كتب عمر الراسي في “أخبار اليوم”:
كان لافتاً ما أدلى به المتحدث باسم صندوق النقد جاري رايس، عن أنّ “لا نرى حاجة لتطبيق قانون مراقبة وضبط رأس المال (الكابيتال كونترول)، خاصة من دون دعم من سياسات ملائمة مالية ونقدية وأخرى لسعر الصرف”، في وقت يعتبر فيه الاقتراح الذي اقرته لجنة المال والموازنة النيابية يوم الثلثاء الفائت، انجازا لا سيما بالنظر الى ما يعاني منه لبنان من تدهور مالي ونقدي واقتصادي.
صحيح ان “الكابيتال كونترول” لا يشكل الحل للازمة الراهنة الا انه اجراء لا بد منه، ويجب- بحسب خبراء اقتصاديين- ان يترافق مع منع التهريب الذي يُخرج من البلد سنويا ما بين 3 و 4 مليار دولار، وقد تكون الدولارات المهربة اكبر بكثير من التحويلات عبر المصارف. ووضع اسس واضحة للمصدرين بـ”السعر المدعوم” الذي يجمدون اموالهم في الخارج وهنا يقدر المبلغ ايضا بـ3 مليار دولار.
هذا ويعلم الجميع ان لا انقاذ فعلي الا من خلال خطة اصلاح شاملة لكل القطاعات، يتم وضعها بالتعاون مع صندوق النقد والبدء بتنفيذها باسرع وقت ممكن.
من جهته، اوضح كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس نسيب غبريل انه لا يمكن اعتبار ما صدر بالامس بيانا رسميا عن صندوق النقد، بل الناطق باسمه جاري رايس يعقد مؤتمرات صحافية بشكل دوري، سئل عن الوضع في لبنان فكان الجواب.
وشدد غبريل، في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” انه حين يكون هناك ازمة على غرار تلك الواقع فيها لبنان، يتوقف تدفق الاموال ويترافق مع اقبال على السحوبات المصرفية، لذا فان اول اجراء يجب ان يتخذ هو اقرار الكابيتال كونترول ، ولاحقا يضع المسؤولون خطة الاصلاح والانقاذ ويتفاوضون مع صندوق النقد، وبالتالي كان يفترض منذ ايلول او تشرين الاول العام 2019 اقرار هذا القانون ووضعه موضع التنفيذ، ولكن الامور السياسية حالت دون اقراره.
وقال: لو كان هناك ادراك لدى السلطات المحلية لكان اول اجراء يتخذ هو اقرار الكابيتال كونترول وبعد ذلك تأتي الخطة، ولكن بعد عام ونصف العام ظهر اقتراح قانون الكابيتال كونترول واحيل الى الهئية العامة.
واضاف: على الرغم من التأخير الا ان هذه الخطوة تعتبر امرا ايجابيا، مشيرا الى ان الاجراءات اللازمة وان كانت احادية وليست ضمن خطة انقاذية شاملة تبقى افضل من لا شيء.
وفي هذا السياق، استطرد، غبريل الى التوضيح ان تعاميم مصرف لبنان- الذي انتقدها الناطق باسم صندوق النقد في كلامه بالامس ايضا- تملأ الفراغ الذي تركته السلطات السياسية منذ بدء الازمة، خصوصا في الاشهر العشرة الاخيرة، لجهة عدم تشكيل الحكومة ووضع برنامج اصلاحي انقاذي والعودة الى طاولة المحادثات مع صندوق النقد.
من جهة اخرى، اعتبر غبريل ان صندوق النقد قد يكون محقا لان الهدف لا يجب ان يقتصر على وقف التحويلات الى الخارج واعطاء الاستثناء، بل لجم الكتلة النقدية في السوق كون الكابيتال كونترول له علاقة بسعر الصرف، ولجم تدهور الليرة وتحديد سعر الصرف، لذا هذا القانون يجب ان يترافق مع خطة متكاملة.
وردا على سؤال، اوضح ان تصريح رايس مستغرب، لان صندوق النقد يعرف طبيعة الوضع في لبنان، ويدرك ان منذ 10 اشهر لا توجد ارادة لتشكيل الحكومة، كما انه منذ سنة ونصف السنة لم يتخذ اي اجراء جدي للخروج من الازمة ووقف التدهور النقدي والمالي والاقتصادي، وبالتالي هذا التصريح لا يحاكي الواقع.
وهنا شدد غبريل على ان كل اجراء يكون في محله وضروري وبديهي في معالجة الازمة وان كان لا يؤدي الى حلها، وختم علينا التركيز اننا بحاجة مشروع انقاذي متكامل كي يستطيع الكابيتال كونترول ان يكون مفيدا ويؤدي المفاعيل المتوخاة.