لبنان، إلى أن توقف كل ذلك عام 1971، مع ما عرف بـ”صدمة نيكسون”، حينما اعلن الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون فك ارتباط الذهب بالدولار وذلك بفعل تزايد الضغوط على شراء المعدن الاصفر.

 

 

 

 

 

هل من الممكن بيعه أو تسييله؟

 

 

مرات كثيرة، تُطرح ثروتنا من الذهب كاقتراح حل للخروج من الأزمة المالية المستفحلة في لبنان، خصوصا مع انعدام أي إجراءات أو سياسات للنهوض بالبلاد وتجنيبها الكأس المرّ، إلا ان هذا الامر ليس بالسهولة التي يظنها البعض. فالبيع غير ممكن، وذلك وفقا لنص تشريعي صدر عن مجلس النواب عام 1988، حيث تم ربط الذهب حصرا بالمصرف المركزي والذي يعتبر مؤسسة مستقلة وذلك لحمايته من اي ملاحقات دولية قد تتعرض لها الدولة مما يجعل الحجز عليه أمرا مستحيلا، وقد تكون الازمة الحالية والتخلف عن سداد الديون المثال الأبرز عن ذلك وبالتالي فإن أي نية للبيع تحتاج إلى قانون يصدر عن السلطة التشريعية.

 

 

ينادي البعض في الآونة الاخيرة بضرورة الاستفادة من الذهب، أو اللجوء إلى تسييل جزء بسيط منه، في سبيل إنقاذ بعض القطاعات وخصوصا الصحية منها، خصوصا ان البلاد تتجه إلى الهلاك من دون أي نيّة بالإنقاذ، غير أن هذا الأمر، وعلى اهميته، قد يكون، منفذا كغيره للسرقات والفساد… أفليس كل ما وصلنا إليه اليوم كان نتيجة السرقات والاستفحال في هدر مقدرات الدولة… وآخرها استنزاف الاحتياطيات النقدية لمصرف لبنان؟

 

هل يمكن أن نسلّم ثروتنا من الذهب إلى من سرقونا ولا يزالون؟ وكيف لنا أن نثق بمن نهبونا ودمروا مستقبلنا وأكلوا الاخضر واليابس؟

 

فلنترك الذهب جانبا… إلى أن يأتينا رئيس ومسؤولون من ذهب!