تتوالى فصول الذلّ والمهانة على الطرق العامة، والمستمرّة منذ أشهر، حيث طوابير السيارات تمتدّ كيلومترات في العاصمة بيروت وساحل المتن وكسروان، وكل المناطق من الشمال الى الجنوب وصولا الى مناطق الداخل، إذ سعى المواطنون إلى اقتناص ما أمكن من الليترات من المحطّات عشية عطلة نهاية الأسبوع. شمالا، نقل مراسل “النهار” في عكار ان حالا من التوتر سادت محطات محروقات عدة، وتكثر الإشكالات على أفضلية الوقوف أمام خراطيمها التي لا تفتح أبوابها إلّا لبضع ساعات، بحجة أنّ خزاناتها شارفت النضوب، في وقت تكاثرت الأحاديث عن عمليات التهريب التي تحصل بُعيد منتصف كلّ ليلة، وكذلك بيع البنزين في الغالونات في السوق السوداء. ويتكرر المشهد نفسه عند أبواب الصيدليات للحصول على أدوية مفقودة من السوق، مع ما يعني ذلك من خوف على صحّة المرضى وحياتهم، خصوصا الذين يعانون أمراضاً مزمنة.
أمّا في أقضية زغرتا، بشري، الكورة، البترون، وطرابلس، فبحسب مراسل “النهار” أنّ “مشهد أمس يحاكي مشاهد الأيام التي سبقت، إذ لا تزيد الكميات التي تزوّد بها المحطات السيّارات عن 30 ألف ليرة إلا للصليب الأحمر والسيارات العسكرية”.
في منطقة بعلبك – الهرمل، لا جديد في أزمة شحّ مادّة البنزين سوى المزيد من الذلّ والانتظار في طوابير طويلة لملء كميّة لا تتعدّى الـ10 ليترات فقط. وأفاد مراسل “النهار” في بعلبك أنّ “المشهد مماثل عند الحدود الشمالية من جهة الهرمل”. وبحسب شهود عيان، فإن طوابير كبيرة ومتراصة، وعلى مدار الساعة تجري عمليات تهريب المادة، التي هي من حق اللبنانيين فقط، عبر الدراجات النارية والبغال. إلى ذلك، وقع اشكال داخل إحدى المحطات في شارع العرب في الطريق الجديدة، على خلفية أفضلية تعبئة الوقود، تخلله تضارب بالايدي وإطلاق نار في الهواء.لكن يبدو ان الامور قد تشهد بعض الحلحلة المحدودة في الايام المقبلة، حيث أكد رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض، في اتصال مع “النهار” أنّ مصرف لبنان #فتح اعتمادات لباخرتي محروقات كانتا راسيَتين في عرض البحر، وستفرغان حمولتهما خلال يومين، الأمر الذي يحلّ الأزمة لمدة أقصاها 25 يوما. وأضاف فياض أنّ “5 بواخر أخذت أذونات جديدة، وستأتي إلى لبنان في الأيام المقبلة”. وأول من أمس، أشار بيان مشترك بين مصرف لبنان ووزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر، الى أن كميّات البنزين والمازوت والغاز المنزليّ التي تمّ استيرادها خلال العام 2021 وحتى تاريخه تمثل زيادة بحدود 10% عن الكميات المستوردة خلال الفترة عينها من العام 2019، كما كان غجر أكّد وجود 66 مليون ليتر بنزين في خزانات الشركات المستوردة، و109 ملايين ليتر مازوت، اضافة إلى الكميّات المتوافرة لدى محطّات التوزيع وغير المحدّدة، ما يكفي السّوق اللبنانيّة لمدة تراوح ما بين 10 أيام وأسبوعين. وبحسب المعلومات، ثمة ما بين 20 الى 30 مليون ليتر في خزانات الشركات و40 مليون ليتر في باخرة تفرغ حمولتها، وتستهلك السوق اللبنانية من 6 الى 7 ملايين ليتر يوميا في الظروف الطبيعية. اما اليوم، فالحاجة هي الى حوالى 10 ملايين ما يعني ان 66 مليون ليتر تكفي 6 ايام.
بدوره، طمأن عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس الى ان لا انقطاع لمادتيّ البنزين والمازوت في الوقت الحالي، طالبًا من المواطنين عدم اذلال أنفسهم في طوابير أمام المحطات، لأن المواد متوافرة في المستودعات وتكفي 15 يوما، وفي الأيام المقبلة ستصل بواخر عديدة الى لبنان، مؤكدا ان الشركات توزع في السوق المحلية، وبتوقيع مصرف لبنان على الاعتمادات ستزداد الكميات الاضافية من المحروقات في الشركات وبالتالي في السوق. وشدد البراكس على ضرورة ايجاد حل للمحطات الموجودة في الاطراف كي يصلها البنزين، مشيرا الى أن “هذا هو دور وزارة الاقتصاد الذي يجب ان تعمل عليه”.